وزراء بين الأمس واليوم .. الحلقة الثالثة: محمد يتيم

لبنى أبروك – هبة بريس

غريب أمر هاته السياسة التي قد ترفع شخصا من أدنى الأوساط الى أعلاها، ومن أعلى المراتب الى أدناها، التي تدفع الشخص منا إلى تغيير “جلده” مرات عدة، إلى الحديث تارة باسم الدين وأخرى باسم الشعب أوخرى باسم القانون .

وزراء وسياسيون آثاروا استغراب وصدمة المغاربة بسبب التناقض الواضح في مواقفهم قبل وصولهم إلى الكراسي الوزارية، أو بعد مغادرتهم لها.

وزراء ادعوا الإيمان بمواقف وأراء شعبوية خلال حملاتهم الانتخابية ثم اصطفافهم في معارضة الكراسي البرلمانية، قبل أن يتحولوا الى شخصيات أخرى بعد ضمانهم لمناصب حكومية ووزارية.

وزراء ومسؤولون تغيروا شكلا ومضمونا، وأخذوا يتنكرون لمواقف وأفكار ورسائل كانوا يؤمنون بها ويدعون الى دعمها قبل سنوات، قبل أن يصبحوا من أشرس معارضيها ومنتقديها.

سنخصص هذه السلسلة، للحديث عن هذه الشخصيات التي تغيرت جذريا بين الأمس واليوم، عن شخصيات غيرها الوصول الى كراسي المسؤولية و أخرى تغيرت بعد مغادرتها لها.

سنتطرق في كل حلقة أسبوعية، إلى الحديث عن شخصية غيرت فقط من شكلها ومواقفها، ولم تغير شيئا من الواقع الذي لطالما انتقده ودعت لإصلاحه، لعلنا نجد سببا مقنعا لتناقض البرلماني والسياسي والوزير، الذي أفقد ثقة المواطن في هذه الفئة وفي وسطها ككل.

الحلقة الثالثة : محمد يتيم

محمد يتيم القيادي أو الوزير السابق “الحربائي” الذي يغير جلده ومواقفه بتغير المناصب والكراسي التي يجلس بها، أحد الوزراء والمسؤولين الحكوميين الذين تغيروا بين الأمس واليوم، وتنكروا لمواقفهم ووعودهم ومقربيهم بين الوصول الى الكرسي الوزاري.

من كان يقول أن محمد يتيم، الذي كان “يقدس” زعيمه الحزبي عبد الاله بنكيران ويدافع عن مواقفه وقراراته خلال فترة ترؤسه للحكومة والحزب، أن ينقلب عليه كالزمان ويهاجمه بعد اعفائه وتعيين العثماني مكانه.

يتيم الذي عرف من أين تؤكل الكتف، نجح في الاصطفاف بتيار العثماني بعد “انشقاق” البيجيدي الى تيارين “واحد بقيادة بنكيران وآخر بقيادة العثماني”، وحاول التقرب من الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة، الذي مكنه من منصب وزاري لم يكن يحلم به.

يتيم الذي يتحرك داخل الحزب وفق منطق “الاصطفاف مع الجهة الرابحة”، هو نفس الشخص الذي كان يطبل ويزمر لسياسة بنكيران ، قبل أن ينقلب عليه وينتقده ويهاجمه بعد بروز نجم العثماني وضمان مقعد وزاري بحكومته.

قد يستغرب المواطنون من تغير مواقف يتيم وتنكره لوعوده بعد وصوله لمراكز القرار، لكننا لن نستغرب ما دام أن هذا الشخص “الحديث بالنعمة” تنكر أولا لرفيقة دربه واستهل حملة التغيير الجذري التي قادها بها.

يتيم الذي لم يحقق أي انجاز طيلة فترة قيادته لوزارة التشغيل، فضل ابراز اسمه ب”مغامراته الشخصية” وعلاقته الغرامية مع مدلكته التي أصبحت زوجته.

ففي رمضان المنصرم، انتشرت صور “للوزير” الاسلامي مع شابة في شوارع باريس، وكشفت الروايات التي رافقت الصور أن الوزير اصطحب معه “حبيبته” التي كانت تدلك له قدمه إثر اصابة تعرض لها، الى فرنسا وجلسا بنفس الفندق خلال مهمة حزبية تكلف بهاظ

الخبر أثار جدلا واسعا بين المغاربة واستنفر قيادة “البيجيدي”، قبل أن يخرج “الكازانوفا” بتوضيح للاعلام أفاد من خلاله أن العلاقة التي تربطه بالمعنية بالأمر هي علاقة خطبة رسمية ، مضيفا أن العلاقة بيننا مضبوطة بضوابط الخطوبة الشرعية والاجتماعية في انتظار توثيقها.

وأوضح يتيم، في تصريح صحفي، أنه لم يسافر مع خطيبته إلى باريس ولم يكن يقيمان معا، وأن سفرهما ووصولهما لباريس كان في يومين مختلفين ولأغراض مختلفة، مشيرا الى أنه ذهب لتأطير نشاط حزبي في حين ذهبت هي في رحلة من رحلات التكلفة المنخفضة التي تحجز سلفا منذ وقت بعيد لأغراض عائلية واقتناء حاجيات شخصية كما دأبت على ذلك من حين لآخر قبل خطبتهما.

وحول الجولة الليلية معا، قال يتيم: “التقينا من أجل تناول وجبة عشاء في أحد المطاعم والتقاؤنا في باريس كان على علم من أهلها ولو كان الأمر غير ما أقول لكان لأهلها موقف آخر من الصور المنشورة لو علموا أن علاقتنا علاقة غير جادة”، وأضاف “حيث أن الإفطار في رمضان في الصيف في أوروبا يتأخر ونفس الشيء بالنسبة لوجبة العشاء التي هي في نفس الوقت وجبة سحور كان من الطبيعي أن أرافقها إلى غاية مقر إقامتها ومن الطبيعي أيضا أن نتأخر بسبب تأخر الإفطار، أولا ثم تأخر وجبة العشاء – السحور في آن واحد”.

يتيم الذي تمرد على قواعد و أساسيات الحركة التي أنجبته “حركة التوحيد والاصلاح” والحزب الذي رعاه، لم يجد اشكالا في الارتباط بشابة غير محجبة، مشددا على أن الحجاب مسألة كانت مرتبطة فيما سبق في الأصل بالانتماء التنظيمي أو الحركي و لم تعد كذلك، كما أنها لم تعد كما كانت من قبل معيارًا للتدين والالتزام الأخلاقي، دون أن أعني بذلك أنها ليست عنوانا لها بالنسبة لمن يرتدينه اقتناعا وإيمانا، ومضيفا أن الحجاب أو الستر أو الاحتشام ليس شكلا وإنما ينبغي أن يكون ناتجا عن إيمان ووعي.”

يتيم الوزير السابق الذي يصنف ضمن خانة الوزراء الذي تغيروا بين الأمس واليوم، يعد أحد الأسماء المميزة داخل هذه الفئة، على اعتبار أنه لم يكتف بتغيير شكله ومواقفه، لكنه تجاوزتها الى تغيير مقربيه وأفراد أسرته.

الى ذلك، من حسن حظ “الوزير” يتيم أنه لم يعمر طويلا بوزارته، التي استغل فترة وجوده بها لتحقيق انجازات شخصية وأهداف خاصة، ليتم اعفاؤه قبل أن يفكر في تغيير أمور والتمرد عن أخرى، وإثارة سخط واستياء الموطنين الذين سئموا من وعود السياسيين الكاذبة وممارساتهم المرفوضة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى