بسبب الأوضاع المزرية بمستشفى الجديدة.. عامل الاقليم يهاتف وزير الصحة

قام عامل إقليم الجديدة محمد الكروج، مرفوقا بباشا المدينة وقائد الملحقة الإدارية الستابعة، في حدود الساعة الثامنة من مساء أمس الخميس، بزيارة مباغتة، همت المستشفى الإقليمي بالجديدة، وقف من خلالها على الفوضى العارمة، التي تشوب تدبير هذا المرفق الحيوي الحساس. كما استمع إلى مرضى على أسرة المرض، ومواطنين كانوا ينتظرون أمام بوابة المستشفى و”كولواراته”، الولوج إلى الخدمات الصحية، أجمعت شهاداتهم على ما عاينه المسؤول الترابي بالواضح والملموس من أوضاع مزرية، في ظل محدودية الأطر الطبية والتمريضية، وضعف لمعدات والتجهيزات الصحية، وكذا، الانتشار الفوضوي والمثير لحراس الأمن الخاص، داخل أقسام وقاعات العلاجات بالمستشفى.

هذا، ووجه المسؤول الترابي انتقادات شديدة اللهجة إلى المندوب الإقليمي لوزارة الصحة، الذي انتقل على عجلة من أمره، على إثر ربط الاتصال به هاتفيا، إلى المستشفى، حيث كان عامل الجديدة متواجدا، وقام بزيارات تفقدية همت فضاءاته، ومختلف أقسامه (قسم الإنعاش – قسم المستعجلات – قسم الولادة..). إذ وقف على الفوضى السائدة، وعلى ما يعانيه المرضى ومرتفقو قطاع الصحة، في ظل سوء تدبير الشأن الحي، وقلة الموارد الطبية، والتي يقابلها انتشار كثيف ل”جيش” من حراس الأمن الخاص بزي شبيه بزي القوة العمومية، حتى أن الزائر يظن أن الأمر يتعلق بإنزال أمني، إثر حالة طوارئ.. شبهه بعضهم كما يحصل في دولة “بوليسية”، أو بإنزال جيوش الحلفاء، خلال الحرب العالمية الثانية.

وقد تفاجأ عامل الإقليم، عندما كان يتأهب لمغادرة المستشفى، بغياب تام للإنارة العمومية، عند مدخل قسمي الولادة وقسم المستعجلات، وأماكن توقف سيارات الإسعاف، التي كانت تسبح في ظلام دامس. حيث إن مرد ذلك يعود إلى الإهمال والتقصير في صيانة المولد الكهربائي (جينيراتور) الخاص بالمستشفى، والذي ظل خارج الخدمة، لمدة زادت عن 6 أشهر؛ على غرار معدات وتجهيزات طبية و”بيوطبية” (les automates). ما أدخل العامل الكروج في “نرفزة”، وأفاض الكأس، وحدا به من ثمة لتوه، مباشرة من أمام قسم المستعجلات، وقسم الولادة، حيث كانت نساء حوامل يتكدسن.. إلى ربط الاتصال بوزير الصحة العمومية، خالد آيت الطالب، على هاتفه الخاص، ووضعه في صورة الأوضاع المزرية والفوضى العارمة، التي يتخبط في مستنقعها المستشفى.
وكما تمت الإشارة سلفا إلى ذلك، فإن مستشفى الجديدة يعاني من قلة الممرضين، والأطر الطبية، ويشمل ذلك في جل الاختصاصات والتخصصات؛ إذ ثمة، على سبيل المثال، طبيبة أخصائية واحدة في أمراض القلب، وطبيبة واحدة في التحليلات الطبية، وطبيب واحد في أمراض العيون، وطبيبان جراحان، ويتم الاستعانة، لتأمين الحراسة، بطبيبين جراحين من أزمور وسيدي بنور..

هذا، فإن الزيارة الميدانية المباغتة، التي قام بها المسؤول الترابي محمد الكروج، ممثل صاحب الجلالة على إقليم الجديدة، ليلة أمس الخميس، إلى مستشفى الجديدة، بعيدا عن عدسات الكاميرات والأضواء الكاشفة، وخرجات البهرجة، والتي عاينتها الجريدة من باب الصدفة، تأتي تجسيدا للمفهوم الجديد للسلطة، وتكريسا لممارسة سياسة القرب، وذلك في قطيعة مع بعض ممارسات الماضي، ومع التدبير “البيروقراطي” لشؤون المواطنين والمرافق العامة، من على الكراسي المريحة، من داخل المكاتب المكيفة.

إلى ذلك، فإن حراس الأمن الخاص يتحملون قسطا من المسؤولية في الفوضى العارمة، التي يعيش على إيقاعها ووقعها المستشفى الإقليمي بالجديدة، وفي المعاملات غير اللائقة التي يواجه به المرضى ومرتفقو قطاع الصحة.. حيث تجد ما يزيد عن 10 حراس للأمن الخاص ، يعملون في إطار فوجين، بنظام التناوب، من السابعة صباحا، وإلى غاية الساعة مساءا، ومن الساعة السابعة مساءا، وإلى غاية الساعة السابعة صباحا (أكثر من 10 في الفوج الواحد)، ينصهرون مع الأطقم الطبية والتميريضية، ومع المرضى والمواطنين، وفي قاعات العلاج، بجانب المرضى على أسرة المرض.. ويقومون بالمهام الاعتيادية، وفي الأماكن ذاتها، مثل قسم المستعجلات، وقسم الولادة، ولا تجدهم مثلا بأعدادهم الغفيرة عند مستودع حفظ الأموات، أو عند المدخل الرئيسي للمستشفى.

والمثير أن حراس الأمن الخاص، الذين يتكدسون داخل الأقسام الصحية ذاتها، ويمارسون المهام ذاتها، ولا تشملهم التغييرات، رغم طول المدة التي يقضونها، والذين أصبحوا ملمين بكل صغيرة وكبيرة، بعد أن حفظوا عن ظهر قلب المستشفى وخباياه والمسار (circuit)، وأصبحوا يستشارون في جميع الإجراءات الإدارية والصحية.. وفي كيفيات الحصول على الشواهد والوثائق الإدارية، ومواعيد العلاج والتطبيب.. ويختلطون مع الأطباء والممرضين، والمرضى..(!)، أصبحوا يعيقون العمل داخل المستشفى، سيما في في غياب المراقبة التي من المفترض والمفروض أن تمارسها الإدارة، ممثلة في مدير المستشفى، والمندوب الإقليمي للوزارة، والحارس العام، والمقتصد، و4 ممرضين يقومون بمهام الحراسة، بنظام 12/36، من مهامهم واختصاصاتهم السهر على حسن تدبير واستغلال الموارد البشرية والمادية، وعلى الانضباط، وتأمين الولوج إلى الخدمات الصحية، في ظروف “صحية”.

والجدير بالذكر أن قطاع الأمن الخاص، الذي يقدم خدماته بالمستشفى الإقليمي بالجديدة، وبالمستشفى المحلي بأزمور، وبالمراكز والمستوصفات الصحية، بالنفوذ الترابي للمندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بالجديدة، يشغل أزيد من 200 حارسا للأمن الخاص، ويكلف اعتمادات باهضة، تثقل كاهل ميزانية وزارة الصحة.
هذا، فإن ممارسات وتصرفات حراس الأمن الخاص، قد عاينها عن كثب عامل الإقليم، في مناسبات وزيارات سابقة إلى مستشفى الجديدة، ونبه مرارا وتكرارا إليها القائمين على قطاع الصحة بالجديدة.. على غرار تنبيه المديرية الجهوية لوزارة الصحة بجهة الدارالبيضاء–سطات. لكن تنبيهات المسؤول الترابي، لم تأخذ مأخذ الجد، وأضحت كمن يسكب الماء على الرمال، أو ك”دان كيشوت دي لامانشا” الذي يحارب مطاحن الهواء. وضع بات يحتم تدخل وزير الصحة العمومية، خالد آيت الطالب، بالحزم والصرامة اللازمين، بغية إنقاذ “صحة” قطاع الصحة بالجديدة “المريض”، من خلال إيجاد حلول ناجعة، ضمنها تعويض حراس الأمن الخاص بالمضيفات، وتفعيل مهام واختصاصات مخفر الشرطة، شرطة القرب، الذي تم خلقه مؤخرا داخل فضاء مستشفى الجديدة، والذي يبدو “مشلولا”.

وتجدر الإشارة إلى أن وزير الصحة أوفد، على إثر الاتصال الهاتفي الذي أجراه معه، ليلة أمس الخميس، عامل إقليم الجديدة محمد الكروج، (أوفد) لجنة تفتيش مركزية، من 4 مفتشين، ضمنهم مفتشة، حلوا، صباح اليوم الجمعة، بمستشفى الجديدة، حيث تواصلت عملية التفتيش والتدقيق، التي أجروها، إلى غاية ما بعد الساعة الثالثة زوالا.

هذا، فإن لجنة التفتيش المركزية بصدد إنجاز تقرير مفصل، سترفعه، على أبعد تقدير، مطلع الأسبوع المقبل، إلى وزير الصحة، الذي سيتخذ على ضوئه قرارات وزارية توصف “من العيار الثقيل”، قد تحدث زلزالا بالمندوبية الإقليمية لوزارة الصحة، والمستشفى الإقليمي بالجديدة، وقد تعصف ببعض القائمين على تدبير الشأن الصحي بالجديدة.

وبالمناسبة، فإن مندوب الصحة، جلال السعيد أصبغي، ومدير مستشفى الجديدة، عثمان بعيد، لم يمض وقت طويل على تعيينهما في منصبي المسؤولية بالجديدة. فمدير المستشفى، قد عين بهذه الصفة، شهر يونيو 2019، بعد أن كان شغل بالصفة ذاتها، في المستشفى الإقليمي لسلا؛ فيما المندوب الإقليمي، الذي ينتسب إلى إحدى الأحزاب السياسية العتيدة، كان اشتغل، سنة 2005 أو 2006، طبيبا داخليا بمستشفى محمد الخامس بالجديدة؛ وقد قدم من مدينة أزمور (إقليم الجديدة)، حيث شغل مديرا للمستشفى المحلي، مدة 5 سنوات؛ وعينته الوزارة الوصية، بعد ترقيته، في منصب المندوب الإقليمي بالجديدة، خلفا للمندوب السابق، الدكتور خالد أمال، الذي أعفاه وزير الصحة، الجمعة 01 يناير 2019.

وللجريدة عودة إلى القرارات والإجراءات الوزارية، التي سيتخذها وزير الصحة، خالد آيت الطالب، بسبب الفوضى والأوضاع المزرية، التي يتخبط في مستنقعها مستشفى الجديدة، والتي أثارت نرفزة المسؤول الترابي محمد الكروج، ممثل صاحب الجلالة على إقليم الجديدة، وجعلته يستشيط غضبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى