كورونا… الفتنة أشــــــــد من القتل

بقلم محمد منفلوطي

محرر بهبة بريس

إنها الإشاعة القاتلة والأخبار الزائفة التي تندرج في إطار الفسق والفسوق، التي نهانا رب العزة عنها في محكم كتابه، حيث قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”..إذ أمر الله تعالى بالتثبت في خبر الفاسق ليحتاط له ، لئلا يحكم بقوله فيكون في نفس الأمر كاذبا أو مخطئ.

أصل الحكاية هنا، هو ما تلوكه الألسن وتخطه الأنامل وتذيعه مواقع التواصل الاجتماعي لأخبار زائفة من هنا وهناك، بغرض نشر الفتنة والخوف بين صفوف العباد، وما الأخبار الزائفة الي يروج لها هؤلاء لأناس حول “فيروس كورونا” لخير دليل على حقد هؤلاء وبغضهم لاستقرار بلدهم وأمنه وأمن مواطنين من خلال الترويج للمغالطات المرعبة من هنا وهناك.

فبعد المزاعم والافتراءات التي مافتئ هؤلاء المتربصون ينشرونها كان آخرها ما تم الترويج لها، لخير دليل على صدقية الآية الكريمة بعدم الانجرار وراء الأخبار الزائفة، وهو بالفعل ما يعامل معه السلطات المعنية ببلادنا “مشكورة” بنوع من الحزم حين أصدرت بلاغات تحذر من نشر مثل هاته الأفكار والافتراءات لخلق “البلبلة” بين صفوف المواطنين، لمثل هؤلاء نقول “اتقوا الله في وطنكم، واعملوا على افشال كل المحاولات البائسة لابتزازه والنيل من استقراره من قبل أعدائه الذين يعملون ليل نهار لجعله رهينة بين أيادي من يكنون له العداء ويحاولون اجهاض مسلسله الديمقراطي الذي ظل نموذجا استثنائيا سواء في معركة التحرير والاستقلال أو في مرحلة بناء الدولة الديمقراطي”.

قد يقول قائل جاحد، أو متعنت جاهل، إن كل هذا إنما هو من تجليات كاتب المقال ليس إلا، ونحن نقول له على مهلك يا هذا، فأصل الحكاية هنا تلك الاشاعات التي نود التحذير من خطورتها، والتي قد تكون لها تداعيات مروعة سواء على الاستقرار والسلم والنظام العام، وكذا على الوضعية الاقتصادية والصحيةببلادنا، فلا يحق لأي كان أن يركب موجة نفسه ليسبح في غيابات الفضاء الأزرق مستغلا مساحة الحرية التي أتيحت إليه ومنحها له “دستور 2011″، ليختبئ “بصورة تنم عن الجبن” وراء اسم مستعار على حسابه الشخصي لينفث سمومه وحقده من خلال تمرير أجندته الخبيثة عبر نشر وقائع لا أساس لها من الصحة، إذ أن القانون لايسمح لأي كان أن يقوم مقام الجهات المختصة والوصية على القطاع ويتكلم بلسانها، فلهذه الأخيرة قنواتها وبلاغتها الرسمية التي يجب التعامل معها والتقيد بمضامينه” وهو ماجعلها تقرر (الجهات المختصة) باتخاذ جميع التدابير القانونية من طرف السلطات المختصة لتحديد هويات الأشخاص المتورطين في الترويج لهذه الافتراءات والمزاعم.

نعم، وفي السياق ذاته، عملت وزارة الداخلية على طمأنة الرأي العام، من خلال حث المواطنات والمواطنين إلى ضرورة توخي الحذر أمام ترويج أخبار كاذبة ووهمية منسوبة لجهات رسمية بواسطة تقنيات التواصل الحديثة حول ما تصفه بإجراءات احترازية متخذة من طرف السلطات في إطار محاربة فيروس كورونا المستجد، وانها رصدت مؤخرا تنامي إقدام بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الفوري على الهاتف المحمول على نشر أخبار تضليلية وزائفة ومنسوبة إلى مؤسسات رسمية حول ما تصفه بإجراءات احترازية متخذة من طرف السلطات في إطار محاربة فيروس ” كورونا ” المستجد، مؤكدة في الوقت ذاته على أن الإجراءات المتخذة في هذا الإطار يتم الإعلان عنها من طرف المؤسسات المختصة من خلال إصدار بلاغات عبر القنوات الرسمية المخصصة لذلك، فإنها تهيب بالمواطنات والمواطنين إلى ضرورة توخي الحذر أمام ترويج أخبار كاذبة ووهمية منسوبة لجهات رسمية بواسطة تقنيات التواصل الحديثة”.

كورونا.. الفتنة أشد من القتل.. ففي ظل الزخم الكبير الذي بات يؤثث المشهد بصورة مثيرة للعجب على مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات وسائل الإعلام وشاشاتها، وفي خضم الاحداث المسارعة والترقب المشوب بالحذر لتجاوز الأزمة، من بين ثنايا هذا كله، تنساب معطيات وأخبار منها ما يحمل منطق الجد والمصداقية، ومنها ما يحتمل الخطأ، ومنها ما يندرج في خانة التضخيم والتضليل والترويع، مما خلق نوعا من الهيستيريا الفتاكة التي هي أشد من كورونا القاتل….فدبّ الخوف في نفوس الناس، منهم من فارق العناق الذي تبين لاحقا انه كان بطعم النفاق، ومنهم من ألغى مجالس العزاء ومجالسة الأخلاء، وآخرون دفع بهم “كورونا” إلى إلغاء الاحتفالات والتظاهرات والسهرات، ودول أخرى سارعت إلى إغلاق العديد من المصانع والمعامل وما خلفه من تأثير مباشر على الاقتصاد، فيما هرول البعض الآخر إلى اقتناء الحاجيات وادخار المستلزمات من مراكز التسوق تحسبا لأي طارئ بما فيه الحجر الصحي المحتمل….”إنها هيستيريا كورونا الفتاكة”.

فيروس “كورونا”، الذي كشف عن ضعف وهون البشرية وتعلقها بالحياة وحرصها أشد الحرص، “خلق الإنسان هلوعا”، فبات المرء يخاف من القريب قبل البعيد، وبدأت مظاهر العناق المزيف بالنفاق تختفي من اللقاءات اليومية بين الأفراد وحتى بين الذين كانوا يعتبرون انفسهم أحبة، وأخذ كل واحد مسافة محترمة بينه وبين مخاطبه، فيما حاول البعض الآخر تفادي الجلوس على موائد اللقاءات المعتادة بطعم “الزرود”، فانكشفت العلاقات المزيفة المبنية على المصالح الشخصية الضيقة وحب الذات، ونسي المرء يوم الفرار الأعظم حين قال ربنا عز وجل متحدثا عن أهوال يوم القيامة: “يوم يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ” صدق العلي القدير.

فيروس “كورونا” الذي حول مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصة لتغليط الرأي العام وإثارة هلع بطعم “الهيستيريا الفتاكة”، من قبل البعض، وتفنن المتفننون في تمرير رسائلهم المبطنة بهدف ترويع المواطنين، فيما آخرون حضر لديهم البعد الإيماني وباتوا يُذكِّرون الناس بالاستغفار والإكثار من الدعاء.

لنختم القول: ” ارحموا هذا الوطن الذي يناديكم الآن في ظل هذا الوضع الذي يعرفه العالم في مواجهة هذا الفيروس القاتل، ودعوا الإشاعات والفتن ما ظهر منها وما بطن، جانبا، واعملوا عل إفشال كافة المخططات والمكائد التي تنسج في الخفاء والعلن للنيل من استقراره…واستحضروا مشاعر الناس ولاتزرعوا الخوف والفزع في قلوب العباد والبلاد.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى