كمامة العثماني : هل جاءت بلا سند قانوني؟

محمد الشمسي

تواصل الحكومة ارتباكها في تدبير جائحة كورونا، الهفوات توالت، فهل هو سوء فهم منا، أم سوء تقدير من الحكومة؟، أم بفعل هول الجائحة وفجائيتها؟.

بالأمس القريب خرج علينا رئيس الحكومة يحدثنا حديثا ظنناه صحيحا لأنه رئيس الحكومة وطبيب في نفس الوقت، فحسم حد القسم أن الكمامة لا تنفع السليم في شيء، لا ترد عنه ضرا ولا تجلب له نفعا، ونفض الرجل يديه نفضا أمام الكاميرا ألا حاجة للكمامة، فخرجنا نسخر من ممن كمموا أنفسهم طوعا، لأنهم يخنقون أنفسهم بلا طائل.

لكن ليلة الاثنين خرج علينا ذات العثماني بذات “الكومبلي” وذات المُحايا، وهو مكمم ويأمر الناس بأن يكمموا أفواههم وأنوفهم، ودليله في ذلك حديث صحيح جديد صدر عن منظمة الصحة العالمية التي لا تنطق عن الهوى بحسب العثماني، علما أن “الحاجّة منظمة الصحة العالمية هذه” ارتكبت أخطر الحماقات في تقدير خطر الوباء، ما يلزمها ليس فقط أن تكمم فمها بل تخيطه بالمخيط و”السْبيب”، فهي التي أعلنت للعالم من الصين أول مرة أن كورونا لا يحمل خطورة على البشرية، ثم عادت للتكفير عن خطيئتها التاريخية وتصفه بالجائحة بعد أن “اللي عطاه الله عطاه”.

ومسلسل اضطراب رئيس الحكومة طويل فهذه تدوينته تشهد عليه في العالم الأزرق ينفي فيها استعمال دواء كلوروكين، ثم يأمر باستعماله في اليوم الموالي.

لكن المثير هذه المرة في عمل الحكومة هو إجبارية وضع الكمامة لكل من يوجد خارج منزله، وربط ذلك بالعقاب الوارد في مرسوم القانون عدد 2.20.292 ، وهذا ليس قانونيا ولا مسطريا في شيء، لأن تفريد عقاب الكمامة صدر في شكل بلاغ وزاري ثلاثي، والمسطرة السليمة تقتضي أن يتم تتميم المادة المذكورة في القانون أعلاه ، مع تقديم التتميم للجن البرلمانية المختصة للمصادقة عليه، ثم نشر التتميم في الجريدة الرسمية، حتى يتم تطبيق قاعدة”لا يعذر أحد بجهله للقانون” وتتحقق فرضية” علم الناس بالقانون مفروض بمجرد صدوره في الجريد الرسمية”، فالبلاغات الوزارية لا تتمم قوانين توجب عقوبات حبسية، ولا يمكن للبلاغ الوزارية تحت أي مبرر كان أن تسن عقوبات سالبة للحرية، لأن هذا ليس هو المقصود ب”اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية صحة وامن المواطنين” الموكولة للسلطات الحكومية بموجب القانون أعلاه، ففي الأمر سلب حرية لمواطنين من جهة ، ثم ليس هناك ما يمنع الحكومة من تتميم قانونها وتقديم التتميم للمصادقة عليه، ثم نشره، وقضي الأمر، وفي انتظار أن تتدارك الحكومة هذه الثغرة فإنه يصعب متابعة من لا يضع كمامة بمقتضيات القانون 2.2.292 ما لم يتم الإشارة إلى الفعل المذكور كفعل موجب للعقاب في صلب المادة المعنية وباستيفاء المسطرة القانونية ، فهل جاءت كمامة العثماني بلا سند قانوني؟، وهل سيستعين الرجل بدورة استدراكية كعادته لينقذ كمامته؟ أم أن كتاب رئاسة النيابة العامة الصادر يومه الثلاثاء قد يمنحه جرعة الحياة؟، لكن قد يكون للقضاء الجالس كلمة أخرى، لأن تحقيق العدالة وحماية الحقوق لا يقل أهمية عن محاربة الفيروس.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى