انزكان : معامل تصبير السمك بأيت ملول لا تحترم المعايير البيئية

كل من زار مدينة أيت ملول بإنزكان باعتبارها من أهم المناطق الصناعية بالمغرب ، سيكتشف أنفه روائح كريهة بعد إنصهار كل المخلفات
والرواسب السامة التي تلفظها كل الشركات الكائنة بالحي الصناعي، خصوصا معامل تصبير الأسماك، هذه المخلفات تمر عبر قنوات الصرف الصحي العمومية، قبل أن تصل إلى محطة الضخ الموجودة في الجانب الأيمن لقنطرة واد سوس مرورا بمحطة سوس قبل أن تنتهي في محطة التصفية بحي المزار.

فكل مستعمل لسيارة او حافلة سيضطر الى اغلاق النوافد بمجرد وصوله الى قنطرة واد سوس الرابطة بين مدينتي إنزكان وأيت ملول، إلى حين تجاوز هاته المحطة التي أضحت وصمة عار على المدينة التي بات الجميع يلقبها بمدينة «الخنز».

– محطة تصفية كلفت 20 مليار سنتيم والنفايات لا زالت تلوث البحر وواد سوس

كشفت مصادر مطلعة ل ” هبة بريس” أن شركات تصبير الأسماك بأيت ملول تبقى المسؤول الرئيسي عن انبعاث هاته الروائح، من خلال مخلفاتها الصلبة التي تمر عبر قنوات الصرف الصحي العمومية، حيث يتم تصريفها بمحطة الضخ الموجودة بجانب القنطرة الرئيسية الوحيدة التي تربط بين شمال المملكة وجنوبها، وهو ما يضر بصحة كل العابرين لهاته القنطرة، فالجميع هنا يضطر إلى استنشاق نصيبه من هاته الروائح النتنة التي تزكم الأنوف، وتبقى المجالس السابقة المتعاقبة على تسيير الشأن المحلي تتحمل جزء من المسؤولية عما تعرفه المدينة من انتشار للتلوث، وذلك نتيجة تساهلها في منح تراخيص العمل لفائدة هاته المصانع رغم عدم احترامها للمعايير البيئية المعمول بها في هذا الإطار، على اعتبار أن جل شركات تصبير الأسماك التي حطت بالحي الصناعي لا تتقيد بدفتر التحملات والمعايير البيئية في ما يخص تصريف المخلفات، حيث استفادت، آنذاك، من وضعية عامة تمثلت في فراغ من جمعيات فاعلة في المجال البيئي، كما أن الشروط الموضوعة خلال عقد التسعينيات لم تنضج بعد لفرز جمعيات ناشطة.

بعض معامل تصبير السمك في ” قفص الاتهام”

معامل تصبير السمك ومعامل أخرى تشتغل في الزيوت واخرى في مواد سامة فلاحية، لازالت خارج رقابة الجهات المختصة وعدم التقيد بالميثاق الوطني للبيئة، فقد وفقت شركتان لتصبير السمك في إنشاء محطتين داخليتين لمعالجة النفايات، لا تشتغلان الى بشكل مؤقت ، بعد أن وقعتا على عقد شراكة مع الوكالة المستقلة متعددة الخدمات (الرمسا) واستفادتا من مساهمة مالية تصل إلى 20 في المائة من قيمة التكلفة المالية الإجمالية للمشروع، مدرجة في إطار برنامج تشجيعي سابق لفائدة الشركات الصناعية، غير أن أغلب معامل التصبير التي حصلت على تراخيص في السنوات السابقة لم تنخرط في هذا البرنامج، حيث لازالت فكرة إنشاء محطة داخلية لمعالجة النفايات السامة مغيبة من قاموس أرباب هاته المصانع لمجموعة من الاعتبارات، يبقى أهمها التكلفة الباهظة لهاته المشاريع، وبالتالي تصريح ضمني بعدم رغبتهم في التفاعل مع الميثاق الوطني للبيئة، كما يعتبر أمرا بديهيا بالنسبة لمسؤولي هاته الوحدات، مادام أن جلهم يقطن في مناطق بعيدة عن مصادر التلوث بمدينة أكادير.

فالالتزام بالمعاير الدولية في إنتاج وتصبير الأسماك ضرورة ملحة في المدى القريب، على اعتبار أن مجموعة من الدول المستوردة لمنتوج الأسماك المصبرة، كفرنسا وروسيا وأمريكا وغيرها، تؤكد في تعاملاتها التجارية على احترام المعامل للمعايير البيئية، قبل القيام بإجراءات التعاقد وتوقيع الاتفاقيات مع الشركات المعنية، كما هو الحال بالنسبة إلى لجن من دول أوروبية وأمريكا باتو يفرضون على المنشآت الصناعية بايت ملول بضرورة الالتزام بالحفاظ على الجانب البيئي في صناعاتها التحويلية .

محطة التصفية “المزار”… الاكراهات .

أكدت مصادر مطلعة، أن معامل التصبير بالحي الصناعي بأيت ملول تتسبب في متاعب متعددة لعمال وكالة ( الرامسا) ، حيث يتم بذل جهود مضاعفة بهدف التقليص من حدة انبعاث الروائح الكريهة، على اعتبار أن آليات الضخ الموجود بقنطرة واد سوس تجد صعوبة بالغة في عزل المواد العضوية المتسربة مع المياه العادمة مما يصعب من عملية تصفيتها، هذا إلى جانب أشغال الصيانة المستمرة للقنوات نتيجة تعرضها للأعطاب والتشققات بسبب تدفق المواد العضوية، وهو ما يؤثر سلبا على ظروف عمل المستخدمين، مضيفا المصدر نفسه أن البنية التحتية الخاصة بالصرف الصحي للمدنية، تآكل معظمها بسبب الملوحة الشديدة التي تتدفق بداخل هاته القنوات مما يصيبها بالتشقق بين الفينة والأخرى، إن محطة الضخ الموضوعة بحي المزار، والتي استنزفت أزيد من 20 مليارا تبقى عديمة الفائدة، على اعتبار أن المياه العادمة لا يتم استعمالها مجددا في سقي بعض المنتوجات الزراعية، كما هو معمول به عادة في بعض المناطق المجاورة نظرا للملوحة الزائدة بها، وبناء على ذلك – يستطرد المصدر ذاته – فإن المياه العادمة تذهب إلى ملاعب الكولف القريبة من منطقة اغروض بضواحي بنسركاو اكادير، فيما الكميات الأوفر منها يتم رميها مع الأسف الشديد في مياه البحر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى