هل يجب أداء رسوم المدرسة ?

بقلم : خالد الواتي، مستشار تربوي

ترددت كثيرا قبل كتابة هذا الموضوع، لكن موقعا إخباريا محليا استفزني بعد إطلالته على زواره بمقال يتهم فيه المؤسسات الخصوصية بالناظور بالجشع دون الإلمام بشمولية الوضع، وهو في الحقيقة حسنا فعل لأنه موضوع يتداول بكثرة على المواقع والصفحات الاجتماعية وبين الآباء والأمهات. هل يجب أداء الرسوم المدرسية خلال فترة الحجر الصحي ؟
وضعيتي القريبة من المدارس الخصوصية والعائلات والأساتذة جعلتني أتوفر على نظرة شمولية حول الوضع الحالي، كما أنني لا أهدف إلى الجواب عن السؤال المطروح بقدر ما أتوخى إنصاف جميع الأطراف المتدخلة في هذه الوضعية الوبائية التي نعيشها جميعا، والأكيد أن هذا التساؤل المحير أساسه الخوف من الغد دون التركيز عن وضعية اليوم.
أول طرف معني بهذا التساؤل هم الآباء. فكما لا يخفى علينا أن في الأسر توجد فئات كثيرة ومختلفة، من مدراء شركات ورجال أعمال وتجار كبار مرورا عبر الموظفين والأجراء انتهاء بالعمال غير النظاميين، إذن يجب أن نقر أن وضعية الآباء المادية تختلف من شخص لآخر: فمنهم من بقيت حالته المادية كما كانت قبل ظهور الفيروس والحجر الصحي، ومنهم من تغيرت بشكل نسبي ومنهم من تأثر كثيرا وتجده هو الآخر يطلب إعانة من صندوق كوفيد 19 . وهذا يحيلنا على السؤال : هل يتوفر الآباء على السيولة والإمكانيات المادية التي تخول لهم أداء واجبات تمدرس أبنائهم في المدارس الخصوصية ؟
الطرف الثاني الذي نعرج عليه في هذه المداخلة هو المدارس الخصوصية. فمثلما ينقسم الآباء إلى فئات اجتماعية مختلفة، فالمدارس أيضا تختلف من حيث موقعها، حجمها وحجم الاستثمار فيها، من حيث إمكانياتها المادية، البشرية واللوجستيكية، فتجد مدارس “الهولدينغ” التي تعود لمستثمرين لهم مجموعة من المدارس في مناطق مختلفة ولهم رأسمال كبير وسيولة مالية مهمة تقيهم من تبعيات الأزمات لأشهر، وهناك مدارس تعود لمقاولين وهناك فئة من المدارس الخصوصية شيدت في أحياء تضنف ضمن المقاولات الصغيرة والمتوسطة PME لا تتوفر على رأس المال العامل (Fond de Roulement) ولكن تعتمد في تسييرها العام على رسوم التسجيل وتمدرس التلاميذ حيث إن وضعيتها لا تسمح بفرض رسوم مرتفعة وبالتالي فهي معرضة لغلق أبوابها وإعلان إفلاسها إن رفض الآباء أداء الرسوم المدرسية.
بين الآباء والمدارس الخصوصية، يتموقع الأساتذة الذين يوجدون في وضعية غير مريحة، فهم ملزمون بمواصلة تقديم الدروس عن بُعد بأمر من الوزارة الوصية في إطار الاستمرارية البيداغوجية، وفي الكثير من الأحيان بالاعتماد على وسائلهم الخاصة، فالأستاذ الحضوري داخل القسم ليس هو الأستاذ الذي يشتغل عن بُعد من منزله، فهو يحتاج إلى تكوين في مجال E-learning الذي يستلزم التمكن من البرامج المعلوماتية والتربوية التي فرضتها الوزارة من جهة والمؤسسات التي اقتنت برامج خاصة بالتعليم عن بُعد من جهة أخرى في إطار التنافسية المعروفة بين مؤسسات التعليم الخصوصي، ومع ذلك تجد أساتذتنا، وبمجهودات ذاتية، قد اندمجوا وتكيفوا بسرعة مع هذه الظرفية. وهنا تجدر الإشارة أن بعض المؤسسات لم توفر لأطرها الوسائل التعليمية الضرورية لأداء مهمة التدريس عن بعد في أحسن الظروف من تعبئة للأنترنت وحواسيب محمولة.
جل المؤسسات الخصوصية موردها الوحيد هو أداءات الآباء والأولياء بها تؤدي أجور موظفيها ولا يمكن لها الاستفادة من صندوق الدعم لأنها لم تتوقف عن العمل فالأساتذة يتواصلون مع التلاميذ عن بُعد ويسهرون على الاستمرارية البيداغوجية.
تساؤل الآباء :”هل يجب أداء رسوم المدرسة ؟” حتى وإن كان موضوعيا فهو لا يناقش في صفحات التواصل الاجتماعي، ولا يتم بمقاطعة ومهاجمة المدارس الخصوصية التي اختارها الآباء “عن طيب خاطر”، فلا أحد أرغمهم على تسجيل أبنائهم في المدارس الخصوصية ولا أحد أرغمهم على تسجيلهم في مؤسسة دون أخرى، وإذا كان بعض الآباء يعبرون عن عدم رضاهم بما تقدمه المدرسة الخصوصية لأبنائهم في هذه الظرفية، فهذا يعني بكل بساطة أنهم لم يحسنوا اختيارهم التربوي ولا يعني عدولهم عن اختيارهم المادي. وعليه، فالسؤال الذي وجب طرحه هو: “هل يقدر الآباء على أداء رسوم المدرسة ؟”
وبما أن مؤسسات التعليم الخصوصي كانت قد عبرت عن مواطنتها في هذه الظرفية الخاصة بمساهمتها المادية والمعنوية في صندوق الدعم، فهي مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالتعامل بمبدإ المرونة مع زبنائها وتتفهم وضعية الآباء الذين تضررت أحوالهم المادية بسبب فيروس كورونا وهذا ما عبرت عنه فعلا بعض المؤسسات بالإعفاء الجزئي أو الكلي لفئة معينة من الآباء ثبت تضررهم ماديا من الجائحة. لكن ما الداعي أن تعفي آباء بقيت أحوالهم المادية على ما كانت عليه قبل الوباء؟ صحيح هناك خدمات ثانوية كالنقل المدرسي والإطعام المدرسي التي توقفت كليا ووجب على المؤسسات التفكير في إعفاء الآباء من أداء رسومها كليا، على أن يتم تكفل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بأداء أجور السائقين والمرافقات وعمال النظافة والخدمات خلال الأشهر المقبلة، لكن التمدرس لا زال قائما بقوة القانون وفي مختلف الأسلاك التعليمية.
وهنا أنصح الآباء بالتقرب أكثر من مؤسسات أبنائهم، يناقشون معها ويشرحون لهم ظروفهم، وسيجدون، لا محالة، حلا وسطا يرضي الجميع.
وبالعودة للنقاش الذي يدور في وسائل التواصل الاجتماعي حول إعفاء بعض المؤسسات الآباء من أداء جميع الرسوم خلال هذه الفترة، وإن كنت لا أشك في حسن نية البعض، لكن يجب أخذ الحيطة والحذر، فهناك من يستغل هذه الظرفية للماركوتينغ التربوي وكسب تعاطف الزبناء واستقطابهم خصوصا أن هذه الفترة تتزامن مع الدعوة إلى التسجيل وإعادة التسجيل في الظروف العادية للموسم الدراسي المقبل.
أتمنى من خلال مقالي أن تصفى النية بين الآباء والمدارس الخصوصية، فالظرفية الحالية تحتم التضامن بين كل الأطراف فمصلحة وطننا وأبنائنا فوق الجميع والدخول في مثل هذه النقاشات الجانبية ليس في مصلحة أحد.

مقالات ذات صلة

‫10 تعليقات

  1. La majorite des ecoles privees font tout pour eviter d’etablir l’association des parents d’eleves .cet organisme est habilite de defendre les interets des eleves. Ceci est une lacune qui permet aux ecoles privees de faire la loi qui baffoue l’interet des eleves. d

  2. الكل يعلم أن الحصص الدراسية تم تقليصها بأكثر من 60% دون الحديث عن رداءة جودة الخدمة.
    كيف يعقل أن يدرس طفل في الابتدائي بواسطة تطبيق الواتساب علما أنه يقضي جل الوقت في الإستماع لتسجيلات اصدقائه؟
    كل الفئات الاجتماعية تضررت من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، ومع ذلك تجد المدارس الخاصة ترفض أن تتخلى عن جزء من أرباحها.
    إذا كانت هذه المدارس الخاصة تعتبر مقاولات فكان من الطبيعي أن تكون قد أحدثت برنامجا لتدبير المخاطر (plan de continuité des affaires).
    الأداء يجب أن يكون مقابل خدمة ذات جودة مقبولة،و هذا ما نعرفه في مجال الأعمال، و ليس إعانة من أجل تفادي الإفلاس.
    بموجب التضامن مع الأساتذة، و في حال لم يستفيدوا من عدم الصندوق الوطني للضمان ،فإن الأسر اقترحت أن تتكفل بأداء 40% من أجل تغطية مصاريف الأساتذة

  3. هي عملية حسابية فالمدارس مغلقة والاساتدة يودون دروس عن بعد ادن يبقى في الموسسة رجل الحراسة securite باستمرا والحرسة الادارية في بعض الاوقات
    اذن الاطر المكلفة بتسيير التعليم في الموسسة غاءبة كليا.
    المصاريف انخفضة بشكل كبير جدا.
    اضن اهناك اربار اسر اصبحت عاطلة يجب اعفائها من الرسوم و مراجعة الروسرم النسبة للسر الاخرى.
    اخي الاستاد المحترم فان اولياء التلاميد يعانون الكتير من اجل تلقي ابنائهم الدروس عن بعد الشئ الدي ادى الى تراج المستوى الدراسي رغم كفات رجال التعليم.
    يجب على الموسسات الخصوصية ان تتخمابدة جريءة متل بعض المؤسسات التي خففت كاهل رب السرة المغربية في هده الظروف.

  4. اظن ان الأستاذ سيكون من ذون شك من المتضررين من عدم أداء الآباء للواجب الشهري، لذلك انبرى يدافع عن نفسه ولو كان ذلك على حساب الموضوعية المطلوبة في مثل هذه الحالات ، سؤال بسيط، هل ما تقوم هذه المؤسسات حاليا من أشباه دروس يقتضي منا أداء الواجب كاملاً ؟أتحدث هنا عن الزمن المدرسي

  5. السلام عليكم كي ادلي بدلوي في هذا الموضوع ربما كان حريا بالمدارس ان تشجع الاباء او تفتح قنوات للتضامن فمن اتسع الحال له ان يؤدي كامل القسط وان لم يكن فعليه ان يدلي بمايثبت تضرره وتكون المؤسسة مفروص ان تراعي اوتساهم المؤسسة على الاقل بتكاليف الانترنيت على اساس انها وفرة الطاقة والماء والبنزين ومجموعة من المستلزمات كانت تستعملها في حضور التلاميذ وعلى الجميع التضامن ولكم واسع النضر

  6. لا اضنك تعيش في هذا العالم. الوباء ضرب كل شيء واخينا يتكلم عن مصاريف التعليم. إن لم تستحي فاصنع ما شئت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى