الصحافي مصطفى حيران يروي تفاصيل الاستماع إليه من طرف وكيل الملك‎

كشف الصحافي مصطفى حيران خلال تدوينة مطولة بحسابه الشخصي على الفايسبوك، تفاصيل الاستماع إليه من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء وأيضاً تفاصيل الاستماع إليه من طرف الوكيل حيث نشر قائلا :“رحلة فرقة الشرطة القضائية والمحكمة.. وقطعة حياة موووغرابية”، حيث جاء فيها، ” وجدتُ صعوبة في الوصول إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية صباح الإثنين الأخير عكس المرة الأولى. كان عليَ أن أسأل هذا وذاك لأستقل الترام مرتين من وسط كازا حتى سيدي مومن ومنه إلى بوسيجور و”ضرب” مسافة نصف كيلمتر “كعبة” حتى مقر الفرقة المذكورة في أقصى غرب المدينة.
مددت ورقة الإستدعاء، بعد السلام، لأحد الشرطيين الحارسين في مدخل المؤسسة الفسيحة قال لي: “لاكارط”.. “ها هي” وتقدمني نحو مكتب الإستقبال، لاحظتُ قبل أن أدلف إلى هذا الأخير أن سيارة مركونة في أحد الجوانب من نوع “داسيا” يوجد فيها ثلاثة أشخاص نظروا إلي باهتمام زائد حين ظهوري.
دلفتُ إلى قاعة الإنتظار وجلستُ أنتظر.
مرت نحو ربع ساعة فإذا بسيارة “داسيا” تتحرك ويركنها سائقها أمام قاعة مكتب الإنتظار ويترجل منها أحد الرجال الثلاثة، توجه إلي وقال: “مصطفى حيران؟” قلتُ: “نعم” قال: “تفضل معنا”..
قمت من مكاني وامتطيتُ السيارة لوحدي في الخلف، وبدا أمامي قفيَيْ شابين أسمرين على نحو شفاف، أقفل الشخص الثالث باب السيارة وأشار للسائق بالانطلاق، قبل ذلك التفت إلي السائق ومد يده للسلام.
لم يتفوه أحدنا بكلمة بعد ذلك، حتى لاحظ السائق أنني عمدتُ إلى إقفال زجاج النافذة من جهتي، قال لي: “آكما البرد؟ نسدو؟” قلت له: “سديتو”..
تجاوزت السيارة مقرات الكليات كلها في طريق الجديدة ثم انعطفت إلى الطريق السيار في اتجاه الرباط.
مرت نحو خمسة عشرة دقيقة قبل أن يسألني السائق: “واش عارف فين غاديين؟” قلت: “لا” قال لي: “راه ما كاين لا اعتقال لا والو” قلت: “لم أسأل عن هذا الأمر” تابع: “راه غي وكيل الملك بغى يشوفك” ثقلت: “شكرا على المعلومة” وران نفس الصمت.
عند مدخل عين السبع في الجانب الأيمن من الطريق السيار انعطفت السيارة ثم دارت بين تلافيف طريق مبثوثة بالأشغال لتربض في الأخير أمام المحكمة الإبتدائية لعين السبع وترجلنا منها ثلاثتنا.
مررنا من المدخل الأيمن الأشبه ب”الكَاراج” بعدما تحدث مرافقاي مع رجال الأمن، ثم دلفنا. ثمة ممر تم تضييقه بحاجز قضبان حديدية بعلو نحو نصف متر اجتزناه حتى بلغنا بضعة مكاتب إدارية وتوقفنا عند بهوها.
طال الإنتظار بما يكفي لأعاين تدفق عشرات المعتقلين، بدا من سحناتهم وهيئاتهم، وأغلبهم في أعمار سن المراهقة، طبيعة التهم الموجهة إليهم، بعضهم كانت عليهم جروح طازجة وثيابهم معفرة بالدماء.. إنهم بدون شك متهمو قضايا “تبادل الضرب والجرح” وما شابه.
التدفق “الدموي” كان كثيفا أمام رجال الشرطة الذين كانوا يدققون في أسماء المتدفقين وينزعون من أيديهم الأصفاد التي كانوا مشدودين إليها مثنى مثنى قبل تقديمهم أمام وكيل الملك.
قطعة حياة موووغرابية كانت “”تتدفق” بسخاء.
لم يستسغ رجل شرطة بدا أنه الأعلى رتبة بين زملائه تواجدي في المكان فاستفسر أحد مرافقاي، وعندما علم بأمري قال له: “يمشي لقاعة الإنتظار” في هذه الأخيرة كانت ثمة مقاعد طويلة في صفوف جلستُ في جانب من أحدها كان فارغا.
وهناك أيضا استمر التدفق السخي لقطعة الحياة الموووغرابية.
كان ثمة عشرات المراهقين بصحبة أفراد من أسرهم: آباء أو أمهات أو إخوة أو أخوات.. اللغط ملحوظ بين الجميع بل والبكاء.. أحد المراهقين كان يبكي بصوت عال لفت انتباه الجميع قسرا.. طفق يصرخ بين نوبات إجهاشه: “ما درت والو والله ما درت والو”.. “آويلي وحدي راه غادي ندير شي ق… فراسي.. غادي ننتاحر”..
اتجهت نحوه مراهقة في مثل سنه كانت بين المنتظرين وقالت له مواسية بصوت واثق متزن: “البكا ما غاديش ينفع صبر آخويا، شوف حالتي أنا راه تهموني ضربت ولد واش أنا نضرب ولد؟”.
بدت الفتاة رابطة الجأش في غير تصنع على نحو أثار تعاطفي وإعجابي وإن لم أكن أعرف قصتها ضمن قطعة الحياة المووغرابية التي كانت تتدفق أمامي.. تعاطفي وشت به ابتسامة لم يلحظها غيري أو هكذا ظننت.
نادى شرطي باسمي فوقفت واتجهت نحوه، قادني إلى مكتب وكيل الملك، لم يكن هناك مقعد أمامه.. قال لي: “مصطفى حيران؟” قلتُ: “نعم” لتتابع فقرات حوار ترددت فيه أسئلة حول هذه العبارة أو تلك من مقالي الذي أصر الوكيل على تسميته “تدوينة”: “هكذا صيد المخزن الملكي الصحافي توفيق بوعشرين؟”.. ثم سألني في الأخير: “واش عندك محامي؟”.. “الأستاذة نعيمة الكَلاف وسأطلبها هاتفيا إن أمدني أحدهم به لأنني لا أحمل هاتفي معي”..
نودي على أحد المحامين وطُلب منه أن يركب رقم ذة نعيمة بعدما أمددته به ثم منحني الهاتف، سألتها إن كان بإمكانها المجيء قالت إنها في الرباط وستكون في عين المكان بعد نحو ساعة ونصف.
عدتُ إلى قاعة الإنتظار لأعاين استمرار تدفق قطعة الحياة الموووغرابية بلا انقطاع.. بكاء أمهات وأبنائهن المراهقين أمام فوهة مصير معجون بالألم ومطعون بالمجهول.
جاءت الأستاذة نعيمة أخيرا. ذهبنا معا إلى مكتب وكيل الملك وكان هناك حوار من نفس طبيعة الأول.
خرجنا من المحكمة عصرا لنفترق حيث كانت ذة نعيمة على موعد آخر في سجن عكاشة مع معتقلي حراك الريف بينما استقللت أنا القطار نحو الرباط”.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الصحافيون الشرفاء يتجرجرون الى الأقبية والمحاكم ، والصحافيون الذين يبيعون اي شيى حتى اعراضهم ، يلبسون ساعات ب30000 $ رغم غبائهم ،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى