سلسلة حديث الأربعاء: هل تأخذ الجماهير المُتعصِّبة والاعلاميين العبرة من حادثة متولي؟

اسماعيل بويعقوبي – هبة بريس

ربما شكلت حادثة لاعب الرجاء البيضاوي محسن متولي، مادة دسمة للبعض، نظرا لهالة “التهويل” التي أحيطت بها فرفعت عدد النقرات والمشاهدات عندهم ، أولربما تناولها البعض بمنطق “التشفي” الذي ينهل من سيكولوجية “الشماتة وثقافة الانتقام”، الذي أسست له بنية رياضية واجتماعية تتسم بالاضطراب الخلقي والبؤس النفسي.

واقعة “متولي” الذي وجد براغي عجلات سيارته منزوعة من مكانها، باستعمال أدوات خاصة، من طرف مجهولين ، حسب ما كشفت عنه مصادر متطابقة وصور توثق للحادثة، جعلت الرأي العام يتساءل عما إذا كانت الحادثة تتعلق بعملية سرقة للعجلات ؟ أم أن الأمر قد دُبّر بليل؟

ورغم أن التحقيق الذي باشرته المصالح الأمنية في الموضوع، بعد تقديم اللاعب متولي لشكاية لدى مخفر الشرطة بهذا الخصوص،هو الكفيل بكشف ملابسات وظروف “اقتلاع” البراعي من مكانها، إلا أن قراءة ردود فعل الخصوم على أعدائهم والفرقاء ضد بعضهم، يجعلنا نلمس ذاك التعبير العاطفي المحموم واليائس الذي يترجم حالة الانتقام والوصول الى ذروته بالتمتع السادي لدى البعض بما يحققه الشامت من خصمه أو عدوه اذا ماتعرض لانتكاسة أو حادثة أو هزيمة أو فشل أو خسارة وأحيانا الموت في أقصى تجليات “التعصب”.

من المقبول والطبيعي في الرياضة وغيرها التنوع، ومن حق أي إنسان أن يختار ما يعجبه ويميل إليه، وهذا ما يفعله كل مشجعي ومحبي كرة القدم حول العالم إلا أن الخروج عن الروح الرياضية، وتحويل التشجيع إلى عداء، وخصومة دائمة للمنافسين والتحريض المتواصل عندنا بلغ مبلغا مؤسفاً، ويزداد خطره في مجتمعنا يوماً بعد يوم، ويأخذ أحياناً أشكال التشنج، والتحريض، والإستهزاء، و”الهياط” في التعاطي مع الأحداث الرياضية الذي نخشى أن تتطور إلى ما لا يحمد عقباه.

ومن هذا المنطلق لا أحد ينكر الدور الذي يقوم به الإعلام الرياضي الوطني والمحلي الجهوي كونه أحد القطاعات المهمة والمؤثرة في المجتمع بشكل عام، وفي الوسط الرياضي تحديدا إلا أنه، ومع الأسف الشديد ظهر لنا بعض الإعلاميين الرياضيين الذين انزاحوا بمقالاتهم وخرجاتهم ومداخلاتهم، ومغالطاتهم، و”شطحاتهم”، وصراخهم في مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ، (انزاحوا) عن واجب التحفظ والمهنية ونقل الخبر بكل صدق بعيدا عن التعصب، والتحيز، وعدم تقدير أمانة الكلمة، ونبل المهنة، الأمر الذي يشكل خطراً على المتلقين، ويدمر قيم التنافس النبيل، ويُفتّت اللحمة الوطنية ويرفع منسوب “التعصب” لدى الجماهير.

ماوقع لمحسن متولي إن ثبت حقا أنه فعل مُدبر بليل، فانه سيشكل بمالايدع مجالا للشك، تحولا جوهريا داخل المشهد الرياضي الوطني الذي اتسم على مر عقود من الزمن بالتعصب “الكروي” “الرّاقي”، فاسحا المجال أمام سلوكيات مرفوضة تتنافى وقواعد الضبط الاجتماعي والقيم الاخلاقية، وتتسع مساحتها مع مرور الزمن، مما يستوجب ضبطها بكل الوسائل حتى لاترخي بظلالها وتبعاتها الخطيرة من الناحية الاجتماعية والنفسية والأمنية والصحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى