عبد النباوي يدعو لتطوير وسائل البحث والتحقيق في جرائم الابتزاز الجنسي والجرائم الإلكترونية

هبة بريس – الرباط

نظم اليوم الخميس بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة يوماً دراسياً حول محاربة الإبتزاز الجنسي، بمشاركة، مجموعة من الفاعلين القانونيين

وفي كلمة للوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، تلاها عبد نيابة عنه عبد الرحمان اللمتوني، رئيس شعبة تتبع القضايا الجنائية الخاصة برئاسة النيابة العامة، أشار إلى التحولات الكبيرة في المفاهيم القانونية نتيجة الثورة التكنولوجية الهائلة، حيث قال :”إذ بعدما كنا نتحدث عن البريد والطابع البريدي كرمز من رموز سيادة الدولة أصبح لكل منا بريده الإلكتروني الذي لا يحتاج إلى جهة مركزية وسيطة لإبلاغ رسائله، وبعدما كانت النقود وسيلة الدفع الوحيدة المعترف بها رسميا، أصبحنا اليوم نعاين حالات الدفع وتحويل الأموال بواسطة عملات إفتراضية أو مشفرة، وبعدما كان مفهوم الحق في الخصوصية محصورا في مجالات محددة محمية دستوريا وقانونيا على رأسها حرمة المنزل وسرية المراسلات، أدى التطور التكنولوجي إلى تحول كبير في هذا المفهوم إذ أصبح الإنسان مهدد في خصوصيته أينما حل وارتحل، حتى وإن كان داخل منزله نتيجة ما أصبحت تتيحه التكنولوجيا من سهولة الإتصال بالناس وإقتحام خصوصيتهم والإطلاع على أسرارهم وأمورهم الحميمية.

وأضاف قائلا :”ومن المظاهر السلبية لهذه التحولات أن طفت على السطح بعض الظواهر التي تمثل الجانب السلبي للتكنولوجيا ومن بينها الإبتزاز الجنسي عبر الأنترنت، الذي يبقى إحدى الظواهر الإجرامية الخطيرة التي انتشرت بشكل ملفت في الآونة الأخيرة بالنظر إلى تصاعد نسبة هذه الجرائم وما تخلفه من أضرار بليغة تلحق الضحايا وأسرهم، إذ أبانت حالات هذه الجريمة أن الضحية يتعرض لأضرار نفسية بليغة. فضلا عن الأضرار ذات الطابع الاجتماعي التي قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى تدمير العلاقات الزوجية والعلاقات الأسرية عموما.
كما أن آثار هذه الظاهرة تجاوزت الحدود الوطنية وأصبح لها ضحايا خارج أرض الوطن. ولم تعد نشاطا إجراميا فرديا معزولا وإنما أضحت ترتكب في بعض الحالات من قبل مجموعة من الأشخاص في إطار منظم يتم فيه تقاسم الأدوار بين الجناة، بحيث يتولى بعضهم إستدراج الضحية ويتولى البعض الآخر عملية الإبتزاز، في حين يتكلف آخرون بتلقي المبالغ المالية المتحصل عليها من نشاط الإبتزاز“.

واستسرل بالقول :”ومما يزيد من مخاطر هذه الجريمة، أنها ترتبط بعوامل إجتماعية وثقافية، تجعل الضحية تخضع بسهولة للإبتزاز وتتردد في تبليغ السلطات، خوفا من الفضيحة أو من الإنتقام خاصة عندما يكون الضحايا قصر، وليست لهم خبرة كافية في الحياة لمواجهة إغراءات وضغوط وتهديدات المجرمين في هذا النوع من الإجرام“.

واعتبر عبد النباوي أنه وعلى الرغم من أن الإطار القانوني المؤطر لهذا النوع من الأفعال متوفر، حيث تقبل الأفعال أكثر من وصف قانوني، إذ تكيف بجرائم الحصول على مبالغ مالية بواسطة التهديد بإفشاء أو نسبة أمور شائنة، النصب، الدخول إلى نظام المعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الإحتيال، إلتقاط وبث وتركيب صور شخص دون موافقته، المس بالحياة الخاصة للأفراد، واستغلال أطفال في مواد إباحية. ورغم أن السياسة الجنائية تتجه إلى التشديد تجاه هذا النوع من الأفعال، إذ تكون غالبية المتابعات مقرونة بإعتقال المتهمين، بالإضافة إلى صدور أحكام سالبة للحرية في هذه الجرائم، فالملاحظ أن الظاهرة مستمرة بل ويتم تسجيل مجموعة من حالات العود.

وأشار رئيس النيابة العامة على أن السياسة الجنائية مدعوة لإيلاء إهتمام أكبر لهذا الموضوع عبر تطوير وسائل المواجهة والصرامة في التعامل مع هذه الجرائم، لا سيما في حالات العود أو عند مباشرة هذه الجرائم في إطار منظم أو بإستعمال وسائل متطورة أو عندما يكون الضحية قاصر، إضافة إلى تطوير وسائل البحث والتحقيق والإستفادة مما يتيحه الدليل الإلكتروني والتعاون الدولي من إمكانيات لجمع وسائل الإثبات وتقديم الجناة للعدالة.

وزاد قائلا :”ووعيا من رئاسة النيابة العامة بخطورة هذه الظاهرة، فإنها تولي عناية خاصة للمداخل الأساسية لمواجهتها، وذلك عبر تتبع هذه القضايا وتعيين قضاة للنيابة العامة كنقط إتصال بشأن الجرائم المعلوماتية في مختلف النيابات العامة بالمحاكم الإبتدائية ومحاكم الإستئناف، مع إخضاعهم لدورات تكوينية متخصصة، لا سيما من خلال التعاون مع مجلس أوربا في إطار برامج GLASY و GLACY+ و CYBER-SUD، وذلك فضلا عن تفعيل طلبات التعاون الدولي بتوجيه إنابات قضائية دولية عندما يتعلق الأمر بدليل رقمي يوجد خارج أرض الوطن في إطار الإتفاقيات الثنائية أو عبر آلية 24/7 التي تتيحها إتفاقية بودابست لمكافحة الجريمة المعلوماتية والتي يبقى قطب القضايا الجنائية الخاصة برئاسة النيابة العامة نقطة إتصال بشأنها إلى جانب المصالح المختصة بالمديرية العامة للأمن الوطني، إضافة إلى ضبط مجموعة من حالات الإبتزاز الجنسي عبر الأنترنت بتنسيق مع الضحايا بعد التبليغ بواسطة الخط المباشر الذي وضعته رئاسة النيابة العامة رهن إشارة المواطنين“.

وختم بعد النباوي بالتأكيد على أنه بالرغم من الجهود المبذولة على مستوى السياسة الجنائية وأجهزة البحث والتحقيق والسلطات القضائية لمكافحة هذا النوع من الجرائم، إلا أنها لا تكفي وحدها للقضاء على جذورها، بل لابد وأن تواكبها جهود أخرى على مستوى باقي السياسات العمومية وذلك بوضع سياسات إجتماعية وإقتصادية وتربوية مكملة خاصة بالمناطق التي تعرف انتشارا كبيرا لهذه الظاهرة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. وماذا عن سارقي المال العام ومبتزي الطرقات والمشرملين وناهبي الدولة والمرتشين. إنكم انتم تنهبون المال في مناصب لا مردودية فيها تأخذون اكثر مما تعملون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى