في زمن كورونا.. هل تعيد وزارة الصحة النظر في مستشفى الرئة بابن أحمد؟

محمد منفلوطي_هـــبة بريس

بعد أن أكل منه الدهر أكلا، وبعد أن تحولت حيطانه ومرافقه إلى أطلال تحكي عن حرقة زمان مر من هناك احتضن المريض العليل فخرج معافى سالما غانما، وبعد أن تحول محيطه إلى مرتع لمعاقرة كؤوس الخمر واللقاءات الحميمية، وبعد أن فتح مجاله الغابوي شهية أعداء البيئة لينهالوا على أشجاره الباسقة التي تعود لسنوات خلت، هاهو مستشفى داء السل بمدينة ابن احمد عاصمة امزاب دائرة سطات الذي طالته أيادي التخريب والاهمال والاقصاء يعود إلى دائرة الأحداث من جديد في زمن الكورونا، إذ تداول نشطاء فايسبوكيون صوره مذكرين بدورهم المحوري في شفاء الحالات التنفسية المستعصية آنذاك، قبل أن تتخذ الجهات الوصية على القطاع قرار اغلاقه.

فعلى بعد مايقارب 50 كيلومتر شرق مدينة سطات، يقودك المسير نحو عاصمة امزاب، مدينة ابن احمد مجمع الأولياء والعلماء ومقاومي الاستعمار، بطريق كثيرة المنعرجات والحفر والمنحدرات، يحملك السفر إلى ملامسة نسيم عليل نابع من بين ثنايا منطقة غنية بالعلم والعلماء ورموز النضال السياسي، لتجد أمامك علامة تشوير ايذانا بدخولك مدينة ابن احمد.

وأنت تجول وتصول بشارعها الرئيسي، ينثابك شعور عجيب غريب، لأشجار باسقة عايشت جيلا منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، أشجار تلقي بظلالها على بناية شيدها المستعمر الفرنسي وخصصها لمعالجة امراض الصدر والربو والسل، اختياره هنا لم يأت اعتباطا بقدر ماهو اختيار استراتيجي، لماتزخر به المنطقة من جو سليم نقي يفي بالغرض، كان المرضى يدخلون على النعوش ويغادرونه مشيا على الاقدام.

إنها بناية مستشفى داء السل التي شيدها الفرنسيون وسط غابة من أشجار خضراء لمواجهة الأمراض التنفسية منذ سنة 1941، قبل أن يتدخل مسؤولو وزارة الصحة لإغلاقه سنة 2004، محولين بنايته هاته إلى ما يشبه أطلالا، فيما أشجاره النادرة باتت تحت رحمة أعداء البيئة يتربصون بثرواتها الغابوية لإعدامها وابادتها امام أعين المسؤولين.

هذا المرفق الصحي الذي كان يلجه المرضى من كل بقاع المغرب وحتى من خارجه، محمولين على الأكتاف ليغادرونه مُعافين من داء السل بسبب العناية الطبية التي كانت آنذاك بالاضافة إلى الهواء النقي والصحي، المعروف بـ”ميكروكليما”، بفضل الأشجار المحيطة به، كأشجار الصنوبر التي تساعد على معالجة أمراض الصدر والتنفس، لكونها تفرز عناصر تساهم في امتصاص التلوث لتنقية الهواء وحمايته من الجراثيم.

هذا المرفق الصحي الذي طالته أيادي الاغلاق والاقبار، شيّده المستعمر الفرنسي على مساحة تبلغ 3483 مترا مربعا، مكون من 4 طوابق بما فيها الطابق تحت أرضي، وطاقة استيعابية تقارب 80 سريرا، كان يستقبل المرضى من مختلف مناطق المغرب وخارجه، وتدوم مدة الاستشفاء من أسبوعين إلى ثلاثة أشهر، تسهر عليه أطر طبية تتجاوز 24 عنصرا موزعة بين أطباء أخصائيين وممرضين وأطر إدارية وتقنية ومساعدين.

ليبقى السؤال مطروحا وبقوة على طاولة وزير الصحة في زمن الكورونا: لماذا لم يعيد الوزارة النظر في قرارها لتعيد الروح من جديد لهذا المرفق الحيوي، لاسيما والعالم اليوم يعيش تحديا كبيرا في مواجهة هذا الفيروس الذي رصدت له مبالغ مالية ضخمة ولوجستيك لم تشهده البشرية في تاريخها، اذ ذهب الامر ببعض الدول الى الاستعانة بالملاعب والفضاءات وبناء المستشفيات المتنقلة في مواجهة هذا الوباء؟

هل ستنعش وزارة الصحة آمال العديد من مرضى الجهاز التنفسي وتعيد الحياة لهذه المعلمة الصحية؟

نتمنى صادقين أن تكون هذه الالتفاتة اشارة قوية لتسليط الضوء على هذا المرفق الصحي الحيوي لإعادة الروح إليه بدل إقباره وتحويله إلى لقمة سائغة في فم تجار الصناديق الاسمنتية، وسبيلا لبثر ثروته الطبيعية من أشجار الصنوبر الخالدة خدمة لأعداء البيئة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. نعم فتح هاشاج لفتح هذه المعلمة قبل ان نقع في الكارتة ان لم يكن فتحها الان فمتى او جعلها كحجر صحي وطني تؤطر اطر الجيش المغربي عكس وضع الخيام وهذا احسن لنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى