محلل سياسي : باختصار المادة 9 مادة مارقة وخارجة عن القانون

استغربت فرق برلمانية من إدراج حكومة العثماني، مادة تنص على منع الحجز القضائي على أموال وممتلكات الدولة تنفيذا لأحكام قضائية ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2020، رغم رفضها من قبل البرلمان لعدة مرات سابقة.

“نادي قضاة المغرب” كان اول من دعا السلطة التشريعية إلى “إعادة النظر في مقتضيات المادة التاسعة” من قانون المالية لسنة 2020، “لما تشكله من تراجع عن المكتسبات الحقوقية الدستورية، ومس باختيارات المجتمع المغربي، ملكا وشعبا، في بناء مقومات دولة الحق والقانون”، داعيا “الإدارة إلى إعطاء القدوة في تنفيذ المقررات القضائية واحترام مقتضياتها”.

وبهذا الخصوص كتب المحلل السياسي عمر الشرقاوي مقالا مطولا قال فيه :

المادة 9 التي صادقت عليها المعارضة والاغلبية اليمين واليسار والاصولي والعلماني والعروبي والامازيغي بمجلس النواب باستثناء البرلماني بلافريج، يمكن اعتبارها مادة مارقة وخارج عن الدستور وتضرب في الصميم ما تبقى من ثقة ومصداقية المؤسسات الدستورية. ولذلك لا يمكن السكوت على تمريرها دون احراج الحكومة والبرلمان ووضعهما في الزاوية الضيقة، صحيح أن نخبتنا البرلمانية التي تعاني من الموت البطيء قادرة على تمريرأي قانون مارق لربح عشرات ملايين الدراهم لفائدة ميزانية الدولة على المدى القريب لكن تكلفتها السياسية على المدى المتوسط ستكون خطيرة. لماذا على هاته المادة المارقة ان تلغى وتختفي:

1- لانها تتعارض مع أحكام صريحة للدستور ولا سيما حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة التي تلزم القاضي في الفصـل 117 بحماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون. والفصـل 118 الذي يعتبر حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون. و فصـل 126الذي يفرض على الجميع احترام الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء، ويلزم السلطات العمومية تقديم المساعدة اللازمة أثناء المحاكمة، إذا صدر الأمر إليها بذلك، ويجب عليها المساعدة على تنفيذ الأحكام.

2- لأنها تتناقض مع خطابات ملكية تحذر من تحقير الاحكام القضائية لا سيما خطاب افتتاح البرلمان في دورة أكتوبر 2016، قال الملك ” المواطن يشتكي بكثرة، من طول وتعقيد المساطر القضائية، ومن عدم تنفيذ الأحكام، وخاصة في مواجهة الإدارة، فمن غير المفهوم أن تسلب الإدارة للمواطن حقوقه، وهي التي يجب أن تصونها وتدافع عنها، وكيف لمسؤول أن يعرقل حصوله عليها وقد صدر بشأنها حكم قضائي نهائي؟”.

3- لأن هاته المادة المارقة ليس مكانها الطبيعي القانون المالي بل نصوص قانونية أخرى التي لها الولاية العامة (المسطرة المدنية، قانون نزع الملكية من اجل المنفعة العامة، قانون المحاكم الادارية، مدونة الضرائب…).

4- لانها تمس إحدى الثوابت الدستورية المتجسدة في الاختيار الديمقراطي والذي يعد القضاء الاداري أحد تمظهراته في الدول الديمقراطية.

5- لأنها تعتدي على احد المبادئ الدستورية الأساسية ومنها حقوق المواطنة والحق في الملكية.

6- لأنها تتناقض مع بعض مبادئ الدستورية الكبرى خصوصا التلازم بين حقوق المواطن والواجبات الملقاة على الدولة في حمايته.

7- لأنها تسيء إلى المبادئ الجوهرية للدستور وخصوصا توازن السلط حيث تعلي هاته المادة من شأن مؤسسات ادارية على حساب السلطة القضائية واحكامها النافذة.

8- لأنها تهين المبادئ ذات القيمة الدستورية وخصوصا استقلالية المؤسسة القضائية بتعطيل تنفيذ أحكامها.

9- لأنها تستهدف ضرب المقاصد الدستورية التي تتوخى الحفاظ على هيبة المؤسسات وبناء دولة الحق والقانون.

10- لأنها اعلت من شان قيمة دستورية تدعو للحفاظ على استمرارية سير المرافق العمومية لكنها اجهزت على قيم ومبادئ ومقاصد أعلى منها درجة ووزنا.

11- لأنها تسيء لمؤسسات الدولة وتجعلها صورية وبدون اثر ةتشجع المواطن على عدم اللجوء إليها.

12- لأنها تفقد المغاربة الثقة في قضائهم لأن تنفيذ الأحكام القضائية هو الهدف من اللجوء للقضاء، وعدم التنفيذ يؤثر على القضاء ويفقد المواطنين الثقة فيه، ويزيد الأمر خطورة إذا كانت الجهة المعطلة للتنفيذ هي الدولة ومؤسساتها.

13- لأن الحكومة كذبت على الجميع، فقد التزمت داخل البرلمان سنة 2017 وفق تقرير موثق أن اصلاح الحجز على املاك الدولة سيكون في قوانين اخرى وليس القانون المالي وشكلت لجنة دون أي فائدة.

14- لأن هاته المادة تخدم اساسا مصالح انتخابية وسياسية ضيقة لرؤساء الجماعات، ويمكن توظيفها سياسيا لربح الاصوات.

لهذه الاسباب وغيرها اعتقد أن المادة 9 مادة مارقة وخارجة عن القانون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى