“عام كورونا” أو “عام لكمامة” أو “العام اللي كان فيه السلام حرام”

بقلم : محمد الشمسي

سينضاف “عام كورونا” إلى قائمة الأعوام التي يؤرخ بها مغاربة الجيل الأول تواريخ الازدياد وتواريخ الوفيات و تواريخ المناسبات، ويشِمُونها في ذواكرهم وشما، بالنظر إلى حجم الخراب والدمار والرعب الذي خلفته تلك الأعوام المروعة ، فهناك “عام البون” و”عام الهيف أو عام الجوع أو بوهيوف”، و”عام يرني” و”عام الجراد” و”عام السيبة” و”عام رفود الملك”، وهي ذكريات مظلمة نقشتها أهوالها في نفوس السلف من المغاربة، حتى باتوا يعتمدونها تقويما تاريخيا، في زمن كانت فيه مسألة التأريخ ميزة وفضلا أو سرا لا يعرفه أو يعلم به سوى النخبة المتعلمة المستوطنة في المدن على قلة المدن وعلى قلة تلك النخبة، وفي مجتمع كان يعيش حقبة بدائية حيث الاقتيات على الأشجار، وستر الأبدان ب”الشي اللي كان”، والترحال الدائم، وسيطرة القوي، وطغيان قبائل على أخرى، وعموما انعدام كل مقومات المجتمع الحضاري .

وميزة “عام كورونا” أنه يأتي في زمن الطفرة التقنية والغزارة المعلوماتية التي ترصد حركة الوباء بالساعات وبالصوت والصورة، عكس إخوته من الأعواد المعلومة التي ازدردتها بالوعة التاريخ، وطوتها في غياهب المجهول، كما يتميز عام كورونا باجتياح فيروسه لكل دول العالم ، عكس باقي النكبات المشئومة الأخرى التي ضربت المغرب دون غيره، لكن من جهة أخرى وجد عام كورونا البشرية قد استعادت الكثير من إنسانيتها وسنت لها دساتير وقوانين، نظمت نفسها في مجتمعات متماسكة ومنظمة، وطورت حضارتها على مستويات جودة الحياة من قوة الصحة ووفرة التعليم وغيرها من الحقوق، لذلك اصطدم كورونا بقلاع محصنة بالمختبرات ومعاهد الأبحاث وتقدم طبي وصيدلاني، مما ساهم في كسر شوكته، و ترويضه والتقليل من خسائر هجمته، ففيروس بهذه المواصفات كان سيقتل الملايين في الأسبوع الواحد لو ضرب الإنسانية وهي في زمن تخلفها وتقهقرها، فقد لا يصل بأهل الميت حتى لمعرفة سبب وفاة قريبهم، وقد يخرجون من حفل العزاء بمزيد من الضحايا وهم لا يعلمون.

سيذكر المغاربة عام كورونا بالعام الذي أغلقت فيه المساجد و المدارس والمعاهد والجامعات، وعام “رمضان بلا تراويح”، وعام “لقراية في الدار”، وعام “ممنوع الخروج من البيت” إلا “بورقة المقدم”أو “الحبس”، وعام “لا حج لاعمرة”، وعام “ممنوع الزحام في الطوبيسات والطاكسيات”، وعام “جافيل ولانكول”، لكن التسمية الأقرب ليحملها عام كورونا هي “عام لكمامة” أو “العام اللي كان فيه السلام حرام”، نجانا الله وإياكم من شي “عام خايب” رحم الله عبدا قال آمين.

 

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. العام اللي ضهروا فيه صحافيين فحالك وامثالك فرحانين براسهم
    ما علاقة صورة المقال والموضوع ؟؟
    الكبت والجنس والاغراء هو سبيلكم الوحيد اما المبادئ والحياء والأخلاق فلى تعرفون لها طريق

  2. كل النكبات ضربت العالم منذ القرن السادس عشر . الا ان وسائل التواصل لم تكن في ذلك الوقت متوفرة حتى تصل اخبار الاخرين والذين لم يكونوا يهتموا اصلا بالموضوع لانهم اصبحو يبحثون عن مصل تقليدي يقيهم من خطر الجائحة . فمنهم من استعمل القطران ومنهم من استعمل الاعشاب ومياه البحر وقس على ذلك . ولعل الجائحة التي تضرب العالم الان توازي تلك التي كانت في القرن التاسع عشر وبالضبط سنة 1918 وسميت بالحمى الاسبانية التي انتقلت بين مختلف جهات الكرة الارضية وخلفت الملايين من الضحايا اطثرهم كان بالهند وانتشرت بين الجنود بكثرة لانهم هم من كانوا الناقل لها بفضل تنقلاتهم الكثير ة بين المستعمرات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى