“فلوريدا” المغربية.. مدينة المسابح العمومية و المجانية لسيارات المواطنين‎

هي المدينة التي لا تبعد عن الدار البيضاء قلب المغرب النابض سكانيا و اقتصاديا سوى بثلاثون كيلومترا، و عن مطار محمد الخامس أكبر مطار جوي بالمغرب سوى بتسع كيلومترات ، هي نقطة عبور القادمين و المتجهين من و إلى مراكش و الجديدة و سطات خريبكة و غيرهم من المدن.
 
هي المدينة التي تضم واحدا من بين أكبر خمس تجمعات صناعية بالمملكة بعدد وحدات صناعية يفوق المائتين و بنسب بطالة تفوق الخمسين في المائة بين أحضان شبابها الغارق حد الثمالة في مشاكله الاجتماعية.
 
هي المدينة التي تنتمي لإقليم شهد ولادته قبل ثمان سنوات ، إقليم يعتبر من بين الأقاليم الغنية على المستوى الوطني، إذ توجد به مناطق صناعية بعاصمة الإقليم والسوالم وعدة وحدات صناعية بجماعتي لمباركيين وجاقمة، بينما يقارب عدد سكانه نصف مليون نسمة، موزعة على 16 جماعة قروية وست بلديات، وورث مشاكل كثيرة منذ خضوعه لإقليم سطات على مستوى النفوذ الترابي.
 
هي المدينة التي تفتقد لجامعة تستقطب طلبة المدينة و الإقليم و مدارس عليا تحتضن ملكات أبنائها و مستشفى إقليمي يليق بحجم و قيمة ساكنته و لمسرح يفجر فيه شباب المنطقة إبداعاتهم و محطة طرقية و فضاءات ترفيهية و حافلات عمومية و هلم جرا.
 
هي المدينة التي تستقبلك برائحة “الواد الحار” و تودعك برائحة “الزبالة” شرف الله قذركم و مسامعكم ، هي المدينة التي يعاني سكانها من مشكل الماء لسنوات دون أن يتحرك “أحدهم” و لو ليتذوق طعم هذا الماء الذي قال عنه رئيس المجلس الجماعي في دورة رسمية للمجلس أمام العامل و الباشا “الما لي تايشربو ناس برشيد راه خانز و تيصلح غير للتصبين” و هو التصريح الذي لم يعجب هؤلاء المسؤولين على ما يبدو.
 
هي المدينة التي و رغم كل المحاولات المعدودة على رؤوس الأصابع لإضفاء طابع التمدن عليها غير أن منظر “الكراول” و الدواب المنتشرة في كل شبر منها و الكلاب الضالة التي تتسكع بكل حرية في عدد من شوارعها يجعل الزائر و إبن البلد معا يتيقنان بأن رئيس المجلس الجماعي الحالي حين قال إبان انتخابه “غانرجع ليكم المدينة بحال فلوريدا” ربما كان يتحدث عن مكان أخر في زمن أخر غير هذا و بشخوص أخرى ربما.
 
هي المدينة التي تنتشر بها الحفر يمنة و شمالا ، طولا و عرضا ، و الغريب في الأمر أنه و قبل أشهر فقط قام المجلس الجماعي في مشروع ضخم ضم عددا من الأطراف و المتداخلين بإعادة عملية تهيئة شوارع المدينة و تزفيتها و هو ما استشبرته الساكنة خيرا ، غير أن أول زخة مطر فضحت المستور و أزالت كل تلك الأطنان من مساحيق التجميل التي أريد بها تسويق الوهم للساكنة و معهم زوار المدينة.
 
صور معبرة تلك التي تناقلها أبناء المدينة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لشارع رئيسي بمدينة برشيد و لعدد من أحيائها خاصة بشارع غاندي و التيسير 2 و سيدي عمر و بالضبط بالقرب من الوكالات البنكية و ما خفي كان أعظم، منظر مقزز لطريق حفره أكثر من “زفته” و كأن لسان الحال يقول “مادام المسؤول عاجزا عن بناء مسابح مجانية للعموم فها هو القدر يوفرها مجانا لكن ليس لعشاق السباحة بل لأصحاب السيارات و معهم عشاق الغوص في المياه الراكدة”.
 
صحيح المجلس الجماعي الحالي لبرشيد و منذ انتخاب عبد الرحيم الكميلي يقوم بمجهودات جبارة ظهرت ثمارها في مشاريع شتى ، لكن واقع الحال أحيانا يسائل ضمائرنا الحية ، و يجعلنا نثني على الأعمال المنجزة حين تستحق ذلك و نعقب بكل تجرد و مهنية حين يتطلب منا الأمر ذلك إيمانا بعمق الرسالة التي نحملها على عاتقنا و التي لا تجعل منا بالضرورة “بوقا” ناطقا و ملمع أحذية لا نجيد أبجديات التعامل مع مكوناته.
 
هي صورة لمدينة “فلوريدا” المغربية ، مدينة برشيد التي توفر لزوارها من اصحاب السيارات مسابح مجانية بالشوارع و الطرقات ، فهل سيتفاعل مسؤولو المدينة مع مطالب الساكنة أم أن دار لقمان ستستمر على حالها و تواصل حليمة عاداتها القديمة و للحديث بقية…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى