مافيا الاتجار الدولي للمخدرات تهرب كمية ضخمة من الحشيش كانت مدفونة بالجديدة

تحت حراسة أمنية مشددة، اقتادت مؤخرا السلطات الاستخباراتية والشرطية، ممثلة في حوالي 20 عنصر من المكتب المركزي للأبحاث القضائية (بسيج)، التابع ل”الديستي”، والمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، والمصلحة الإقليمية للاستعلامات العامة، أحد أباطرة المخدرات، من السجن المحلي بالجديدة، حيث يقضي عقوبة حبسية، بعد أن أدانته الغرفة الجنحية بابتدائية الجديدة، بمعية شركائه، ب10 سنوات سجنا نافذا، وغرامات مالية ثقيلة، على خلفية الاتجار الدولي في المخدرات، (اقتادته مؤخرا)، في حدود الساعة الواحدة بعد منتصف النهار، إلى دوار “الحاج عباس”، الخاضع للمدار الحضري للجديدة، حيث عمد المتدخلون، بحضور ممثل السلطة المحلية، صاحبة الاختصاص الترابي، إلى الحفر في بقعة أرضية محادية لسكن أسرته، بعمق وعرض يناهزان 3 أمتار، مستعينين في ذلك بآلة الحفر من نوع “تراكس”، من أجل استخراج كمية هامة من المخدرات، وذلك استنادا إلى تعليمات وكيل الملك لدى ابتدائية الجديدة، بعد التبليغ بواسطة رسالة وجهها مروج المخدات المعتقل، من داخل السجن.
هذا، وعثرت الأجهزة المستنفرة في الحفرة تحت الأرض، على حجارة مستطيلة الشكل (طرطوار)، ملفوفة داخل 63 كيسا بلاستيكيا أزرق اللون، شبيهة بالعلب التي تهرب بداخلها المخدرات، إلى الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط، في إطار الاتجار الدولي، على غرار عملية تهريب حوالي 40 طنا من الحشيش التي أحبطهما ال”بسيج”، بتنسيق مع القيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة، شهر دجنبر 2015، في باحة الاستراحة، ضواحي مدينة البئر الجديد، على الطريق السيار الرابط بين عاصمة دكالة والدارالبيضاء، وكذا، عملية التهريب التي أحبطتها الفرقة الترابية للدرك الملكي بمركز البئر الجديد، التابعة لسرية الجديدة، شهر فبراير من سنة 2018، والتي حجزت على ضوءها 4 أطنان من الحشيش.
هذا، وقد نقل المتدخلون على متن عربة فلاحية من نوع “بيك أب”، الأكياس التي تحتوي على الأحجار مستطيلة الشكل، مع أخذ عينة من التربة من الحفرة، قصد إخضاعها للاحاليل المختبرية.
ومن غير المستبعد أن يندرج ما قام به ال”narcotrafiquant” المحكوم، والذي بلغ عن المخدرات المدفونة على مقربة من منزل أسرته بدوار “الحاج عباس”، في إطار “الابتزاز”، أو “الانتقام” من شركائه الذين قد يكونون تخلوا عنه وراء القضبان، أو الذين يكونون أسقطوه في فخ؛ أو في إطار “التعاون” على نحو ما يلجأ إليه “التائبون المافياويين” (les maffiosi repentis) من مافيات “كوزا نوسترا” و”لاكامورا”.. الذين يبرمون أو يحاولون إبرام صفقات مع المحققين ومع العدالة، ولو على حساب الشرف، بغية تحقيق بعض المكاسب والامتيازات، أو الحد من مدد من عقوباتهم الحبسية، أو التجويد من ظروف اعتقالهم وقضاء محكومياتهم خلف القضبان.
هذا، فإن الكمية الهامة من المخدرات التي بلغ عنها “المافياوي التائب” عبر الرسالة التي وجهها من داخل المؤسسة السجنية، قد تكون فعلا كانت موجودة، قبل أن “تتبخر في الكبيعة”، وذلك اعتبارا، من جهة، لوجود الحفرة العميقة والعريضة، والتي تتسع وتسع فعلا وفعليا لاحتواء كمية المخدرات المخبأة فيها؛ هذه الكمية الضخمة التي يكون أعضاء الشبكة المافياوية، الذين ظلوا أحرارا، قد استخرجوها خلسة من مكان دفنها، واستبدلوها بالتالي بالحجارة الملفوفة بعناية في أكياس بلاستيكية، بغية إيصال رسالة ما إلى جهة معينة، أو بغاية التمويه والتضليل.. وحتى لا تبقى الحفرة شاهدة على الجريمة وأثارها المادية؛ ومن جهة أخرى، كون (المافياوي التائب) لا يمكنه البتة، من الوجهة القانونية، أن يعمد إلى التبيلغ الكاذب، وإزعاج السلطات القضائية والأمنية والمحلية؛ مع ما قد يجره عليه ذلك من تبعات، وما يترتب عنها من متابعات نص عليها القانون الجنائي.
ولعل أثار استخراج المخدرات المحتمل جدا من مخبئها في دوار “الحاج عباس” بعاصمة دكالة، قد ينم عن وجود شركاء آخرين ل”مافيا الاتجار الدولي للمخدرات”، قاموا، بعد أن هدأت العاصفة، وفي غفلة من المصالح الأمنية والاستعلاماتية، بنقلها وتهريبها من ثمة بحرا، استكمالا لعملية أو لصفقة لم تكتمل من قبل لأسباب أمنية، إلى وجهتها المحددة، مرورا عبر الضفة الشمالية من القارة العجوز. كما قد ينم عن كون الشبكة الإجرامية المتورطة في هذه العملية، والتي تم توقيف 4 منها، ضمنهم امرأة حامل، وضعت مولودها في السجن، ذات امتدادات داخل المغرب، وارتباطات إجرامية على الصعيد الدولي، وأنه لم يتم تفكيكها عن آخرها.. وبالتالي، يتعين على المنحققين الدفع إلى أقصى الحدود بالأبحاث والتحريات التي كانوا أجروها، والتي كانوا فيها مقيدين بإكراه فترة الحراسة النظرية، المحددة وفق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، والتي قد يترتب، في حال تجاوزها، الاعتقال التحكمي.
هذا، وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والقيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة، أحبطتا، شهر دجنبر 2018، عملية من العيار الثيقيل لتهريب المخدرات عبر سواحل الجديدة، في إطار الاتجار الدولي للمخدرات. وهي العملية التي تمت بناءا على معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
هذا، وكانت شاحنة محملة ب10 أطنان من الحشيش، موزعة على 400 كيس، انطلقت من شمال المغرب، وشقت طريقها تحت جنح الظلام، عبر طرقات ومسالك صعبة، بعيدا عن المراقبة التي يؤمنها رجال الدرك الملكي والأمن الوطني، على الطرقات، وفي السدود القضائية.
وعند وصول الشاحنة إلى الدارالبيضاء، تعقبتها عناصر من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، بالزي المدني، على متن عربات غير مميزة، إلى أن شارفت، مرورا عبر الطريق الساحلية والوطنية رقم:1، في ساعة متأخرة من الليل، على مدارة “المصور راسو”، حوالي 15 كيلومترا جنوب عاصمة دكالة. حيث حاصرها المتدخلون الأمنيون، بحضور تعزيزات من القيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة، في محطة البنزين، وأوقفوا سائق الشاحنة المحملة بالمخدرات، وشخصين آخرين، رجل وامرأة تحمل الاسم العائلي للسائق، كانا على متن عربة، كانت تتقدم الشاحنة، وكانا يطلعان سائقها عبر الهاتف النقال، على أي خطر محدق، قد يتهدد سلامتهم وسلامة البضاعة المحظورة، التي يبدو أنها كانت ستسلك طريقها إلى بلدان ما وراء البحار، عبر سواحل الجديدة. حيث إن المعاينات والخبرات التقنية المنجزة، أبانت أن طريقة تعليب وتلفيف المخدرات المحجوزة، كانت بكيفية تحميها من تسرب المياه. ما يؤكد على أنها كانت موجهة للتهريب عبر المسالك البحرية، كما أن وجود أربع علامات مميزة على الشحنات المضبوطة، يرجح ضلوع عدة مهربين في تنفيذ هذه العملية الإجرامية ناهيك عن حجز مبلغ مالي بقيمة 10 ألاف أورو يشتبه في ارتباطها بعمليات التهريب الدولي للمخدرات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى