العنف المدرسي ونظرية تسليح المعلمين

يبدو أن لهيئة التدريس مكانة خاصة لدى الزعيم الأمريكي، خبير المصارعة الحرة والمهووس بتكديس الأموال وألعاب الأطفال. مكانة لا تحظى بها أطرنا التربوية داخل مؤسساتنا التعليمية المدرسية والجامعية. الفكر الترامبي الذي حول العالم إلى ساحات حروب وابتزاز وتعفن بين الأعراق والأجناس. وقف أخيرا في أوج الاحتقان الأمريكي، إثر مقتل 17 شخص داخل مدرسة ثانوية بولاية فلوريدا،عند البيت الشعري لأحمد شوقي ( قم للمعلمِ وَفهِ التبجيلا.. كادَ المعلم أن يكونَ رسولا). ترامب العاشق للفتن وضع ثقته الكاملة في المعلمين، ودعا إلى تسليحهم من أجل التصدي لمن وصفهم بالمهووسين والجبناء الذين يهاجمون المؤسسات التعليمية. أكيد أن عملية (تسليح المعلمين) بالأسلحة النارية بعيدة كل البعد عما هو تربوي وتعليمي، ولن تلقى إجماع التربويين والمهتمين في ربوع العالم. لكن ما يمكن أن نستشفه من هديان الرئيس المشاغب،هو تأكيده على أن قادة ومسيري المدارس هم المعلمين. وأن الكلمة الأولى والأخيرة في تربية وتعليم وحماية التلاميذ داخل حرم المدارس، تعود إليهم. هذا التأكيد لم تنتبه إليه الجهات المعنية بقطاع التعليم بالمغرب. لا نجده مرسخا في كل مبادراتها وبرامجها ورؤاها. لن يكون هناك أي تغيير في ضل تغييب المدرس واستمرار عدم الثقة في عطاءه وسلوكه. وغياب فرض الاحترام الواجب له من طرف كل الشركاء والفاعلين في القطاع باعتباره المحرك والفاعل الأساسي في كل المبادرات.

عندنا في المغرب، بالكاد يشعر الأستاذ للحظات أنه قائد القسم والأربعين تلميذا… يعيش جحيم الشغب والعنف و المراقبة اللصيقة، التي تصل إلى حد الوصاية على قراراته. وفرض التزامه بمذكرات إقليمية وجهوية ومركزية.. ناذرا ما تكون قابلة للتنفيذ.. أما في حالة تعرضه لعنف ما من طرف تلميذ أو غريب، داخل المدرسة، فإنه مطالب باللجوء وحده إلى القضاء، وتحمل الأعباء المالية والنفسية، وماراطون التحقيقات وجلسات المحاكم. ومطالب بتحرير التقارير وإرسالها عبر السلالم الإدارية والخضوع لأبحاث وتحقيقات لجن التفتيش والتأديب و.. وضغط أقارب وأهالي المشتكى بهم. مساطر ومشاغل تجعل معظم الضحايا من الشغيلة التعليمية يفضلون التنازل عن حقوقه والقبول بالإهانة، التي تنمو تدريجيا لتحول حياتهم المهنية إلى كوابيس. مدارسنا تحت وصاية السلطات المحلية، التي ترى في الأستاذ صورة الموظف الشبح والمتهاون الواجب ردعه. وجامعاتنا تحت المراقبة الزائدة للأمن، تحركها الهواجس الأمنية، ومخاوف التطرف والانفصال.. وهي طبعا أحلام وكوابيس تقض مضاجع المسؤولين، ولا أساس لها في أرض الواقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى