وزراء بين الأمس واليوم .. الحلقة الخامسة: محمد نجيب بوليف

لبنى أبروك – هبة بريس

غريب أمر هاته السياسة التي قد ترفع شخصا من أدنى الأوساط الى أعلاها، ومن أعلى المراتب الى أدناها، التي تدفع الشخص منا إلى تغيير “جلده” مرات عدة، إلى الحديث تارة باسم الدين وأخرى باسم الشعب أوخرى باسم القانون .

وزراء وسياسيون آثاروا استغراب وصدمة المغاربة بسبب التناقض الواضح في مواقفهم قبل وصولهم إلى الكراسي الوزارية، أو بعد مغادرتهم لها.

وزراء ادعوا الإيمان بمواقف وأراء شعبوية خلال حملاتهم الانتخابية ثم اصطفافهم في معارضة الكراسي البرلمانية، قبل أن يتحولوا الى شخصيات أخرى بعد ضمانهم لمناصب حكومية ووزارية.

وزراء ومسؤولون تغيروا شكلا ومضمونا، وأخذوا يتنكرون لمواقف وأفكار ورسائل كانوا يؤمنون بها ويدعون الى دعمها قبل سنوات، قبل أن يصبحوا من أشرس معارضيها ومنتقديها.

سنخصص هذه السلسلة، للحديث عن هذه الشخصيات التي تغيرت جذريا بين الأمس واليوم، عن شخصيات غيرها الوصول الى كراسي المسؤولية و أخرى تغيرت بعد مغادرتها لها.

سنتطرق في كل حلقة أسبوعية، إلى الحديث عن شخصية غيرت فقط من شكلها ومواقفها، ولم تغير شيئا من الواقع الذي لطالما انتقده ودعت لإصلاحه، لعلنا نجد سببا مقنعا لتناقض البرلماني والسياسي والوزير، الذي أفقد ثقة المواطن في هذه الفئة وفي وسطها ككل.

وزراء بين الأمس واليوم : محمد نجيب بوليف

في 3 يناير 2012، عين الملك محمد السادس، محمد نجيب بوليف وزيرا منتدبا لدى رئيس الحكومة مكلفة بالشؤون العامة والحكامة، بحكومة عبد الاله بنكيران.

تعيين بوليف بهذا المنصب، أدخل الطمأنينة والسعادة على قلوب عدد من المواطنين، الذين لطالما تابعوا دفاع بوليف المستميت على القدرة الشرائية للمغاربة، وعلى رفضه للرفع من الأسعار والتراجع عن دعم المواد الغذائية الأساسية، في جلسات البرلمان.

لم تكن شريحة مهمة من المواطنين تظن أن بوليف سيخلع عباءة محامي الشعب، ويلبس بذلة الوزير والمسؤول الحكومي الذي يعمل وفق منطق “انا ومن بعدي الطوفان” مباشرة بعد تعيينه واستفادته من راتب وامتيازات الوزير.

بوليف الذي كان يصيح ويصرخ في البرلمان دفاعا عن حقوق المواطنين البسطاء وقدرتهم الشرائية، أصبح بعد تعيينه يصرخ دفاعا عن تقاعد البرلمانيين ومطالبة برفع الدولة دعمها نسبيا عن المواد الأساسية.

جلوس بوليف بكرسي الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة لم يدم طويلا، بعد إعفائه من هذا المنصب، وتعيين “الاستقلالي” محمد الوفا بهذا المنصب في حكومة عبد الاله بنكيران الثانية.

ولم يستسغ بوليف حرمانه من منصبه الحكومي وامتيازات هذا الأخير، حيث توجه لمواقع التواصل الاجتماعي للتعليق على تحركات الحكومة وانتقاد مسؤوليها مدافعا عن المواطنين، قبل أن يعين مرة أخرى بحكومة سعد الدين العثماني كاتبا للدولة.

بوليف الذي سبق أن ذاق “حلاوة” الكرسي الوزاري و”مرارة” الانتقاد الشعبيي لم يتعلم من خطأه الأول، وأخذ يستغل منصبه الجديد للاستفادة من راتبه وامتيازاته، متجاهلا الوفاء بوعوده للمواطنين والشعب.

بوليف الذي شهدت فترة تدبيره لقطاع النقل، فواجع وحوادث محزنة، أسفرت عن وفاة العشرات من المواطنين وإصابة آخرين، لم يكلف نفسه ولو مرة عناء الترجل من مكتبه المكيف، والنزول الى أماكن الفواجع للوقوف على أسبابها وتطوارتها ومواساة اسر وعائلات ضحاياها.

بوليف، الذي لم يقدم شيئا للقطاع الذي وضع على رأسه، سوى الالتزام بنشر تدوينات فيسبوكية متتالية و”أحاديث ثلاثاء” أسبوعية، يعد أحد الوزراء الذي تنكروا لوعدوهم ولم يقدموا شيئا لمنتخبيهم واستغلوا فترة استوزارهم للتحسين من شكلهم ومستواهم المادي.

بوليف الذي أعفي من حكومة الكفاءات ولم يحصل على منصب بها، حن الى أيام “النضال المزيف” وعاد لنشاط “الفيسبوكي” طمعا في كسب ثقة المواطنين من جديد وإعادة السيناريو القديم .

الى ذلك، بوليف أبان عن فشله في مهمته الوزارية، والنجاح في غايته الشخصية عبر تحسين شكله ومستواه المادي خلال الفترة التي عين فيها بالحكومة، فيكفي النظر الى وجهه الكريم وهندامه الانيق و سيارته الفاخرة ومنزله الراقي لملامسة التغيير الجذري الذي طرأ على هذا الوزير البيجيدي الذي تسبب وعدد من زملائه في هذه الحكومة والحكومة السابقة في فقدان ثقة المواطنين بهذه الفئة وبالسياسة ككل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى