في زمن الكورونا.. العثماني يُعكر صفو مزاج أسرة التعليم

محمد منفلوطي_هبة بريس

في خضم الانخراط الجدي والمسؤول لمختلف المتدخلين من سلطات عليا وفرق عسكرية وأمنية وإعلامية وجمعوية في مواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد، وفي إطار المحافظة على السير العادي بالعديد من المؤسسات والمرافق خدمة للعباد والبلاد مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة، كان لرجال ونساء التعليم النصيب الأوفر في هذا العمل النبيل، من خلال تجندهم المستمر منذ الوهلة الأولى، بدءا بإحداث منصات للتواصل عن بعد مع تلاميذهم وطلابهم مشددين في الوقت ذاته ان الأمر لا يعد عطلة بل هي وضعية استثنائية تتطلب من الجميع العمل جنبا إلى جنب بعيدا عن المزايدات، لأن مصلحة الوطن والمواطنين فوق كل اعتبار.

لكن في السياق ذاته وعلى الرغم من هذه الجهود المبدولة لاحتواء أزمة كورونا، هناك من خرج بتسجيلات صوتية لأشخاص مجهولين على منصات التواصل الاجتماعي زتطبيقات واتساب، ليُقزموا من الدور الريادي الذي يقوم به كافة المتدخلين في قطاع التربية والتكوين بدءا بالدور المحوري لوزارة التربية الوطنية وحصرها الشديد على المحافظة على الزمن المدرسي ولو عن بعد، مرورا بالاكاديميات الجهوية والمديريات الاقليمية وانخراط مسؤوليها بروح من الوطنية، ووصولا إلى حلقة رجال ونساء التعليم الذي انخرطوا بدورهم طواعية في تصوير الدروس وانشاء المنصات وتبادل المعلومات مع تلامذتهم وطلابهم، كما أن أمر التقزيم من دور هؤلاء لم يقف إلى هذا الحد، بل تفاجأت أسرة التعليم بقرار صادر عن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني يقضي بتأجيل الترقيات، فيما ردّ هؤلاء بشعا «التعليم عن بعد والترقية من بعد».

حول هذا الموضوع، ارتأتينا اشراك الكاتب العام للجامعة الحرة للتعليم بالمغرب يوسف علاكوش، ليدلو بدلوه، حيث أكد على أن منشور رئيس الحكومة يعد اجهازا على روح العطاء التي سادت الاطر التربوية وباقي الموظفين الذين كانوا ينتظرون ترقياتهم، ومنهم من علق آمالا كبيرة عليها لحل مشاكل مادية واجتماعية كبيرة، خاصة وان المواطن المغربي يعيش في غالبية الامر امتداداته الاجتماعية عبر تكفله وتحمله للوالدين والاخوة والاخوات اضافة الى الزوجة والابناء كما تؤكد ذلك نسب الإعالة ،وهو ما كان سيحل أعباء كبيرة على الحكومة عبر التضامن العائلي والأسري الذي كان من المفروض أن تساهم فيه الترقيات المؤجلة إلى أجل غير مسمى، مضيفا أن رئيس الحكومة أخطأ التوقيت، إذ أنه لازال من المبكر جدا الحديث عن تأجيل الترقيات أو تعديل الميزانية التي وجب أن تعدل بقانون وليس بمنشور إن اقتضى الوضع ذلك لكن بالاشراك والتشارك، وليس الانفراد بالقرار ان استدعت الحالة الوبائية مثل هاته الاجراءات، متسائلا في الوقت ذاته بالقول: ” لماذا تم زرع الشرخ بين الموظفين وكل سواعد الاقتصاد الوطني في الوقت الذي تعلو أصوات رجال السلطة والأمن مشكورة، وفي إشارة تلاحم قوية لتحية نساء ورجال التعليم ولطمأنة المواطنين على استمرار التعليم عن بعد بكل الأحياء، وتؤكد أن الجميع سيتجند لمواجهة الجائحة بقلب واحد لوطن واحد؟ وهل يعني هذا تبخيسا لعمل الاستاذ الذي كانت بياناته عبر ممثليه النقابيين سباقة إلى اعلان التعبئة الشاملة والجهوزية لخدمة الوطن والجود بالمال والوقت لضمان استمرار الدراسة عن بعد؟

وأشار علاكوش إلى أن رئيس الحكومة لم يشفع عنده ما يبذله نساء ورجال التعليم في هذه الظرفية الصعبة، بشكل جعل المغاربة يحسون بدفء التضامن والوئام والوحدة ونبذ الاختلافات، وتآزر فيه الكل لمواجهة تفشي هذه الجائحة بقلب واحد لوطن واحد، اذ ساروا في طليعة الصفوف إلى جانب العاملين في الصحة والأمن وممثلي السلطة المحلية وموظفي الجماعات الترابية، وكل أطر وموظفي ومستخدمي وعمال وسواعد الاقتصاد الوطني لرفع التحدي كل حسب موقعه، متلاحمين مع التوجيهات الملكية السديدة، حيث بادروا إلى تقديم الدروس عن بعد متحدين كل الصعاب، ومنهم من تسلح بالهواتف النقالة واشتراكه الخاص في الإنترنت، وإمكاناتهم البسيطة لإبداع دروس، وتقديمها لأبنائهم التلاميذ والطلبة بكل تجرد، ودون أية شكوى أو تذمر لأن الوطن ينادي.

وأضاف علاكوش في اتصال مع هبة بريس، أنه قد يتفهم للوهلة الأولى، توقف المباريات لدواع صحية مقبولة ومنسجمة مع الظرفية الوبائية، لكن إقصاء عدد من القطاعات من الشكر ولو رمزًا، ومنها قطاع حيوي كالتربية والتكوين، لا يمكن تفسيره سوى برغبة الحكومة في استغلال الظرف لتصفية حقد لايعلم سببه، ولا يبرره حتى قانون الطوارئ للمس بحقوق الموظفين، ومن بينهم أطر وزارة التربية الوطنية، ولاسيما الفصل 21 من الدستور الذي يستند إليه المرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية يقول “لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته- تضمن السلطات العمومية سلامة السكان، وسلامة التراب الوطني، في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع”، مضيفا أن الجامعة الحرة للتعليم ترى كل التخوفات التي عبر عنها نساء ورجال التعليم وكل موظفي القطاعات الأخرى مشروعة لأنه واقعيا ترقياتهم ماهي إلا متأخرات مالية مستحقة ومؤجلة لعشرات السنين وليست ترقية سنوية مرتبطة بظرف ما يمكن استغلاله، أما ان كان يقصد المنشور تأجيل التسوية المالية أمام الجائحة العالمية، فالمنشور يصبح غير ذي موضوع لأن أمر تأخير التسوية المالية بعد اجراء الترقية يعمل به لسنوات خلت دون حاجة لمنشورات خارج سياق الإجماع والوحدة والتضامن لمواجهة العدو الخفي.

وفي مقابل ذلك، خرج وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي “سعيد أمزازي” بتدوينة له على حسابه الفايسبوكي، اعتبرتها أسرة التعليم اعترافا بالجميل وتحفيزا للمضي قدما نحو تحقيق الأفضل، حيث عنون امزازي تدوينته بــ”الشكر والتقدير”، إذ قال : “في هذه الظرفية العصيبة التي تمر منها بلادنا، لا يسعني إلا أن أتوجه بأصدق عبارات الشكر والتقدير إلى عموم المواطنات والمواطنين على حسهم التضامني الكبير، وعلى التزامهم بالإجراءات الوقائية والصحية اللازمة ضد هذا الوباء، كما أتوجه بصفة خاصة لنساء ورجال التربية والتكوين بصادق عبارات الإشادة والامتنان على تضحياتهم الجليلة لضمان تمدرس بنات وأبناء وطننا العزيز وعلى انخراطهم الجاد والمتواصل في عملية التعليم عن بعد.”

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. الكل يتحدث عن التعليم والصحة والامن والوقاية المدنية ولا احد تحدث عن الموظف الجماعي الايضحون هم ايضا في هذا الوقت بالرغم من انهم لايتوفرون على اي من ادوات الحماية نتمنى ان تكتبوا عنهم وعن معتناتهم وهم اكثر عرضة للاصابة بهاذا الفيروس لانهم يستقبلون المئات من المواطنين يوميا وشكرا.

  2. ماذا لو كانت مذكرة رئيس الحكومة بلا استثناء ؟ هل كانت قيامة القيامة ستكون حاضرة من خلال هذه الابواق ؟ يجب اشفاء كورونا عن بعد من خلال فيديوهات حتى تسلم اجساد الاطباء من الوباء ؟ كذلك رجال السلطة هم كذلك يجب الاشتغال عن بعد كاصقائهم من رجال ونساء التعليم حتى تسلم ابدانهم واجسادهم من وباء كرونا الذى يهددهم فى حياتهم هم واسرهم . لان الدولة لاتسمح ببقاء الطبيب ورجل السلطة يعمل عن بعد بواسطة وسائل التواصل السمعى البصرى فانهم مجبرين على مواجهة كورونا بشكل مباشر من خلال الاختلاط لاالعزل كما هو الحال لشريحة التعليم المحظوظة ببقائها الى جانب اسرها هروبا من مخاطر كرونا . وفى الاخير لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم . دائما البكاء والحصيلة العلمية ضعيف جدا . والدليل ما وصل اليه ابناؤنا من مستويات معرفية متدنية رغم لهط اساتذة الساعات الاضافية التى تؤدى باثمنة باهضة ذون مراعاة لجيوب الاباء حيث قد يصل ثمن ساعة اضافية الى 500 درهم كتعويض لاستاذنا المبجل . هذه التجارة غير مسموح بها بمذكرات وزارية . لكن هل من ضمير ؟ والله المعين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى