تفاعلا مع مبادرة “ماذا بعد كورونا” .. خبير اقتصادي يدافع عن المقاولة المغربية

هبة بريس ـ الرباط

تفاعل الخبير في الاقتصاد الاجتماعي، عبد العزيز الرماني، مع مبادرة حزب التجمع الوطني للاحرار، بفتح باب استقبال مقترحات المغاربة لمرحلة “ما بعد كورونا”، وكذا مع مساهمة رئيس الحزب عزيز أخنوش.

وفي هذا الصدد، قال الرماني في مداخلة له : “أنوه بالمبادرة التي فتحها هذا الحزب لإغناء النقاش،على ان يكون التفاعل حرا طليقا وبدون حساسيات مهما كانت مرجعيتها،مادام الأمر يتعلق بقضايا وطنية وبنقاش فسيح لخدمة المصلحة المغربية”.

التفاعل مع تدوينة رئيس الحزب الذي أدلى بدلوه في هذه المساهمات، يقول الرماني، مهم جدا شرط أن لا يكون هناك نوع من الاستهداف او التبخيس لان التركيز يجب ان يكون على المضامين المطروحة اولا حسب مساهمات الفاعلين، وبالتالي فقراءة مقترحات رئيس هذا الحزب من المفترض ان تكون مبنية على مقترحات موجهة ووازنة دون ةحري٤ او تبخيس.

و بالنسبة لي كخبير اقتصادي، يستطرد الرماني، اجدني منسجما مع المواقف الذي تحدث فيها أخنوش عن زرع حياة اقتصادية جديدة في فترة ما بعد ازمة كورونا شعارها استعادة عافية الانتاج الوطني وتشجيع الانتاج الوطني عبر اعطاءه الافضلية في الاستهلاك دعما للمقاولة المغربية وتشيطا للتشغيل والانتاج .
وعليه، فإنه لا يجب تضييق حصر قراءة تقوية النسيج المغربي بانها دعوة لدعم المقاولة المغربية على شكل مساهمات او منح ،بل يجب تناول الموضوع من جانب تقوية المنتوج الداخلي وتشجيع الابداع والابتكار والتسريع الصناعي والبحث العلمي وهذه هي أسس المرحلة المقبلة.

وأكد الخبير، أن تقديم قراءات ترتكز على خلفيات سياسية، بمقدرات معرفية ضعيفة في المجال الاقتصادي هو المشكل، ولرفع هذا اللبس، سأكون مضطرا لتبسيط الخطاب حتى يصل مدلوله لمن صعب عليه رسم ملامح موضوعية بدون خلفيات سياسية او ديما غوجية او ذاتية.

وشدد على أن النقاش الذي خلقه أخنوش وحزبه يصب في اتجاه توسيع دائرة الحوار كي يكون عاما ووطنيا يساهم فيه الجميع كل حسب مرجعياته مهما اختلفت مع المقترحات المطروحة،لأن ما يهم في هذه المساهمات هو طرح حلول واقعية،وصالحة للتفعيل ولمساعدة مستقبل البلاد كي يتعافى اقتصادها بشكل سريع.

وتابع قائلا: ” إن ما يهمني في المقترح الذي تقدم به ليس هو الجرأة السياسية لوحدها بل هو تجاوز الفعل النمطي المعتاد في الزمن العادي. فلا أحد ينكر أهمية القرارات المؤسسية التي يجب أن تحترم، كسقف المديونية، والتوازنات الماكرو اقتصادية، ونسب التضخم، ونسب العجز الميزانياتي، والاحتياطي من العملة الصعبة، وتوازن الميزان التجاري، الخ. لكن المؤشرات والمؤسسات والقرارات التي ليس باستطاعتها التكيف مع التغيرات الداخلية والخارجية، تصبح مع مرور الزمن مؤشرات سلبية، وقرارات ومؤسسات معرقلة أكثر منها دافعة للنمو والتطور والتقدم. وهنا تكمن الخيارات الصعبة المؤلمة. وهنا أيضا تكمن القوة الاستشرافية القادرة على مقاربة قضايا المستقبل قبل وقوعها.”

أما الفاعل الاقتصادي الذي تحدث عنه رئيس حزب التجمع فهو،من وجهة نظري، الاسرة المغربية ،وما تشكله من قوة استهلاك للمواد والخدمات؛ والمقاولات المستهلكة للمواد الخام، والاستهلاك الوسيط وعوامل الإنتاج الأخرى، وعلى رأسها أجور العمال والمستخدمين، المنتمين إلى الأسر، ويشكل هذين الفاعلين الاقتصاديين، الأسرة والمقاولة، سوقا كبرى للإنتاج والاستهلاك، إضافة إلى سوق المال.

واسترسل الرماني بالقول: “نعلم جميعا أن موارد الدولة المغربية ترتكز أساسا على الضرائب المتأتية من المعاملات التجارية، كالضريبة على القيمة المضافة، والضريبة الداخلية للاستهلاك، وغيرهما؛ قبل الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات. ويعلم الجميع أن تدهور هذه الموارد سيضع الحكومة في مأزق العجز على مواصلة تمويل القطاعات الاجتماعية، بل سيضعف قدرتها على تسديد الديون بشكل عام”.

وبلغة جد بسيطة، يضيف، لا تحتاج إلى المعرفة الفلسفية ولا الاكاديمية، نقول إن الأنظمة مترابطة فيما بينها ويؤثر بعضها على بعض، وكل مقاربة معزولة عن الأخرى سيحدث اختلالا في المنظومة ككل، حيث يتداخل النظام السياسي مع الاجتماعي مع الاقتصادي مع الثقافي، إلخ. فإذا تعطل النظام السياسي، تتعطل باقي الأنظمة؛ وإذا اختل النظام الاقتصادي، أو أحد الفاعلين، الأسرة أو المقاولة أو هما معا، اهتز النظام الاجتماعي بكامله. وهنا لست مضطرا للحديث عن التقويم الهيكلي وآثاره التي لا زالت متداعية إلى اليوم، ولا الأزمة المالية العالمية لسنة 2008. من المؤكد أن الكلام الطيب يتوقف عند حدود المواساة في حالة الازمة، لكنه لا يستطيع مواجهة متطلبات المجتمع الآنية والمستقبلية، وما أكثرها.

وشدد على أن التركيز على تشجيع الاستهلاك الداخلي يجد مبرراته في الحفاظ على القدرة الشرائية لفئات المجتمع المتضررة من توقف الأنشطة الاقتصادية، جراء توقف المقاولات عن الإنتاج، استجابة للحجر الصحي بالخصوص، وأيضا الحجر الصحي الدولي الذي أغلق حدوده في وجه الصادرات، مشيرا الى أن الدفاع عن المقاولة المغربية هو بداية الدفاع عن الأسر المغربية وآلاف مناصب الشغل، وعن المداخيل القارة لهذه الأسر التي اكتسبت كرامتها باكتسابها دخلا قارا، كما أن الدفاع عن المقاولة المغربية هو الدفاع عن استقلالية القرار السيادي للمغرب وعدم ارتهانه للمنظمات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما.

و الدفاع عن المقاولة المغربية، يشدد الخبير في الاقتصاد الاجتماعي، هو الدفاع على تنافسية الاقتصاد الوطني حتى يحافظ على موقعه في سوق العالمية
وهو الدفاع عن مستوى معين من احتياطي العملة الصعبة وهو محاربة التضخم والحد منه، ومواصلة تحسين موارد الدولة من ضرائب توجه إلى تمويل الامن الداخلي والدفاع عن الحدود و الاستمرار في الإنفاق الاجتماعي عبر تمويل برامج التعليم والصحة.

كما الدفاع عن المقاولة المغربية هو الاستمرار في تطوير الموروث الثقافي، أي صيانة الهوية المغربية، وهو الدفاع عن المقاولة الذاتية التي تشغل الحداد والحلاق والميكانيكي والفلاح والبحري وأصحاب المهن الحرة وسائق التاكسي وغيرهم كثير. وفق مداخلة الرماني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى