أُسُود علينا وأمام “كورونا” نعامات

 بقلم / محمد الشمسي
لم تصل “كمامة الحكومة” بعد لعدد من أحياء سيدي البرنوصي بالدارالبيضاء، وقد تعبنا من تقفي أثرها، حتى اضطررنا غير باغين ولا عادين للجوء نحو متجر تركي، واشترينا كماماته “ب14 درهما”، وهي كمامات صنف ثلاثة في واحد  “كمم وصبن وعاود كمم”، وطبعا “كون عولنا” على كلام العثماني ووزيره في التجارة والصناعة، “كون تشدينا في الحبس وكملنا العقوبة”،  وطبعا ” يخسر لينا السجل العدلي عا بكمامة العثماني” ، و عموما لا زلنا ننتظر أن تطل علينا شاحنات الحليب محملة ب”الكمامات” و”بناقص من الحليب”.
لكن سيدة سياسية فرنسية، سألت رئيس دولتها كيف للمغرب أن ينتج 5 ملايين الكمامات ليكمم كل الشعب، وأنتم عاجزون عن توفير كمامات للفرنسيين؟، سؤال المرأة  غير بريء فهي سياسية مصبوغة بطلاء عنصري، وسؤالها فيه نفحة قوية من التعالي والتباهي والنظرة التحقيرية والدونية، ويبدو أن فيروس كورونا هذا أفقد أصدقائنا الفرنسيين صوابهم، فهم باتوا “عنصريين بالعلالي”، فبالأمس طلع علينا دكتور متعلم ومثقف و”كبير”، ليقترح علينا تحويل القارة الإفريقية لمختبر تُجرب فيها المختبرات الأوروبية لقحاتها وأدويتها في أجساد الأفارقة، فهم بحسب هذا الطبيب يصلحون لهذه المهمة أحسن من الفئران على ما يبدو.
وطبعا لا ننتهج أسلوب التشفي، فلكم يحزننا ما يجري في فرنسا وإيطاليا وكل بقاع العالم، من موت بالآلاف لبشر هم منا وإلينا نتقاسم معهم عقيدة الإنسانية ، والمصير المشترك في هذا العالم الفسيح الذي هو ملكنا جميعا على قدم المساواة وبدون اختلاف في  الديانات أو الجنسيات، رغم أن هذا الشعار نحن الضعفاء فقط من يؤمن به، فأما الأقوياء الذين لم يهُدّهم سوى هذا الوباء فلا يرونا أهل حق في هذا الكون، وبالكاد يضعوننا في مداخل بيوتهم كأشياء غير ذات قيمة.
ربما تكون السياسية الفرنسية أصابها قبس من كورونا، فأفقدها التركيز من قلة مناعتها السياسية، فالكمامة المغربية التي تحسدنا عليها لم تصلنا نحن الذين تبعد بيوتنا بضع أمتار عن شركات تصنيعها، أما لماذا صنعها المغرب ولم تصنعها فرنسا؟، فهذا سؤال مرتبط ليس بالقوة والعجرفة وحتمية التفوق، بل هو مرتبط بالرغبة والطموح والإصرار، وهي أسلحة لا تتوفر في من يرى نفسه أحسن الناس وأقوى الناس وأفضل الناس، وما دونه بالكاد يصلحون ليكونوا أرانب مختبرات.
وسواء وصلتنا الكمامة أم لم تصلنا فإن صهدها وصل إلى فرنسا، ويكاد يقتل العنصريين هناك بغيظهم، وهاهو الوباء الفتاك يداهم قلاعكم، فأرونا فيه قوتكم وبأسكم، أم أنكم أسود علينا وأمام كورونا نعامات كما قال الشاعر عمرا بن حطان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى