خلف الأبواب المغلقة.. إرضاء نزوات “الباطرون” مقابل أجر نهاية الشهر‎

قبل أيام تفجرت قضية بأبعاد و إيحاءات جنسية اثارت الكثير من الجدل بالمغرب فيما بات يعرف بملف “بوعشرين و ضحاياه” و الذي أسال الكثير من المداد بعدما تم تداول الاتهامات التي وجهت لناشر إحدى الجرائد الوطنية و التي وصلت حد اتهامه ب”الاتجار في البشر”.

ملف بوعشرين أعاد للواجهة مئات الوقائع التي تتداولها محاكم المملكة بخصوص التحرش الجنسي و الاغتصاب و الاستغلال ، غير أنه في نفس الوقت أماط اللثام عن واقع مرير تعيشه الألاف من النسوة خاصة الشابات في مقرات عملهن.

“خلف الأبواب المغلقة” ، عشرات الحكايات لنساء يتم استغلالهن من طرف أرباب عملهن و مشغليهن لإرضاء نزوات عابرة أو كبت مرضي مقيت مقابل ضمان استمرار عقد العمل و أجر نهاية الشهر و امتيازات أخرى تختلف حسب “كرم الباطرون” و “سخاء الشغيلة” باختلاف أماكن الحدث و التي غالبا تكون مكتب “السيد” المدير.

هو واقع مؤلم تشهده العديد من الإدارات و المصالح و الشركات و المصانع ، حيث يستغل رب العمل غالبا حاجة بعض العاملات خاصة من الفئات الفقيرة لممارسة نوع من الضغوط تجاههن تصل حد ابتزازهن بمقولة “الجنس مقابل العمل”.

و تفضل عدد من هؤلاء العاملات حتى و لو كن متزوجات أن يواصلن الرضوخ لنزوات إنسان في صفة شيطان تجنبا للمتاعب و المصاعب التي قد تصل حد الطرد من العمل المرفق بالقيل و القال في مجتمع لا يرحم إن هن كسرن جدار الصمت و خرجن عن المألوف و نطقن بما يخالجهن من “حكرة” و استغلال بشع للمنصب و النفوذ.

ما يجري خلف الأبواب المغلقة فظيع جدا ، حيث تستباح الكرامة و الكبرياء و حتى المحصنات أحيانا بمقابل أو بدونه ، و أكيد أنكم بمجرد قراءتكم لهاته العبارات تبادرت لأذهانكم قصص عايشتموها لزميلات لكن في العمل مع مشغليهن أو لأصدقاء سبق و حكوا لكم ما يدور في كواليس الإدارات و المكاتب تحت عنوان “الجنس مقابل العمل” أو بعبارة أخرى “شوف و سكت”.

و كان المخرج المغربي محمد عهد بنسودة قبل أربع سنوات تقريبا قد أخرج فيلما طويلا عنونه ب “خلف الأبواب المغلقة” و تطرق من خلاله لهذا الواقع المؤلم و البئيس المتجسد في تحرش المدير بموظفته المتزوجة عملا بمبدأ “شنو غتخسري ايلا نعستي معايا” قبل أن يتحول إلى “أنا الباطرون أنا لي تنحكم”.

ورسم الفيلم في بدايته ملامح الشخصية التي ستكون هدفا للمتحرش و هي السيدة “سميرة” الموظفة الجميلة والأنيقة، التي ترفل في سعادة زوجية في البيت وتستمتع بعمل تحبه في الشركة، قبل أن يطرأ ما يغير حياتها إلى منحى مأساوي بعدما حط مدير جديد رحاله في المؤسسة فوضع الموظفة المتميزة نصب عينيه منذ النظرة الأولى ويبدأ إستراتيجية الكمائن والإغراءات، وإذ يصطدم بالرفض، ينتقل إلى التضييق والضغط، فتضطر سميرة إلى نصب فخ يخلصها من براثنه بعد أن أوصد الجميع الباب في وجه شكاويها، بما في ذلك زوجة المدير المتحرش وزملاؤها في العمل.

وفي محاولة لتقديم نظرة شمولية على الظاهرة، اقترح الفيلم حكاية تحرش موازية تجري في خلفية الحكاية الرئيسة، تورط فيها حارس عمارة دأب على ترصد عاملات النظافة لإشباع نزواته المريضة، وهي إشارة إلى أن التحرش ظاهرة تهم كل الطبقات والشرائح.

و اعتبر الفيلم أنذاك دعوة إلى فضح التحرش الجنسي والمتحرشين وكسر طابوهات نظام اجتماعي يدين الضحية ويحمي الجلاد أحيانا، خصوصا إن توافرت له السلطة والقدرة على شراء الصمت الذي يكون في أحايين عدة مغلفا بطابع الإكراهات و خاصة أجر نهاية الشهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى