فيروس كورونا الجديد وحيرة مرشحي شهر مارس لتمرين المحاماة

ذ. رشيد وهابي
المحامي بهيئة الجديدة

فيروس كورنا الجديد لم يرفع سيفه الحاد والمعطل والقاطع للكثير من أرزاق العباد في مختلف بقاع العالم ، بل إنه من حيث هو يدري أو لا يدري ، بل مس بتأثيره المدمر والمعطل لمصالح سائر البلاد طبقة من رجال القانون ببلادنا ممن حالفهم الحظ بالنجاح في الحصول على الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة ، وبعد أن تمكن بعضهم ممن تيسر لهم الحصول على المبالغ المالي الكبيرة التي أصبحت تطلبها هيئات المحامين بالمغرب للتسجيل بجدول التمرين ، ووضعوا طلبات ترشح تقييدهم بلائحة التمرين كما تنص على ذلك المادة 11 من قانون المحاماة بالمغرب والتي جاء فيها : ( يقدم طلب الترشيح للتقييد في لائحة المحامين المتمرنين أو الرسميين إلى نقيب الهيئة التي ينوي المترشح قضاء مدة التمرين بها ، وذلك خلال شهري مارس وأكتوبر من كل سنة ).
وبعد أن تمكن البعض منهم من أداء القسم المهني و التحقوا بمكاتب ممرنيهم ، وعمروا المحاكم وشرعوا في مزاولة تمرين المهنة طبقا لما ينص عليه قانون المحاماة ، مازال بعضهم ينتظرون إتمام الإجراءات المرافقة لكي تحدد لهم جلسات آداء اليمين .
في ضفة أخرى لا يمكن أن ننسى آخرين كان حلمهم أن يتقدموا بطلبات ترشحهم للتقييد بلائحة المحامين المتمرنين خلال شهر أكتوبر ، لكن ظروفهم المادية بالتأكيد لم تسمح لهم ، فجاهدوا واجتهدوا واقترضوا طيلة الأشهر الماضية من القريب والبعيد ، لكي يجمعوا المبالغ التي تحددها لهم هيئات المحامين مقابل قبول طلباتهم ، وبما أن فترة التسجيل الأولى لوضع طلبات التقييد بلائحة التمرين كما تنص على ذلك المادة 11 من قانون المحاماة تكون في شهر مارس من كل سنة ، بينما تكون الفترة الثانية في شهر أكتوبر، وبما أن الفترة الأولى من سنة 2020 خلال شهر مارس صادفت خلال العشرة الأيام الأخيرة منها إعلان حالة الطوارئ بالمغرب ، وكما يعلم الجميع فإن الأغلبية تنتظر إلى غاية الأيام الأخيرة لوضع طلبات الترشيح للتقييد بمكاتب الهيئات بعد أن يكون المرشح جمع المال والأوراق الكثيرة المطلوبة . وحتى أشرككم في أسباب نزول هذا المقال ، أقول أنه لم يدر ببالي في عز حجر هذه الأيام ، وفي عز الحياة الكورونية اليومية التي نتنفس هوائها وأخبارها المرعبة والهزلية والجادة على مدار الساعة أن أكتب أو أتطرق لمقال يناقش ما أناقشه ، فلا ابن أو بنت ولا قريب ولا جار لي مقبل على وضع مثل هذا الطلب لأقف على مشكلة أصبح ملزما بالبحث والاجتهاد للوصول إلى حلول لها ، ولكنني تلقيت اتصالين عبر الوتس اب واحد من مرشح للتمرين التقيته حين كنت أهم بشراء بعض الكتب القانونية من سوق درب غلف بالدار البيضاء قبل شهرين ، فتبادلنا الحديث ، وأخبرني بأنه حاصل في الدورة الأخيرة على أهلية التمرين ، و زاد متحسرا أنه حاول أن يحصل على التزام من أحد الزملاء بالدار البيضاء للتمرن بمكتبه ، لكنه كان يرجع خائبا كلما قصد مكتبا ، لأن المكتب المقصود يكون لديه أكثر من متمرن ، طلبت منه أن يسلمني هاتفه ، ووعدته بأنني سأحاول الاتصال ببعض الزملاء بالدار البيضاء علهم يقبلون به متمرنا بمكاتبهم أو يدلونه على مكتب زميل لهم يحتاج مكتبه إلى محامي متمرن ، وفعلا اتصلت بحوالي عشرين من الزملاء بالدار البيضاء ، ووجدت أن أغلبهم لديهم بالمكتب محامي متمرن أو أكثر واعتذروا ، ومنهم من حاول مشكورا أن يبحث عن مكتب يتمرن فيه هذا المرشح إلا أنهم لم يوفقوا .
استمر الاتصال بيني وبين هذا المرشح بالهاتف وأنا أشعر بالخجل لأنني لم أستطع أن أعينه فيما يسعى إليه ، وأخبرني بأنه بحكم أنه من أصول دكالية ، فإنه أصبح يفكر في أن يتقدم بطلب تقييده في هيئة المحامين بالجديدة ، فطلب مني أن أعينه فيما يفكر فيه ، فرحبت باقتراحه ووعدته خيرا ، وأرسلت إليه الوثائق التي تطلبها هيئة المحامين بالجديدة بعد أن تنقلت إلى مقر الهيئة رغم أنني لم أزر المحكمة التي يوجد بها المقر لمدة تزيد عن أربعة أيام في إطار الهروب الجبري من شبح كورونا ، ووعدته بأنني سأتدبر أمر إيجاد المكتب الذي سيتمرن به بحكم أن لدي متمرن بمكتبي من المتمرنين الجدد ولدي محاميين مساعدين، و زدت في طمأنته وقلت له بأنني إن فشلت في العثور على مكتب لك ، سأرحب بك كمحامي متمرن بمكتبي ، واستمر التواصل بيننا ، وحين أكمل المبلغ المالي وجمع الأوراق ، تم حظر السفر بين المدن بعد إعلان حالة الطوارئ ، فاتصل بي متحسرا يستفسر عن الحل ، فقلت لا تيأس من رحمة الله ، وسأجيبك خلال ساعات .
وبعده بيوم اتصل بي أحد الباحثين الذي جمع بيننا التواصل العلمي القانوني من قبل ، يطرح نفس الإشكال ، فقد كان يريد أن يضع طلب تقييده في الأسبوع الأخير من شهر مارس بهيئة طنجة ، لكن إعلان حالة الطوارئ جعلته يحجم عن التفكير في وضع الطلب في شهر مارس ويفكر في تأجيله إلى غاية أكتوبر 2020 ، فطلبت منه كذلك أن يمنحني وقتا حتى أخرج من الحالة الكورونية إلى طبيعتي القانونية علني أفلح في أن أوفق في اقتراح الحل ، وقلت مع نفسي إن ما جرى يغري بتدبيج مقال يعالج هذه المشكلة ويمنح أملا لهؤلاء المرشحين الذين كانوا يأملون في وضع طلبات تقييدهم مع خضرة الربيع بعد أن فاتهم قطار الخريف.
أقول لكل من كان يمني النفس بوضع طلب التقييد بلائحة التمرين خلال شهر مارس 2020 ، أن القانون إلى جانبكم ، وأن مرسوم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية والإعلان عنها في مادته السادسة كان صريحا وواضحا في أن كل الآجال المنصوص عليها في النصوص في النصوص التشريعية والتنظيمية خلال فترة حالة الطوارئ يوقف سريان مفعولها ، وتستأنف ابتداء من اليوم الموالي لرفع حالة الطوارئ ، وهذا المرسوم إذا ربطناه بمقتضيات المادة 70 من دستور 2011 الذي ينص على ما يلي : ( ……. للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود، ولغاية معينة، بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها، ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها ) وبما أن مرسوم 292 المتعلق بحالة الطوارئ تم نشره بالجريدة الرسمية يوم 24 مارس وبما أن حالة الطوارئ ستنتهي يوم 20 أبريل كما جاء فيه في المرسوم عدد 20.293 .2 فإن وضع طلبات التقييد بلائحة التمرين يكون قد توقف يوم 23 مارس وسيبدأ مجددا سريان أجله يوم 21 أبريل إلى غاية يوم 28 أبريل ، بحكم أن شهر مارس يضم 31 يوما . وبذلك فإن المرشحين الراغبين في وضع طلباتهم يمكنهم استئناف وضع طلبات التقييد بلائحة التمرين بالهيئة التي يريدون الإنتماء إليها ابتداء من اليوم الموالي لرفع حالة الطوارئ والذي هو يوم 21 أبريل 2020 شرط احترامهم للآجال التي فصلناها أعلاه.
وفقكم الله وجعل منكم إضافات نوعية ومهمة للهيئات التي ستلتحقون بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى