نداء من أجل تأسيس منظمة دولية جديدة للصحة

 

بقلم الأستاذ الدكتور الحاج الكوري
أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس،
كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، أكدال، الرباط

 

تشعر كل دول العالم الآن بعد انتشار كوفيد 19 بانها ليست في أمن ولا أمان وذلك لأن صحة شعوبها أصبحت مهددة بشكل خطير لم يسبق له مثيل في التاريخ إذ يلاحظ أن جل دول العالم تعيش في جو رهيب من الخوف والهلع وعدم الاطمئنان، كيف لا وان كل دول العالم بعد انتشار وباء كوفيد 19 لم تستطع عقد أي اجتماع سواء داخل منظمة الأمم المتحدة أو داخل أية منظمة قارية أخرى وذلك للبحث عن استراتيجية واحدة للحد من زحف الوباء المذكور.
إن العالم اليوم في حاجة إلى أمن صحي وبالتالي إلى إحداث منظمة دولية جديدة للصحة تتولى مهمة مراقبة الأمن الصحي في العالم، فمهمة مجلس الأمن الحالي كما يعرف الجميع هي الحفاظ على استباب الأمن والسلام في العالم ولكن يتبين الآن أن العالم في أمس الحاجة إلى أمن جديد هو الأمن الصحي فليست الحروب أو الكوارث الطبيعية هي التي تهدد الإنسان وإنما ما يهدد حياته الآن هو الأمراض والأوبئة بحيث نلاحظ أن أغلب دول العالم تقف عاجزة عن الحد من انتشار وباء كوفيد 19.
لقد اهتمت معظم الدول منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى الآن بتطوير الصناعة والتجارة والأسلحة والتكنولوجيا ووسائل الاتصال ولكن يلاحظ مع كامل الأسف أن كل هذا التطور المدهش والمذهل الذي وصلت إليه البشرية بِما في ذلك العلوم الطبية لم ينفع العالم من القضاء على فيروس واحد وهو كوفيد 19 الذي أجبر دولا متقدمة مع الأسف في ظل هذه الظروف العصيبة إلى التخلي حتى عن حماية ورعاية الأشخاص المسنين في دور العجزة وكذلك إلى درجة أن أجمل وأرقى بعض عواصم العالم أصبحت كالأطلال تتجول فيها الحيوانات الأليفة وغير الأليفة كما تنقل لنا ذلك بعض القنوات الدولية.
لقد اهتم العالم إلى الآن بالإقتصاد والتجارة وإحداث المؤسسات الدولية والقارية لحماية التجارة وإقامة مناطق حرة للمعاملات التجارية الدولية وإزالة القيود الجمركية وإنشاء الشركات العابرة للقارات وغزو الفضاء والتنظير للعولمة لتنزيلها وذلك دون الاكتراث بالأمن الصحي في العالم وإذا كان هناك من درس يستفيد منه العالم اليوم هو ضرورة توجيه الإستتمارات الدولية الضخمة نحو القطاعات الصحية أو الصناعات الصحية وذلك انه تبين الآن وبالواضح أن هناك نقصا حتى في أبسط الوسائل الصحية الوقائية كالكمامات إذ لاحظنا أن الدول العظمى الآن تقوم باستيراد هذه الكمامات وما نسجله بافتخار هو أن المغرب ولله الحمد بادر الآن إلى السبق في صناعة أجهزة التنفس الإصطناعي والكمامات الوقائية التي سيقوم بتصدير الملايين منها إلى الأسواق الخارجية إن شاء الله، كما أعلن عن اعتماد برنامج لدعم البحث العلمي متعدد التخصصات وتعبئة فرق البحث المغربية لمواجهة الأزمات الناتجة عن انتشار الأوبئة.
إن انتشار كوفيد 19 الآن في كل أرجاء المعمور يجعلنا ندرك أن العالم هو كالجسد الواحد إذ تبين أن الفيروس القاتل الذي أصاب دولة واحدة قد انتقل إلى كل دول العالم الأخرى وذلك بدون سابق إنذار وبدون تأشيرة ولا جواز سفر، لكل ذلك أن العالم اليوم في حاجة ماسة في نظرنا إلى تأسيس منظمة دولية جديدة للصحة مستقلة عن منظمة الأمم المتحدة، لان العالم اليوم يحتاج إلى الأمن الصحي و لأن الإنسان في أية دولة كانت إذا لم يحس بأنه يتمتع بحقه في الصحة فكيف سيشعر بأنه يتمتع بالحق في الحياة ثم إن منظمة الصحة العالمية الموجودة الآن والتي تأسست سنة 1948 هي فقط من بين المنظمات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، تم انه تبين الآن ورغم كل الجهود التي تبذلها مشكورة لا تملك لا صلاحيات ولا وسائل تضعها رهن إشارة الدول للحد من انتشار كوفيد 19 وإنما تقوم فقط بتتبع ورصد تطور الوباء والقيام بوصلات إشهارية وقائية في بعض القنوات الدولية لذلك فإنه من مصلحة كل دول العالم المبادرة إلى تأسيس منظمة دولية جديدة للصحة تكون مهمتها الأساسية هي السهر على الأمن الصحي في العالم وإصدار إتفاقيات دولية ملزمة للدول الأعضاء في هذا الشأن وتكون من بين مهام هذه المنظمة بالأساس ما يلي :
– وضع دستور جديد لهذه المنظمة يعكس طموح العالم وتطلعاته في كل ما يتعلق بالصحة لأن الدستور الأساسي لمنظمة الصحة العالمية الموجودة الآن يعود إلى سنة 1946 مع اعتماد أجهزة جديدة هي في نظرنا المؤتمر الدولي للصحة، ومجلس الأمن للصحة والمكتب الدولي للصحة.
– رصد تطور الصحة ومؤشراتها في العالم.
– تطوير وسائل الأمن الصحي والرعاية الصحية في العالم.
– العمل على الحد من أسباب تدهور الحالة الصحية في العالم مثل التلوث والنفايات و المخدرات والكثافة السكانية في المدن و زحف المدن نحو البوادي والمواد الغذائية المهدرجة أو المضرة بالصحة.
– التنسيق مع المختبرات و شركات صناعة الأدوية.
– التنسيق مع المختبرات المكلفة برصد الأوبئة وانتشار الفيروسات.
– دعم المختبرات والبحوث الطبية وإعداد دراسات حول كل ما يهدد صحة الإنسان في هذا الكون.
– التأهب لمواجهة الكوارث الصحية التي تجتاح العالم لا قدر الله.
– السهر على الإعداد وتحضير أدوية ولقاحات لعلاج كل الأمراض المُحتملة في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى