مدمنو “الجانكا”.. جلسات خمرية بمدينة سطات أمام أعين المارة

محمد منفلوطي_ هبة بريس

مدمنون ومتشردون وحتى المرضى النفسيون من مختلف الأعمار،  من داخل المدينة أو من خارجها رمت بهم الظروف إلى الشوارع، ورمت بهم هذه الأخيرة إلى المزابل غير آبهين لنظرات المارة الذين صاروا يألفون شيئا فشيئا تصرفاتهم ونمط عيشهم.

صاروا زبناء رسميين لهذه الموائد “صناديق القمامة”، أخذوا من زوايا الشوارع مجمعا لهم، افترشوا الارض ووزعوا الأدوار فيما بينهم، يتقاسمون أطراف الحديث يصرخون في وجوه بعضهم البعض.

قاسمهم المشترك ما جادت به أيادي المحسنين من دريهمات، ليبادروا الى شراء قنينة الماء الحارق أو ما يطلق عليه ” الجانكا”، وعندما ضاقت بهم الدنيا وقلة ذات اليد، التجؤوا إلى احتساء بعض المعطرات السائلة التي تستعمل ما بعد الحلاقة.

هنا من قلب مدينة سطات وبالمحاداة من مقبرة سيدي بوعبيد وشارع الجنرال الكتاني، رصدت كاميرا هبة بريس تجمعات لمثل هؤلاء بالقرب من إشارة المرور الضوئية، وهم يعاقرون كؤوس المياه الحارقة ، وروائحها الملتهبة تفوح من أفواههم.

يسارعون الخطى نحو اول سيارة تتوقف عند الضوء الأحمر، ليطرقوا زجاج نافذتها ايذانا لطلب المساعدة من اجل اتمام جلستهم الخمرية، أمام الملأ وفي غياب أي تدخل من الجهات المعنية، يعاودون الانتشار بمختلف الأزقة والشوارع العامة.

إنهم متشردو المدينة في عز موجة البرد تراهم يوقدون النار للتدفئة، طعامهم ما جادت به أيادي المحسنين، ومنهم من بات زبونا رسميا لحاويات النفايات شأنهم شأن الكثير من هواة هذه التجربة المقززة.

أبطال هاته التجربة تنوعت أعمارهم وتوحدت ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية كبؤساء فقراء اضطروا إلى اللجوء إلى صناديق القمامة وأكياس البلاستيك الموضوعة على جنبات الشوارع والأزقة، فمنهم من وجد فيها حاجته لسد رمقه، فصارت لديه بمثابة المطعم الشعبي المفضل، يجد فيها فطوره وغذاءه وعشاءه المجاني، ومنهم من تاه وسط أكوامها وانهمك في فتح أكياسها البلاستيكية لعله يجد ضالته.

كما تحولت هذه الصناديق لدى البعض إلى محلات عمل، تغنيهم نسبيا عن التسول باحثين عن بقايا الأواني المعدنية والقنينات الفارغة وغيرها بغية بيعها والاستفادة من عائداتها…

لقد أصبحت ظاهرة معاقرة”الجانكا” أمام الملأ وبالشارع العام، و كذا ظاهرة آكلي القمامة تلقي بظلالها وبشكل لافت وسط شوارع المدينة وأزقتها، وتفاقمت بشكل مقلق في السنوات الأخيرة حيث أضحت ظاهرة عادية…وصار من الطبيعي أن تجد إلى جانب كل حاوية أزبال متشرد أو أكثر يقفون أمامها وكأنهم حراسها الشخصيون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى