“لي عندو تيليفون داير فيها صحافي”..مطالب باعتقال كل من ينتحل صفة “صحافي” بتهمة خرق الحظر

هبة بريس – ياسين الضميري

بمجرد ما تفتح موقع الفايسبوك ، تجد مئات بل ألاف المقاطع المصورة تخص “مجهولين” يتحركون باستمرار مع عناصر السلطة المحلية و الأمن و الدرك ، يوثقون تدخلاتهم و حملاتهم التحسيسية و عملهم لفرض حالة الطوارئ بمختلف ربوع المملكة.

جميل جدا أن نشاهد الوجه الأخر لعناصر السلطة و الأمن ، خاصة أن حالة الطوارئ جعلتنا نتعرف بشكل دقيق على الوجه الناعم و الإنساني للسلطة ببلادنا ، لكن دعونا نتوقف لحظة لنضع النقاط على الحروف ثم نواصل.

نساء و رجال السلطة بمختلف درجاتهم و عناصر الجيش و الأمن و الدرك و الوقاية المدنية، يصولون و يجولون المدن و القرى ليلا نهار لفرض حالة الطوارئ و ضبط المخالفين لقانون الحظر الصحي ، خاصة في الفترة المسائية التي تشتد فيها المراقبة الأمنية، وحدهم الحاملون لرخص اسثتنائية تسمح لها “اسثتناءا” بطبيعة الحال التنقل لغرض من الأغراض التي سبق و تحدثتنا عليها و صار كل المغاربة يحفظونها عن ظهر قلب.

من بين هؤلاء الذين سمح لهم بالخروج قصد العمل في هاته الفترة ، نجد نساء و رجال السلطة الرابعة ، الزميلات و الزملاء الصحافيون “المهنيون”، لهدف واحد و هو تأدية وظائفهم و نقل الصورة الخارجية للمواطن الجالس في قلب بيته.

قبل أيام صدر بلاغ من المجلس الوطني للصحافة بالمغرب يؤكد أنه و تفاعلا مع الاتصالات التي تلقاها من مؤسسات إعلامية ومن العديد من الصحافيين، بخصوص الإجراءات المتخذة في إطار حالة الطوارئ الصحية، بالنسبة إلى تحرك الصحافيين للقيام بواجبهم المهني، قام المجلس بمراسلة وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن الوطني، يطلب فيها تمكين أفراد الجسم الصحافي الوطني بمزاولة عملهم عبر التراب الوطني بصفة عادية شريطة تقديم بطاقة الصحافة.

وقد تلقى المجلس، وفق بلاغه أجوبة في الموضوع من وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن الوطني، تؤكد على التفاعل الإيجابي مع الطلب الذي تقدم به، وتفيد بأنه تم إعطاء التعليمات لمصالح الأمن ووزارة الداخلية بالسماح بالتحرك للصحافيين الحاملين لبطاقة الصحافة، لممارسة مهامهم، على أن تستعمل هذه البطاقة في العمل المهني، وليس أي شيء آخر، خارج هذا النطاق.

و في ذات البلاغ شكر المجلس الوطني للصحافة كلا من وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن الوطني، على تفهمها لإكراهات العمل المهني، مهيبا بالصحافيين الحاملين للبطاقة المهنية أن يلتزموا بهذه الإجراءات، مساهمة منهم في تطبيق حالة الطوارئ الصحية، وأن يواصلوا القيام بواجبهم، في احترام لقواعد العمل الصحافي وأخلاقياته.

إلى حدود الساعة كل شيء جميل ، خاصة تفاعل وزارة الداخلية و مديرية الأمن مع مطالب الهيئة الممثلة للصحافيين ، الهيئة الدستورية الرسمية بطبيعة الحال ، لكن هل يحرص عناصر الأمن على التأكد من هوية مرافقيهم ممن يقدمون أنفسهم على أنهم “صحافيون” أم يكفي فقط أن يحمل المعني بالأمر هاتفا نقالا و في بعض الحالات “كاميرا” صغيرة و يرتدي “جيلي” مكتوب عليه “صحافي” ليسمح له المسؤول الأمني بالقيام بعمله في ظرفية تفترض تطبيق القانون على الجميع و دون اسثتناء.

لا ثم لا ، مع كل الاحترام الذي نكنه لعناصر الحموشي و مسؤولي الداخلية، الذي لا ينكر جاحد أنهم يستحقون و بدون اسثتناء كل التقدير على مجهوداتهم المضنية و تضحياتهم الجسام في الصف الأول لمواجهة جائحة كورونا ، لكن حين نتحدث عن تطبيق القانون فلا يجب أن نسثتني منه أحدا حتى و لو كان ذلك “المجهول” الحامل لهاتف نقال المرتدي ل”جيلي” ذاتي الصنع قد يساهم في تلميع صورة أحد ما ، فالأمني و رجل السلطة لا ينتظران من أحد أن يسوق عملهم مادام المغاربة جميعهم متيقنون من قيمتهم الحقيقية و من العمل الجبار الذي يقومون به خدمة للوطن و المواطن.

و دعونا هنا نستنبط مثالا وقع قبل أيام بمدينة أسفي ، تلك المدينة التي مع كامل الأسف حظيت بالتهميش الإعلامي لعقود حتى جعلتها “القايدة حورية” تعود للواجهة من جديد ، هناك في تلك المدينة خرج شخص يحمل كاميرا هاتفهه و يقوم ببث مباشر في صفحة على موقع الفايسبوك يستطلع أحوال المدينة و ينقل تحركات عناصر السلطة دون أن “يتجرأ” مسؤول واحد على أن يطلب منه على الأقل تقديم بطاقة الصحافة المهنية مادام القانون واضح في هذا الباب.

و أكيد أن عددا كبيرا من المغاربة شاهد صاحب هذا الهاتف الذي جعل من نفسه “صحافيا” رغم أن طريقة كلامه و المفردات التي استعملها أثناء البث المباشر لا توحي البتة حتى أنه يتوفر على شهادة تعليم تسمح له بالانتساب لهاته المهنة التي ينظمها القانون ، بل و أكثر من ذلك لها إطار قانوني خاص بها و واضح و لا يحتاج لاجتهاد و لا لتأويل، و كيف أن هذا الشخص خول لنفسه “الصفة الضبطية” و أمر رجلا بحارا (وافته الأقدار غرقا اليوم مع كل الرحمة و المغفرة له) بأن يدلي بوثيقة السماح بالخروج ، بل و أكثر من ذلك أن يقوم بمعية أخرين بتفتيش محتويات علبة كان يحملها.

الشخص الذي أكيد تعرفه سلطات أسفي حق المعرفة مادام كان مرافقا لبعض من مسؤوليها ، لم ينتحل فقط صفة “صحافي مهني” ، بل انتحل أيضا صفة ثانية ينظمها و يؤطرها القانون بعدما خول لنفسه الصفة الضبطية في ضرب سافر و تحدي صارخ لكل القوانين و الأعراف المعمول بها.

و مثال هذا الشخص كثر ، و لن نجد أفضل من مدينة الدار البيضاء لنستنبط منها الأمثلة ، مئات الأشخاص يخرجون يوميا في جولات مكوكية مع عناصر الأمن و السلطة ، يقدمون أنفسهم على أنهم “صحافيون” و لا أحد يتجرأ و يطلب منهم على الأقل تقديم بطاقة صحافة مهنية ممنوحة و موقعة من المجلس الوطني للصحافة الهيئة الوحيدة الرسمية حاليا المخول لها منحها للجسم الصحافي.

عدد كبير من هؤلاء الذين يتحركون رفقة رجال السلطة و عناصر الأمن مع كامل الأسف في خرق سافر لحالة الطوارئ و الحظر المفروض ، يتحوزون بطائق مختلفة الألوان و المحتويات لا تسمن و لا تغني من جوع ، تباع و تشترى من سماسرة “الدكاكين الإعلامية”، هؤلاء الذين يبيعون كل شيء مع كامل الأسف بما في ذلك ضميرهم في بعض الأحيان ، مما يسيء لباقي المؤسسات الإعلامية المحترمة و المهنية و المتقيدة بالقوانين، علما أن صفة “صحافي مهني” تثبت حسب مقتضيات قانون الصحافة و النشر بالتوفر أولا و قبل كل شيء على بطاقة تحمل توقيع المجلس الوطني للصحافة و ليس شيئا أخر.

و الخطير في الأمر ، أن هؤلاء الذين يقدمون أنفسهم على أنهم “سلطة رابعة” و هم في الحقيقة مجرد منتحلي صفة ، يكونون بذلك قد خرقوا قانون حالة الطوارئ مادام تواجدهم أصلا رفقة عناصر السلطة و الأمن غير قانوني ، كما أن غياب المراقبة و التأكد من هوياتهم على الأقل من طرف العناصر الأمنية يجعل الخطر قائما بدرجة أكبر و قد يقوض كل الإجراءات الوقائية و الاحترازية التي تم اتخادها على أعلى مستوى ببلادنا ، حيث من شأن تحرك هؤلاء الذين يفتقدون لتكوين أكاديمي و مهني قبل كل شيء أن يساهموا في نقل العدوى أو الإصابة بها لا قدر الله من و إلى أشخاص أخرين بفعل تحركهم الدائم على مدار ساعات اليوم دون أدنى إجراءات الوقاية كما نشاهد في غالبية المقاطع التي يبثونها على مواقع التواصل الاجتماعي.

كما أن غالبية هؤلاء “منتحلي الصفة” يفتقدون لأبجديات العمل الصحفي و أخلاقيات المهنة ، حيث و بمجرد طلب قائد منطقة أو رجل أمن من أحد المواطنين إدلاءه بوثيقة السماح بالخروج الاسثتنائي يسارعون بشكل “مقزز” و “مستفز” لإظهار وجهه و هويته بل و يتعمدون “جهلا” إظهار ملامح الموقوفين و المعتقلين رغم أن القانون واضح في هذا الباب خاصة أن التشهير يعاقب عليه القانون و يعرض صاحبه للمساءلة القانونية قبل الأخلاقية فما بالكم إن كان المشهر أصلا فاقدا للصفة القانونية و هو ما يضع دائما عناصر الأمن و السلطة في صراع مباشر مع المواطنين و دوما تتردد عبارة “معندوش الحق يصورني” مما يدفع المسؤول للبحث عن تهدئة الوضع و أحيانا التبرير و يضعه في مأزق هو في غنى عنه مادام “منتحل الصفة” لا يدري أبسط أبجديات العمل المهني “الأخلاقي” قبل القانوني.

و في الأخير ، هي رسالة نتمنى أن يصل محتواها للسيد عبد اللطيف الحموشي و للسيد عبد الوافي الفتيت و مسؤولي الجهازين معا ، رجاءا احرصوا على تطبيق القانون مع الجميع بما فيهم أولئك الذين يتجولون رفقة ممثليكم بعدد من المدن المغربية ، كما تتأكدون من توفر المواطن العادي على وثيقة السماح بالخروج و تتيقنون من الغرض الذي دفعه لمغادرة منزله ، لا بأس أن تفرضوا كل يوم المراقبة و التأكد من مدى توفر هؤلاء “حملة الهواتف و الكاميرات” على بطاقة “الصحافي المهني” الخاصة بالمجلس الوطني للصحافة ، و غير ذلك فالأمر يتعلق بانتحال صفة و مخالفة قانون الطوارئ الواضح و الصريح و الذي تصل عقوباته حد الاعتقال و الغرامة.

و لا بأس من التذكير في النهاية أن بعض هؤلاء “منتحلي الصفة” لا يسيؤون لأنفسهم فقط ، بل يسيؤون في أحيان عديدة لنساء و رجال السلطة و الأمن ، و لنا في عديد المقاطع التي تم تداولها بمواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا خير عبرة ، فكم من “لايف” أساء ل”قايد” أو “أمني” انفعل في لحظة غضب بفعل الضغط الرهيب الذي يعيشونه مؤخرا و الجهد الكبير الذي يبذلونه بكل نكران للذات، فتتحول كل مجهوداته على مدار ساعات اليوم لنقمة و يصبح عرضة للانتقاد بفعل كلمة خرجت في لحظة سهو أو حركة عفوية بدرت انفعالا و وثقها “صاحب الهاتف أو الكاميرا” لعموم المغاربة.

فرجاءا السيد الحموشي ، رجاءا السيد لفتيت ، أوقفوا العبث مادام القانون يجب أن يطبق على الجميع ، نحن هنا لا نتحامل على أحد ، لكن التوفر على هاتف أو كاميرا لا يشفع أبدا بخرق حالة الطوارئ …

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ان حالة الطواريء تعلق نفاد جميع القوانين وبالتالي لا مجال للاحتجاج بقانون الصحافة وبالبطاقة المهنية
    وشكرا

  2. Premièrement le conseil national n’est pas une institution .
    constitutionnelle et
    deuxièment la MAP vient d’annocer une carte pour ses journalistes .C’est là le probleme!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى