اسباب نكوص السينما العربية…هوية واهداف

لا يمكن تحديد مواصفات معينة لسينما عربية ذات خصوصية وأسلوب ومسار؛ بسبب التفاوت في الحضور الجماهيري والانتاج والتسويق. عدا عن إشكالية الحلول الفردية التي انتهجها السينمائيون العرب؛ بعد فشل عدة محاولات للنهوض بقطاع السينما في العالم العربي، وتوفير قاعدة راسخة للإنتاج السينمائي تسمح للسينمائيين بتحقيق طموحاتهم.

و من ضمن تلك المحاولات كانت ارهاصات تأسيس “جماعة السينما الجديدة” في مصر عام 1968 والتي دعت في بيانها إلى تطوير سينما مصريّة تعبّر بصدق عن قضايا الواقع المصري، وهموم الناس؛ بمستوى فني وتقني متطور. نجحت الجماعة فعلاً بإنتاج فيلمين روائيين طويلين بدعم من قطاع الإنتاج السينمائي العام؛ لكنها توقفت بعد عامين، بعد إلغاء القطاع السينمائي العام في مصر

وفي سياق آخر؛ يعطي الناقد الكسان ملاحظة مهمة حول اللغة في السينما العربية؛ حيث تحمل الأفلام المنتجة في الدول العربية لهجات محليّة يصعب فهمها في أقطار أُخرى؛ بالتالي لم تكن اللغة بالنسبة له عاملاً إيجابياً في رسم ملامح السينما العربية. وهي ملاحظة جيدة؛ لكنها لا تعني أنها متحققة على الدوام. فمثلاً ساهم الإنتاج الغزير والنوعي للسينما المصرية في الستينيات بانتشار اللهجة المصرية؛ فأصبحت مفهومة ومتداولة بين جنسيات عربية أخرى، ولا يوجد ما يمنع من تكرار هذا الأمر مع أي لهجة عربية محلية موازية؛ كما استطاعت السينما الأوروبية أن ترسم لنفسها شكلاً واضحاً على الرغم من الاختلاف الجذري بين لغات بلدانها.

عدا عن كون مشكلة اللغة هي فشل في تحقيق الهوية بالأساس، وليست مشكلة السينما؛ أي أن الفشل المسبق للغة الواحدة والدين الواحد في تحقيق أي نوع من التوازن في المنطقة العربية؛ قد انعكس على مجالات شتى، ومن ضمنها السينما كأحد أبرز تجلياتها.

عانت السينما العربية من ضعف النقد العربي الموازي لها؛ مما أثر بشكل عام على تطورها. فكما كانت مساهمة النقاد الفرنسيين في السينما الفرنسية ذات تأثير واسع على تلك السينما وعلى السينما العالمية عموماً؛ كان من الممكن أن يساعد النقد العربي على تعديل مسار السينما العربية، والتركيز على القضايا الجذرية فيه أكثر من الاعتماد على سرد ملخصات الأفلام، ورواية أخبار وفضائح الممثلين والممثلات؛ بدلاً من الكتابة الجادة؛ إلا من قبل بعض المتمكنين

على المستوى الأكاديمي لم يدمج الفكر العربي المعاصر حقل السينما في نطاق اهتماماته كحقل للإبداع الثقافي، أو كمجال للتذوق الجمالي، أو إنتاج الأيديولوجيا؛ إلا متأخراً. فلم يكن هناك تبادل حقيقي بين السينمائي العربي وبين المثقفين العرب إجمالاً إلا في مواقف نادرة. وهذا ما جعل المخرج توفيق صالح يقول بأن المثقف العربي ليس فقط بعيداً عن الفعل في السينما العربية؛ ولكنه أيضاً ينظر إليها نظرة متعالية.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. كانت اتفاقية الغات بمراكش المنظمة للتجارة العالمية و حقوق المنتجين و المبدعين وبالا على على السينما المصرية…..بحيث لم يعد يقتصر ضمان حقوق الابداع داخل حدود بلد بعينه بل اصبحت حماية هذه الحقوق عالمية . و بالتالي لم يعد بالامكان نقل و استنساخ الافلام الاجنبية. السينما المصرية مجرد نسخ باهتة لاعمال اجنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى