وزراء بين الأمس واليوم .. الحلقة الرابعة: صلاح الدين مزوار‎

هبة بريس – لبنى أبروك

غريب أمر هاته السياسة التي قد ترفع شخصا من أدنى الأوساط الى أعلاها، ومن أعلى المراتب الى أدناها، التي تدفع الشخص منا إلى تغيير “جلده” مرات عدة، إلى الحديث تارة باسم الدين وأخرى باسم الشعب و أخرى باسم القانون .

وزراء وسياسيون آثاروا استغراب وصدمة المغاربة بسبب التناقض الواضح في مواقفهم قبل وصولهم إلى الكراسي الوزارية، أو بعد مغادرتهم لها.

وزراء ادعوا الإيمان بمواقف وأراء شعبوية خلال حملاتهم الانتخابية ثم اصطفافهم في معارضة الكراسي البرلمانية، قبل أن يتحولوا الى شخصيات أخرى بعد ضمانهم لمناصب حكومية ووزارية.

وزراء ومسؤولون تغيروا شكلا ومضمونا، وأخذوا يتنكرون لمواقف وأفكار ورسائل كانوا يؤمنون بها ويدعون الى دعمها قبل سنوات، قبل أن يصبحوا من أشرس معارضيها ومنتقديها.

سنخصص هذه السلسلة، للحديث عن هذه الشخصيات التي تغيرت جذريا بين الأمس واليوم، عن شخصيات غيرها الوصول الى كراسي المسؤولية و أخرى تغيرت بعد مغادرتها لها.

سنتطرق في كل حلقة أسبوعية، إلى الحديث عن شخصية غيرت فقط من شكلها ومواقفها، ولم تغير شيئا من الواقع الذي لطالما انتقده ودعت لإصلاحه، لعلنا نجد سببا مقنعا لتناقض البرلماني والسياسي والوزير، الذي أفقد ثقة المواطن في هذه الفئة وفي وسطها ككل.

وزراء بين الأمس واليوم .. الحلقة الرابعة: صلاح الدين مزوار

صلاح الدين مزوار الوزير والقيادي ورجل الاعمال، الذي انتقل من المعارضة الى الاغلبية، ومن السياسة الى ادارة الأعمال، أحد الشخصيات التي لامس المغاربة تغيرا واضحا في مواقفها مع تغير المناصب التي عين بها.

مزوار الذي لطالما هاجم حكومة العدالة والتنمية وانتقد عملها وتسييرها لعدد من القطاعات وعارض خططها، هو نفس الشخص الذي وضع يده فيدها بعد انسحاب الاستقلال من الأغلبية، حيث استغل المناسبة وعمل بقولة “مصائب قوم عند قوم فوائد”، واشترط الحصول على أهم وأقوى الوزارات مقابل تعويض حزب “الفاسيين” وسد الفراغ الحاصل الى حين وصول انتخابات 2016.

وصول مزوار الى الحكومة وفوز قياديي حزبه بأهم الحقائب الوزارية، دفعه الى تغيير المواقف التي تبناها وأخذ يسعى الى ضمان “احتكار” وزارات بعينها، ثم إلى السعي للظفر بأصوات انتخابية أكثر خلال استحقاقات 2016 التي تصدرها “البيجيدي” مرة أخرى”.

مزوار غادر الأحرار وطلّق السياسة بالثلاث، بعد استحقاقات 2016 واختار العودة الى إدارة الأعمال من أبوابها الواسعة، بعدما ترشح لرئاسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب خلفا لمريم بنصالح، ويصبح رئيسا ل”الباطرونا”.

رئاسة “الباطرونا” لم تكن بالأمر الصعب للوزير والسياسي السابق الذي قاد حزبا يضم نخبة من رجال الأعمال، لكن مزوار نسي أو تناسى بأن خطاب “البيزنس” يختلف عن خطاب “السياسة” بعدما سقط في خطأ وصف بالفادح وتحدث بكل طلاقة عن الأوضاع الداخلية التي تعيشها الجزائر.

وفي هذا الصدد، اعتبر مزوار أن ما يجري بالجارة الجزائرية من احتجاجات سلمية “يبعث على الأمل، عكس ما يعتقد الكثير”.

وأكد مزوار في كلمته خلال حضوره أشغال النسخة 12 من مؤتمر السياسة العالمي، بمدينة مراكش، أن “الجزائر لن تعود إلى الوراء، لذلك يجب على السلطة العسكرية قبول مشاركتها السلطة”.

وأضاف رئيس “الباطرونا” أن” حل الإشكالية الجزائرية يكمن في دفع قبول تشارك السلطة مع أولئك الذين قادت ضدهم حرباً داخلية خلال عشر سنوات، أي المحتجين، لأنهم يشكلون إحدى القوى القليلة المنظمة المتبقية في الجزائر، لأن جميع التنظيمات السياسية التقليدية يرفضها المجتمع الذي يوجد اليوم في الشارع”.

خطأ مزوار كان ليمر مرور الكرام، لولا أن صاحبه قاد وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، وعلى علم تام بالمباح والممنوع، وبالخطوط الحمراء التي لا يقبل بتجاوزها أو الاقتراب منها.

مزوار الذي أصدر في حق شباط بلاغا ناريا، خلال فترة قيادته لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، على خلفية تصريحات هذا الأخير بخصوص الوحدة الترابية لدولة موريتانيا، ذاق من نفس الكأس بعدما أصدر “تلميذه” ناصر بوريطة بلاغا مماثلا ضده بسبب تصريحاته حول “احتجاجات الجزائر”.

بلاغ وزارة بوريطة، أعلن أن “حكومة صاحب الجلالة تشجب هذا التصرف غير المسؤول والأرعن والمتهور، مضيفا أن “هذا التصريح أثار تساؤلات على مستوى الطبقة السياسية والرأي العام بخصوص توقيته ودوافعه الحقيقية” وأفاد ذات البلاغ، أن “الاتحاد العام لمقاولات المغرب لا يمكنه الحلول محل حكومة جلالة الملك في اتخاذ مواقف حول القضايا الدولية ولاسيما التطورات في هذا البلد الجار، إن موقف المملكة المغربية بهذا الخصوص واضح وثابت”.

مزوار الذي وعد المواطنين بمحاربة البطالة وباصلاح قطاع الصحة والتعليم وغيرها، هو نفس الشخص الذي لم يقدم على أية خطوة لمد يد العون للشباب العاطل، بعد استوزاره وبعد رئاسته لاتحاد “المقاولات” الذي يعد أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.

مزوار الذي وصل لأعلى المناصب وحقق أهم المكاسب، هو نفس الشخص الذي غادر اليوم “الباطرونا” برسالة استقالة “باردة” جارا ورائه خيبات غيابه “المبكر” عن للسياسة ولإدارة الاعمال والمقاولات . فهل دفع مزوار ضريبة عدم وفائه بوعوده للمغاربة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى