بورتريه رياضي : عبد المجيد الظلمي … أسطورة الرجاء الخالدة

هو لاعب تميز بدماثة خلقه , وحسن تصرفاته , تراه هادئا لا يحرك ساكنا حتى في أصعب المواقف , كان يشبه شيخا على حافة التقاعد، نحيلا قليل الكلام ويسود شخصيته صمت عميق، ملامحه جامدة ونادرا ما يمكن مشاهدته وهو يبتسم.

تعود المغاربة على مشاهدته وهو يبدع على أرضية الميدان بلمساته الفنية وتمريراته الأنيقة حيث كان يقف كجدار في دفاع الرجاء الرياضي والمنتخب المغربي رغم نحافة جسمه ورأسه المنحني وشعره الكثيف مترامي الأطراف .

عبد المجيد الظلمي , من مواليد درب السلطان بالدار البيضاء في 19 أبريل من سنة 1953 , داعب كرة القدم في الأزقة قبل أن يلتحق بشباب الرجاء سنة 1971 ليتحول بعدها لأحد أعمدة الفريق الأول لمدة تزيد عن العقدين من الزمن .

لعب الظلمي أولى مبارياته مع الفريق الأول للرجاء ضد حسنية أكادير في مباراة عن البطولة الوطنية , حيث شغل مركز جناح أيمن الى جانب كل من المرحوم بيتشو وحمان وسعيد .

لعب الظلمي مع الرجاء لأزيد من 17 سنة فاز فيها بثلاثة كؤوس عرش وصنع لاسمه مكانا في قلوب الخضر , لدرجة أنهم أدمنوا متابعة مبارياته ولم يستسيغوا انتقاله لجمعية الحليب في صفقة كانت هي الأغلى في تاريخ البطولة , ولأنه قلبه متعلق بالرجاء اشترط عدم اللعب ضد فريقه وهو ما وافقت عليه إدارة جمعية الحليب , حيث حمل قميصهم لمدة 3 سنوات لم يحقق فيها فريقه شيئا لكنه كسب جمهور كبير كان يحج بكثرة لمتابعة المايسترو .

ولم يتقبل مناصرو الرجاء تغيير الظلمي لقميص الفريق حيث كان يتلقى وابلا من الصفرات والعتاب من المحبين، غير أن حل فريق الأولمبيك البيضاوي أعاد الظلمي لأحضان فريقه الأم لتنام أنصار الخضر بعد ذلك ملء جفونها.

على مستوى المنتخب المغربي عاصر الظلمي حقبة من النجوم من وزن فرس وعسيلة والهزاز والشريف حيث كان الظلمي العصب الحيوي لخط وسط المنتخب المغربي وكان ممن عاصرو مجد تتويج المنتخب بكأس افريقيا الوحيدة في تاريخ المغرب , وجاءت بعدها انتكاسة الهزيمة القاسية أمام الجزائر لتبعده عن المنتخب بعدما تعرض اللاعبون للتوبيخ من طرف الملك الراحل الحسن الحسن الثاني رحمه الله , غير أن الظلمي عبد المجيد الظلمي خرج سالما من مخلفات الهزيمة المذلة وعاد ليزين تشكيلة المنتخب المغربي والتي قادها الحارس بادو الزاكي والتي توهجت طيلة سنوات الثمانينات وكان لها شرف التأهل للدور الثاني في كأس العالم 1986 , في سابقة هي الأولى من نوعها لمنتخب عربي وافريقي .

اعتزل الظلمي اللاعب دوليا مع المنتخب المغربي سنة 1988 غير أنه واصل مساره مع الرجاء وجمعية الحليب الى غاية 1991 , وبعدها بسنة تم تكريمه من طرف منظمة اليونسكو بجائزة اللعب النظيف ليكون بذلك أول لاعب في العالم يحصل على هذه الجائزة.

توفي الظلمي سنة 2017 عن سن تناهز 64 سنة بعد نوبة قلبية أوقفت عقارب حياته وتركت خلفها ذكريات أسطورة يصعب أن تتكر في هذا الزمن .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى