كورونا…وحاجتنا إلى الاستثمار في العالم القروي

بقلم : عبد اللطيف مجدوب 

أي امتياز للقروي يصوم معفى من الحجر الصحي وحظر التجول !

يعيش المغرب ؛ من أقصاه إلى أقصاه ؛ على وقع ارتفاع إجراءات احترازية مشددة للوقاية من تفشي الوباء الكوروني ، كالحجر الصحي الذي سيمتد مفعوله إلى غاية 20 من مايو .. يليه حظر التجول ؛ كما أعلنته وزارة الداخلية ؛ من الساعة السابعة مساء إلى الخامسة صباحا ، طوال شهر رمضان .
إنها وضعية اجتماعية جد دقيقة أو بالأحرى امتحان عسير ؛ لا للأفراد ولا للأسر ولا حتى للسلطات المحلية ؛ من الصعب التكهن بتداعياته ولا بالقضايا الصحية والتربوية والسوسيواقتصادية التي ستنجم عنه .. إلا أن سكان القرى والأرياف ـ فيما يبدو ـ سينعمون بالصيام في ظروف آمنة وأقل تعقيدا وخطورة من سكان المدن ، باعتبار الفضاءات الرحبة التي يتميزون بها عن سكان المدن ؛ كتناثر الوحدات السكنية وتباعد المداشر ، ونقاء المياه والهواء ، علما أن وزارة الصحة ؛ ومنذ شروعها في الإحصائيات اليومية لوباء كورونا كوفيدـ19 وحتى الآن ؛ لم ترد في أرقامها حالات مرضية تم اكتشافها أو ضبطها بين سكان القرى والبوادي ، وهي ظاهرة طبيعية لطالما عاش القرويون في منأى عن الاختلاطات والازدحامات والاحتكاكات ؛ كما الحال في المدن ؛ أو انتقلت إليهم عبر وافدين غرباء إذا استثنينا الأسواق الأسبوعية التي منع إقامتها منذ وقت مبكر .

الهجرة القروية المضادة

في ظل الشلل السوسيواقتصادي الذي أصاب المدن والمراكز القروية ؛ جراء هذا الوباء الفتاك ؛ أصبحت الحاجة ملحة إلى الإقامة القروية والاستقرار بأحضانها بعيدا عن كل آفة وبائية بدرجة الشراسة التي يحصد بها فيروس كورونا ضحاياه ، لكن من المؤكد أن هذه الهجرة المضادة ؛ وفي الظرفية الدقيقة الراهنة ؛ ستكلف غاليا كأن يتوجه اهتمام الإنسان المدني (المنتمي إلى المدينة) إلى تعمير القرى والانتقال بالنمو العقاري والزراعي إلى خارج ضواحي المدن ؛ نشدانا للإقامة في بيئة طبيعية نظيفة ، بعيدا عن ضجيج وصخب المدن .

ولعل الوباء أفرز تحولات عميقة في السكن البشري الذي تخندق ؛ منذ الطفرة الصناعية الكبرى التي ظهرت معالمها بأوروبا بداية القرن التاسع عشر ؛ داخل المدن في علب وصناديق محاطا بمناخات حالكة من الضوضاء والتلوث ، فقد آن الأوان ليتحول هذا السكن ؛ وفي هذه القوالب الجاهزة ؛ إلى سكن (طبيعي أخضر) محاط بوحدات من صميم البيئة الخضراء ، كالأنهار والأشجار والماشية .. في منأى عن بؤر ومصادر التلوث . ومن المحتمل جدا أن يحول توجهنا الجديد هذا إلى الاستثمار في هذه البيئة والبحث عن الإقامة الآمنة البعيدة عن الأوبئة والأمراض التي اعتادها سكان المدن والحواضر الكبرى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى