“روتيني اليومي”.. إعجاز مؤخرات ترقص على وتر اهتزاز الأرداف

هبة بريس – إسماعيل بويعقوبي

كثير من الأمور التي تحدث أمام أعيينا وتحت سمعنا تستدعي أن نتوقف ونتفكر بعض الشيء ونتخذ موقفا اتجاه ظواهر اجتماعية طفت على السطح ورفعت من منسوب “التفاهة” المرتبطة أساسا بِصٓرْعٓةِ الأجهزة الذكية التي أنتجت طوفانا جارفا ينهل من حقل “الإعاقة السوشلية” متربعا على عرش الطوندونس غير ما مرة تحت وسم “روتيني اليومي”.

قطعا، لا أحد من الشعراء و الروائيين و الفلاسفة و السينمائيين و الموسيقيين بات يملأ أعين المغاربة مثلما تفعل صاحبات الأرداف العجيبة اللائي يستأثرن بملايين المتابعات و اللايكات و التعليقات، و يحتكرن النقاشات العامة و المواضيع المهمة، في وقت ينُشُّ فيه المثقفون الذباب وتحتضر الجرائد والصحف في صمت، ويعشعش فيه البق في شعور وذقون خريجي معاهد التنشيط والفن المسرحي.

القاعدة تقول “خالف الناس لتُعرف” كي يكثر المعجبون بك، والمصفقون لك، والمقبلون عليك، واختر من العناوين مايختزل”حقارتك” بكل براءة ودع الفاشلين في التأويل من المثقفين ينذبون حظهم في الوقت الذي يستمتع فيه “المشاهدون” الأوفياء بمتابعة “روتين يومي” تعزف سمفونيته أوتار الأرداف، لسيدة غرّاء فرعاء مصقول عوارضها تمشي الهُوينا كما يمشي الوجِيُّ الوحل.

قد يقول قائل إن هذا الانحدار الحامل لوسم “التفاهة” بات أمرا عاديا في بلدنا كما العالم، و إن نجمة التلفزيون الأمريكي شغلت بلحمها أكثر مما فعلت ببرامجها التلفزيونية، لكن الأمريكيون مثلما يتابعون”كيم كارديشان” ، يقرؤون بالقدر نفسه لنعوم تشومسكي، ومئات الشعراء والمفكرين والسينمائيين، أما نحن في المغرب فأحسن شعرائنا لا يبيعون أكثر من ألف نسخة من دواوينهم، كما أن لا أحد من روائيينا أو مفكرينا بمستطاعه أن يعيش من كتاباته فقط، فيما تستطيع صاحبات الأرداف اللائي يتعمدن إظهار مناطق حساسة من أجسادهن وغيرهن من التافهين جني أرباح مهمة – اللهم لاحسد- بل منهن من أهدت زوجها سيارة فاخرة تجاوزت قيمتها 64 مليون سنتيم ، رغم محتوى فيديوهاتهن ومواضيعهن المبتذلة التي يحرصن فيها على حضور عنصر الاغراء لضمان مشاهدات أكثر.

ربما، هوت شمس الثقافة أرضا في بلدنا الحبيب ، حتى أصبح الأقزام أنفسهم يظهرون بمظهر العمالقة، في زمن تناسل فيه التافهون الذين يطلون من كل مكان، ويدخلون البيوت عنوة، دون إذن مسبق، رغم أن معظم منتقدي صاحبات “روتيني اليومي” يتسللون في عتمة الليل ويتهافتون على النقر ورفع عدد مشاهداتهم والسرّ في ذلك “إعجاز ” المؤخرات.

رغم كل ما قيل، أظل متفائلا بالمستقبل ومثلي كثر، فالتافهون حقا كسبوا شوطا أو جولة، لكنهم لم يحسموا المباراة بشكل نهائي ، مادامت بؤر الممانعة قائمة، والأصوات المنتقدة تنطق، والدعوات مستمرة في التصدي للاغراء -روتيني اليومي نموذجا- ومقاومته وإعادة المعاني للكلمات والاعتبار إلى المفاهيم، إيمانا منا بمبدأ انك “مادمت تقاوم فإنك لم تنهزم”.

ربما علينا أيضا أن نكف عن صنع التافهين فقد انتشرت في الآونة الأخيرة في عديد من الأماكن لافتات مكتوب عليها “توقف عن جعل الناس الأغبياء مشهورين”، فالدفع بالتافهين إلى الواجهة والمقدمة، يعد جريمة في حق الأجيال الناشئة…… “وهاذا ماكانْ “.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. وضف عليهن رجال امتهنوا حرفة التسنطيح من مول الكاميو في كندا مول الشابو مول الطوبيس مول الحانوت مول السمارة وزد على ذلك اصحاب المولات. قمة التخلف والسطحية . الواعون والمثقفون انسحبوا حتى لا يختلطوا معهم ويظن الناس انهم سلعة واحدة . والمضحك هو حينما يبدؤون “السلام عليكم ا لخوت، تحية نضالية ، سمحولي كنت مغيب عليكم كانت فيا السخانة……”

  2. مقالك جميل، ولا اعيب عليك الا انك لم تستدلل عليه ولو بآية من كتاب الله، ام انك تخاف ان توصف بالإسلامي؟

  3. ماذا ننتظر من امة تم تجهيلها….؟
    من امة ضحكت من جهلها الامم.!!!
    من امة تنكرت لدينها واخلاقها واصلتها.
    من امة حرقت جميع المراحل اللازمة للتطور لتصل الى هذا المستوى من الاستهتار والتخلف والجهل والحقارة و….وووووو…
    يحز في نفسي انني انجبت اطفالا…كيف سيكون مصيرهم ومصير ذريتهم من بعدهم.
    التمس العذر لكل من غادر ولم يعد!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى