هل اصبحت الندوات الصحفية وسيلة لنقل المحاكمات العادية للشارع

 

بقلم : نبيل الخافقي 

إذا كان دستور 2011 كفل حرية الفكر و الرأي و التعبير طبقا للغصل 25 منه، فإن القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة و النشر كرس هذا المبدأ الأساسي بمقتضى المادة 3 منه التى نصت على ان حرية الفكر و الراي و التعبير مكفولة للجميع طبقا للغصل 25 من الدستور.

إلا أن هذه الحقوق و الحريات يجب ممارستها وفق الشروط و الشكليات الواردة في القانون المتعلق بالصحافة و النشر وفقا للقانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين و القانون رقم 90.13 المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة، باعتبار هذه القوانين تشكل مدونة الصحافة و النشر.

فإذا أخدنا مثلا حرية التعبير التي تولى دستور المملكة كفالتها، سنجد أن القانون نظم شروط و شكليات ممارسة هذا الحق الذي يجب أن يمارس في إطار القانون و المنظم الجاري بها العمل دون المساس بحقوق الفير.

و في هذا الإطار ظهرت إلى الوجود بعض الممارسات  الغريبة و التي يقوم بعض الأشخاصى أو الجهات المفترض فيها الحرص  على سلامة تطبيق القانون و السهر على مراعاة حقوق الإنسان و تفادي عرض سمعة المؤسسات للمزايدات و القيل و القال و التشهير بالأشخاص.

و اصبحنا نتابع بعضى جلسات المحاكم خارج اسوارها و قاعاتها سواء عن طريق المواقع الإلكترونية و الاجتماعية، و هذا شيء محمود، أو عن طريق عقد ندوات صحفية ، و هو محمود أيضا ،حيث يتم من خلالها إشعار و إخبار الرأي العام ببعض الحقائق و المعطيات و الرسائل.

فإذا كان المحامي يتولى مهمة مساعدة القضاء و المساهمة في تحقيق العدالة طبقا للمادة الأولى من القانون المنظم لمهنة المحاماة، و بهذا الإعتبار جعل المشرع المحامين جزء من أسرة القضاء. فهذه المهنة نبيلة و سامية و تحكمها قواعد و أعراف و تقاليد راسخة، بحيث تشمل هذ٥ المهام الترافع نيابة عن الأطراف و مؤازرتهم و الدفاع عنهم و تمثيلهم أمام المحاكم و المؤسسات القضائية، إلى غير ذلك من المهام المشار إليها في المادة 30 من القانون المنظم للمهنة.

ولا يجوز للمحامي حسب المادة 35 في إطار التشبث بالوقار و السر المهني، ممارسة أي عمل يستهدف جلب الأشخاص و استمالتهم و لا أن يقوم بأي إشهار كيفما كانت وسيلته.

فهل عقد ندوة صحفية من طرف محام خارج أسوار المحكمة و الترافع أمام الصحفيين و المراسلين و بث ذلك عن طريق وسائل الإتصال و المواقع الإلكترونية و الاجتماعية، يدخل في إطار الواجبات الملقاة على عاتق المحامين ؟

و هل عقد ندوة صحفية من طرف محام يتولى الدفاع و المؤازرة في قضية معروضة على المحكمة ، لا يتعارضن مع مقتضيات المادة 36 من القانون المنظم لمهنة المحاماة التي ألزمت المحامي بعدم إفشاء أي شيء يمس بالسر المهني

بل لاحظنا أن بعض الأشخاص يستغلون بعض الأوضاع أو المراكز القانونية أو السياسية للمس بالأشخاص بل و بالمؤسسات ، بلا حشمة ، فيصيحون و يخطبون و يهيجون موجهين انتقادات و نعوت غير مبنية على أي أساس، و يذيعون و ينشرون بعض الأخبار و الإدعاءات الزائفة و الوقائع غير الصحيحة مشككين في بعض المؤسسات و الأشخاص المعروفين بالنز اهة و الإستقامة و احترام الحقوق، بحكم ما أوكل لهم القانون من سلطات يتولون بواسطتها صيانة الحقوق و السهر على تطبيق القانون. بل يستغلون عقد الندوة الصحفية لإثارة أمور بعيدة عن القصية كالسمك و الغوسغاط و المناجم.

ولأن يقوم مثل هؤ لاء الأشخاص بالصياح و التهديدات المفوه بها في الأماكن العمومية ، فإن المادة 72 من القانون المتعلق بالصحافة و النشر اعتبرت مثل هذه التصرفات و الأفعال جريمة يعاقب عليها القانون إذا ارتكبت في حق رجال و نساء القضاء و الموظفين العموميين و رؤساء أو رجال القوة العمومية أثناء قيامهم بمهامهم أو هيئة منظمة.

كما أن مثل هده التصرفات المرتكبة قبل مناقشة القضية أمام المحكمة، يعتبر حسب المادة 75 بمثابة مس بقرينة البراءة أثناء مباشرة المساطر القضائية قبل مناقشتها في جلسة عمومية ، خاصة إذا كانت إحدى القضايا لا زالت معروضة على الغرفة الجنائية بمحكمة النقض.

لذلك يجب التروي و التريث و احترام المؤسسات و الأجهزة الساهرة على تطبيق القانون و على صيانة الحريات التي كفلها الدستور و من ضمنها حرية التعبير ، و تفادي التشهير بالضحايا و الزج بهن في متاهات عائلية و مهنية ثن في غنى عنها، و الدفاع عنهن أمام المحكمة عوض جعل أعراضهن تلوكها الالسن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى