أمطار مـــارس تُعري واقع البنية التحتية وتُسائل رؤساء الجماعات

بعد أن جادت السماء بخيراتها بأمر من العلي القدير، وبعد أن استبشر الفلاحون خيرا بقدومها آملين بموسم فلاحي جيد ينسيهم شبح الجفاف الذي كان يتربص بهم وبمواشيهم، وبعد أن انشرحت القلوب وأخذت الأرض زخرفها وازينت ولبت لباس الخضرة والألوان الزاهية، (بعد هذا كله) تحولت هذه الأمطار المتهاطلة الى نقمة تسائل بعض رؤساء الجماعات المحلية عن انجازاتهم التي طالما امتدحوها بمناسبة أو بأخرى في عز الحملات الانتخابية.

شـــــــوارع وأحياء تتحول إلى برك مائية

النموذج هنا من مدينة ابن احمد إقليم سطات، وفي خضم التقلبات المناخية، والامطار الغزيرة التي هطلت على أرض المغرب الحبيب، تحولت العديد من الشوارع والأزقة بمدينة “العلوة” إلى برك عائمة بفعل اسنداد البالوعات وانتشار النفايات والأزبال، كاشفة بذلك اللثام عن محدودية النتائج التي حققتها مشاريع التهيئة التي صرفت عليها مبالغ مالية، مخلفة ردود افعال متباينة بين صفوف المواطنين والمتتبعين ونشطاء فايسبوكيين الذين علقوا بعبارات ” ابن احمد تتنفس تحت الماء” ضمن مقاطع لفيديوهات توثق بالصوت والصورة تتوفر “هبة بريس” على نسخ منها، مناشدين ومطالبين الجهات الوصية بالتدخل للتحقيق في العديد من المشاريع التي لم تصمد كثيرا في وجه الامطار المتهاطلة، وحث القائمين على تدبير الشأن المحلي بهذه المناطق المتضررة من الفياضانات بالتوقف عن نهج السياسات الترقيعية والحلول الظرفية.

أســــــواق أسبوعية وشبح الغرق في الأوحال

غير بعيد عن غرب مدينة سطات، قاد المسير (هبة بريس) نحو إحدى الأسواق الأسبوعية، لتحط الرحال بسوق أربعاء أولاد سعيد، هذا المرفق العمومي الذي يعد من الأسواق الأسبوعية المهمة بالإقليم، يقصده العامة والخاصة من كل حذب وصوب.

سوق يعتبر الشريان الحيوي بالمنطقة يضخ مبالغ مالية في مداخيل الجماعة يعرف العديد من المشاكل البنيوية قاسمها المشترك يتجلى في صعوبة الولوج إليه في فصل الشتاء بفعل الاوحال والبرك المائية، مما يتسبب في صعوبة بالغة في عرض البضائع والسلع والتسوق، الأمر الذي يتطلب من الجهات المعنية ضرورة تخصيص جزء من مداخيل هذه الأسواق لتجهيز فضاءاته، وتزويده بكل الحاجيات الأساسية من ماء وكهرباء وغيرها، وتنظيمه وتأمينه، وذلك من أجل توفير الظروف المناسبة لعملية البيع والشراء وحفاظا على صحة المستهلكين، عبر إصلاح كل المرافق وإصلاح أرضيتها وإقامة قنوات تصريف مياه الأمطار وتزويدها بحنفيات الماء الصالح للشرب، ومراحيض، ومواقف للسيارات، وتخصيص شاحنة لنقل اللحوم بدل نقلها على العربات الفلاحية التي تجرها الدواب، دون أن ننسى نظافته بحيث أنه وعند انتهاء التسوق يتحول الفضاء إلى مزبلة تتقاذف الرياح بكل المخلفات من أكياس بلاستيكية وأزبال أخرى نحو المناطق السكنية المجاورة.

فضاءات تثير الدهشة وتطرح أكثر من علامات استفهام عدة

بمكان ذبح وبيع الدجاج ينتاب المرء نوع من الدهشة، شباب يصارعون الزمن لذبح أكبر عدد بطرق غير صحية، تتم في غياب تام للنظافة، وفي غياب أية مراقبة للمصالح المختصة ليبقى خطر التلوث وانتشار الأمراض واردا.. ريش متناثر بعشوائية، ومخلفات أمعاء وغيرها ملقات بجانب المجزرة، أماكن تميل إلى السواد من كثرة احتراق المياه الساخنة التي تخصص “لتريش الدجاج”، دماء مسفوكة هنا وهناك، دواجن منتشرة على طاولات بسيطة يتم خلالها تقسيم الذبيحة ليتم حشوها في أكياس بلاستيكية وتقديمها إلى المستهلك.

إنها بعض معالم الإهمال الذي يطال معظم مرافق الأسواق الأسبوعية، راسمة بذلك صورة قاتمة تعكس الواقع المزري لهذه الأخيرة التي تعد من أهم الموارد الهامة على ميزانيات جماعاتها بمختلف الأقاليم، لكنها تفتقر إلى أدنى شروط السلامة الصحية، الأمر الذي يستوجب دق ناقوس الخطر، والتعجيل بإصلاحات في العمق وإيجاد بدائل من شأنها تلبية متطلبات المستهلك في ظروف جيدة وملائمة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى