انتخابات 2021 .. الامتحان الصعب أمام الاحزاب والنخب السياسية المغربية

*صورة من الارشيف

ع اللطيف بركة : هبة بريس

يرى عدد من المراقبون أن الانتخابات التشريعية المنتظرة سنة 2021، قد تعد الاسوأ في مسار الانتخابات المغرب خلال العشرين سنة الجارية، من حيث نسبة التصويت والمشاركة الإيجابية.

و يرى مراقبون أن هناك عدة مؤشرات عرفها المشهد السياسي في البلد ، سواء منها ما تعلق بمحددات السلوك السياسي للمواطنين، أو المتعلقة بما تقوم به السلطة وأدواتها من أحزاب ونخب وإعلاميين.

أولى هذه المؤشرات تتعلق بالتحرك الذي تبديه عدد من الاحزاب السياسية في الساحة من خلال عقد لقاءاتها وتجمعاتها، مع أن ” الخطاب ” لم يتغير، بالرغم من الحفاظ على ” الحماسة”، لتحفيز فئات جديدة من المواطنين خصوصا ” الشباب” او بعض رجال المال والاعمال من ذوي المصالح على الالتحاق بالاحزاب، علما أن طريقة ” الحشد ” لم تتغير بدورها، حيث ان جل الاحزاب ( معارضة وأغلبية) تتبادل الاتهامات فيما بينها، بغية تحميل المسؤولية لبعضها لما وقع من تراجع في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين او من خلال عدم الوفاء بحسب برامجها الانتخابية لتحقيق التنمية المنشودة .

ذلك أنه لا يمكن لأي متتبع موضوعي للحياة السياسية المغربية، أن يضع إمكانية تصدر حزب معين، ضمن سيناريوهات الانتخابات المقبلة، من خلال ما وقع في المشهد الحزبي المغربي ، بعد أن تراجع مستويات ” الثقة ” في الفاعل السياسي ، مقارنة مع الانتخابات الماضية، حيت وضع جزء من المغاربة ثقتهم في الحزب الاسلامي ” العدالة والتنمية ” من أجل تغيير الاوضاع ، غير أن توالي السنوات لم يفلح الحزب ومعه شركائه في الحكومة تقديم أجوبة ” مقنعة ” للمواطن بالرغم من التعديلات التي وقعت في تشكيلة الحكومة .

أما عن محددات السلوك السياسي والانتخابي للمواطنين، على الأقل كما تحددها مبادئ علم السياسة، سواء تعلق الأمر بالميول أو النزعات أو الآراء أو المصالح أو القيم، فإن ما تعيشه مؤسسات التنشئة الاجتماعية والثقافية والسياسية من ترهل ملحوظ منذ سنوات، كاف لجعل محدد المصالح والمنافع المالية أساسا وحده القادر على التأثير إيجابا في المشاركة خلال الانتخابات المقبلة، أو محدد القيم الذي يصعب أن يكون مؤثرا بدون قبول حزب العدالة والتنمية تحفيزه، ومن هنا يمكن أن نفهم لماذا يتم الاحتفاظ بالحزب إلى اليوم عنصرا فاعلا في هامش مرسوم داخل الحياة السياسية، خاصة مع الفشل في إنعاش ميول المواطنين واستثارة نزعاتهم للمشاركة عن طريق آليات صناعة الرأي العام المعتمدة بالمغرب.

-انتخابات سابقة …ورهان التغيير

إن نسبة المشاركة في الانتخابات مرتبطة بشكل كبير بالسياق السياسي الذي تجري فيه، فنسبة 51,61 في المائة التي عرفتها انتخابات 2002، كانت لها علاقة بحزمة الإصلاحات السياسية التي شهدتها البلاد خلال تلك الفترة، لكنها إصلاحات لم تتواصل وتمت الاستعاضة عنها بمسار آخر ظهرت نتائجه في نزول نسبة المشاركة إلى 37 في المائة في انتخابات 2007، قبل أن تعود إلى الارتفاع سنة 2011 لتصل إلى أكثر من 45 في المائة في سياق تميز، أيضا، بإطلاق دينامية احتجاجية وإصلاحية توجت بتعديل الدستور، حيث دخلت البلاد مرحلة ملؤها التفاؤل العام، انعكس على نسبة التصويت خلال انتخابات 2016، التي تجاوزت 43 في المائة متحدية مختلف أنواع الكوابح من أطراف كثيرة.

وبهذا المنطق، فإن نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة، لا يمكن إلا أن تكون متدنية، على اعتبار أن ما عاشه المغرب في هذه المدة، كان تراجعا واضحا عن الإصلاحات التي أعادت للمواطنين الثقة في العملية السياسية، ولا يمكن أن يتحمل مسؤولية إفقاد الانتخابات المقبلة نسبة كبيرة من المصداقية والمشروعية، إلا من ساهم في هذا التراجع، ذلك أنه يصعب طي الصفحة بسهولة والمضي نحو الانتخابات وكأن شيئا لم يقع، ولهذا يبدو من المفيد ترك مبادرات بعض الاحزاب التي لم تصل بعد الى مستوى إقناع المواطن بمشروعها، خصوصا احزاب يسارية يتقدمهم الاتحاد الاشتراكي في حالة تغيير قيادته وكذلك حزب ” البام” ونخبه الجديدة من أجل أن تشكل ديناميكية متغيرة، رغم ان هذا المشروع قد يواجه فشل بسبب ضيق الحيز الزمني.

الاحزاب المغربية كانت قد اعطيت لها عدة فرص لاصلاح حالها، غير أن الهرولة نحو ” دار المخزن” الذي بدوره أصبحت تلك الاحزاب تشكل له عائق لانها لم تعد تساير وثيرة الاصلاحات والافق المنشود، فأصبح ” القصر” يتحرك بسرعة قصوى، في حين أن الاحزاب من خلال قيادلتها الحالية ونخبها المصطنعة لم تعد تسير بنفس الوثيرة.

فالحلول المتبقية، هو اخراج ورش الجهوية المتقدمة للوجود، وإرغام الاحزاب بتغيير تركيبتها البشرية المؤهلة، مع العمل على إبعاد ” أصحاب المال” او المتسليلين للمشهد من تجار المخدرات وتجار الدين، مع وجوب ان تقدم الاحزاب بشكل سنوي حصيلة عمل فروعها على التراب الوطني من عملها في تأطير المواطنين والمساهمة في بروز نخب جديدة، كمحدد لتسلمها المنح، أو سحب التراخيص المقدمة لها، خصوصا أذا علمنا ان العشرات من الاحزاب عبارة عن مقرات فقط .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى