برشلونة: ضعف النسيج الجمعوي وإنقسامه يؤثر سلبا على قضايا وسمعة الوطن

هبة بريس _ إسبانيا

لا يمكن الحديث عن مغاربة إسبانيا دون التطرق إلى منطقة “كتالونيا” وما تعرفه من صراعات سياسية وجمعوية بين فرقاء الوطن الواحد، بل أبناء الحي الواحد في بعض الأحيان الذين أسسوا جمعيات مدنية تكاد تنتشر كالفطر في أهم التموقعات المكثفة لأبناء الحالية المغربية المقيمة بالمنطقة، لكن وللأسف الشديد إذا ما قمنا بجرد المنجزات والمكتسبات التي حققتها هذه الكيانات سوف نجدها لا تساوي ولو الجزء البسيط مقارنة مع عدد الجمعيات والفدراليات المؤسسة تحت غطاء “العمل الجمعوي، دعم القضايا الوطنية،…) إلى ما هنالك من شعارات فضفاضة لا تسمن ولا تغني من جوع في حقيقة الأمر ، اللهم إجتماعاتها الصورية لإلتقاط بعض الصور المناسباتية والسيلفيات مع كؤوس الشاي وقطع الحلوى.
وحيث أن الوضع صار ملحا أكثر من أي وقت مضى سيما وأن الوطن يمر من حملات دعائية مغرضة تستهدف النيل من سمعته بالأساس لتصطدم بواقع أكثر سودوية له ما له وعليه ما عليه من مؤاخذات، كان لا بد لنا في موقع “هبة بريس” ان نحاول وضع الأصبع على الداء وإثارة الموضوع بجرأة كبيرة آملين أن تصل الرسالة إلى كل من يهمه أمر الوطن وكرامة مواطنيه الذين تجاوز عددهم (300 ألف) على مستوى منطقة “كتالونيا” فقط.
فمن خلال التحليل البسيط يتبين أن النخب التي تعمل بجد من أجل السمو بالخطاب وتفعيل آليات الحوار البناء ومد جسور التواصل والتعاون ممتعضة للغاية بسبب الجبن الأخلاقي والخبث الإلكتروني الممنهج للتصدي للوطن والمواطنة، مؤازرة أحيانا ولو بغير قصد لكن بوعي كامل من الشراذم التي تحاول نهش جسد العباد والنيل من سمعة البلاد ،فالجسم الجمعوي مفعوم بهواجس التفرقة والإنفصال والركوب على الأحداث للوصول إلى درجة ما تحت الصفر أو الظفر بما يشبه “الوزيعة”وأحيانا بغية إرضاء أطراف تعبث بكل شيء وتمرغ كرامة وسمعة المواطن في فتات مسموم مغموس في لعاب الذل ومرق الهوان.
التجارب على مدى السنين كشفت أن الأيادي التي تمتد لتنتشل بعضها من ذل الإسترزاق وعمر الخيانة والرذيلة سرعان ما تخذلها الرذيلة نفسها بعد أن سيطرت على القلوب بعد النفوس واستشرت بشكل فاضح في سيرة الجبناء وضعاف النفوس ، كل التحاليل والإستنتاجات أجمعت أن العدو الأول للصالح العام هو ذاك المواطن الصامت،المتخاذل أمام جبروت جمعيات تتحدث باسمه وتذبح كرامته كل وقت وحين بخبث وطمع وقبح ذميم بغية تحقيق أهداف شخصية ضيقة ، فقد بلغ التشرذم والتمزق مداه في النسيج الجمعوي،إذ عوض الإرتقاء إلى مستوى الجمعيات تأبى جمعيات كثيرة إلا أن تهدي على طابق من ذهب شرف الشرفاء وعذرية الوطن وسمعة المواطنين الأحرار إلى دفوف وطبول أعداء المغرب للنيل والبغاء والبيع بأبخس الأثمان داخل سوق يقايض الشرف بالفتات ، فلن تقوم للمجتمع المدني قائمة سواء في “برشلونة” أو غيرها ما لم يأخذ زمام الأمر رجال لا يخافون الإ الله مهما شهر بهم واتهموا بالموالاة ، لأن الوطن أسمى وأرقى من أن يتهم أي منهم ب”العياش” لا لذنب إقترفه سوى تشبته بالبيعة كرمز من رموز السيادة والوطنية.
واسترسالا في تحليل واقع أزمة النسيج الجمعوي المعاش على أرض الواقع لا يمكن ملامسة هذا الملف إلا وتصيب المقترب منه بحساسيات كثيرة وأسئلة لا نجد لها أجوبة كافية فما بالك بالشافية التي صارت من سابع المستحيلات وغاية لا تدرك أبدا لما يعتريها من غموض وضبابية في المشهد.
ومن بين أهم مظاهر التخلف داخل هذا الوسط نطرح هذه الملاحظات للتحليل والنقاش بغية الوصول إلى نتائج توافقية ومنطقية من شأنها تحسيس أفراد الجالية المغربية ومعها رؤساء الجمعيات بضرورة التغيير وإستبذال القديم بالجديد وفقا للتطورات التي تشهدها الساحة على شتى المستويات.
_ ما عدد الجمعيات النشيطة بالنظر إلى ثلث مليون مغربي؟
_ هل لها من أثر في مجال تأطير أفراد الجالية ، وماذا أنتجت كقيمة مضافة باستثناء الناجحة منها والتي لا تسلم بدورها من ألسنة “البياعة” وأقلام أشباه الكتاب العموميين الذين تفننوا فقط في الهجاء عن جهل؟

– ما هي إنجازات المكاتب التي تعج بالرؤساء و الكتاب العامين و المستشارين و أمناء المال غير البلاغات و التبليغات و البيانات التي تبين كل شىء الا المنجزات؟
أين هي الكفاءات وحملة الشواهد و قادة المواقع النافذة التي استبعدت ونفرت وأسيء إليها من طرف سماسرة الدعم ودعامات الفساد بذل الأستعانة بها ووضعها واجهة مشرقة للجمعيات ودروعا لها أمام متاريس القوانين والتفسيرات الرعناء؟
– ما هو حجم صوت الجالية امام ضخامة الأصوات التي تمثل والتي من المفروض الا يستمع اليها فقط. بل وأن يصغى اليها بتمعن وهيهات بين الإستماع والإصغاء؟
_ ماذا لو أخل الشرفاء من الرجال الذين ينتسبون الى أجيال سابقة والذين أخذوا على عاتقهم رعاية بيوت الله وبعض المراكز الدينية في المهجر للحفاظ على الهوية الإسلامية ومبادئ المذهب المالكي الذي تنفق عليه الدولة ميزانية ضخمة تستهدف خلالها محاربة التطرف وظواهر الكراهية ؟
فإنطلاقا من هذه المعلومات التي يدركها الخاص والعام داخل منطقة “كتالونيا”،وطبعا بعد إستطلاع آراء عدد من المهتمين بالشأن المغربي ، وبعد نقاش مستفيض تمت الإشارة إلى بعض الحلول الممكنة ندرجها كالآتي:
_يلزم لهذا النسيج ان ينفض غبار البغض المتباذل و الكره المجاني و الاحتقان الحقدي الصدىء ،وأن يعمل على استقطاب الشباب بقوته وحماسته لخير الجالية وليس للتطرف العرقي او التقوقع الجغرافي و التمذهب السياسوي المغلف و المطروح سما و عثا.
_لا بد من نهج اُسلوب إستقطاب الكفاءات و إعطاء الفرص للشباب و النساء وخلق حبال المودة و تباذل الخبرات بين الأجيال.
_لا بد من الالتفاف حول علم الوطن و ملك البلاد و دستور الوطن للدفاع عن الحقوق والقيام بالواجبات قبل كل شيء.لأن حبل الوطن هو سبيل الخلاص والنجاة ، ولن يتأتى إلا بالتمسك بالعروة الوثقى صدقا وأمانة وحبا للخير وغيرة على الوطن،إضافة إلى التآخي مع كل المغاربة أينما وجدوا.
كما لا نغفل في هذا الجانب ان ضمن حزمة الحلول المقترحة ببعث الروح في الجسم الجمعوي ، لا بد من مواكبة المشاريع التي راهنت عليها الإدارات المتعاقبة (مع إستثناء بعض منها) في تنظيف الكثير من الشوائب المحيطة بالجالية مع إعتماد مبادئ ومرتكزات الشفافية في طرح مقترحات المشاريع وإشهار الدعم المؤسساتي وفق شرطين إثنين:
أولهما سلامة الإطار القانوني واحترام مساطر القانون المحلي ومبادئ التعدد والتناوب،نبذ الجمعيات المسيرة بطرق الضيعات ( وما أكثرها).
ثانيهما إحترام مبدأ المساهمة في الدعم وليس تحمل التكلفات الكاملة،إذ يتعين على الجمعيات النشيطة والناجحة فعلا البحث عن موارد أخرى من جهات معينة إضافة إلى مواردها الذاتية.
وفي نفس الصدد يبقى الحقل الأكثر إلحاحا وضرورة بالإهتمام هو ملف القاصرين المغاربة المتواجدين داخل مراكز الإيواء،وآخرون يتسكعون في الشوارع دون مأوى يقتاتون من عمليات النشل الموصوفة وبيع المخدرات ،وصنف آخر يتعاطى ل”السيليسيون” في واضحة النهار دون رعاية ولا إهتمام من المصالح المعنية ، وإن وجدت فهي للمرابحة التجارية والركوب على مآسيهم للإسترزاق في ظل التأخير الكبير والمبالغ فيه من طرف وزارة الداخلية حول إنجاز بطائق التعريف الوطنية لهؤلاء والتي أصبح الحصول عليها أكثر تعقيدا من الحصول على جنسية البلد المضيف.
وأخيرا يجب مراعاة وتقييم البرامج المنجزة من طرف بعض الجمعيات وإعطائها حقها في الدعم المالي عوض صرفها على جمعيات لم تقدم أي شيء سوى علاقاتها “المتميزة” مع أطراف معينة، وسنعود لهذا الموضوع بكل تفاصيله في عددنا القادم.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مثل الجمعيات المغربية لا الداخل والخارج هدفها التوسل بالمواطن. في غياب الضمير وحب الوطن والمواطن تبقى الاحتمالات سيدت الميدان. تسول فساد سرقة كذب وزد وهذه الأشياء نراها داخل المغرب من حاملي المسؤولية في البلاد فلا غريب علينا أنها ثقافة الخيانة والفساد في حق الوطن والمواطن والأمانة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى