عبد النباوي : “النيابة العامة” أتمت سنتين على استقلالها عن “السلطة التنفيذية“

تخليداً لليوم الوطني للمرأة المغربية، ينظم المجلس الأعلى للسلطة القضائية المؤتمر الإقليمي لقاضيات إفريقيا تحت شعار: “الضمانات الاجتماعية والمهنية للقاضيات الإفريقيات، أي مقاربة“، بمركز الندوات سيدي محمد بن عبد الله بمدينة فاس في الفترة الممتدة من 10 إلى 12 أكتوبر 2019.

وبهذه المناسبة كشف محمد عبد النباوي، رئيس مؤسسة النيابة العامة، بأنه ” ليست هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها مدينة فاس للعالم أجمع، بلغة المؤنث، ففي هذه المدينة – وغير بعيد عن مكان اجتماعنا هذا – توجد جامعة القرويين التي أسستها سيدة فاضلة من سكان هذه المدينة السيدة فاطمة الفهرية، التي أنفقت مالها في بناء مسجد عظيم أصبح الآن أقدم جامعة في العالم، هي جامعة القرويين التي ما تزال حلقات الدرس مستمرة بها منذ 859 سنة“.

واسترسل بالقول ”اليوم تتحدث مدينة فاس للعالم بصوت النِّساء القاضيات الإفريقيات، بلغة القانون ونغمة الحقوق .. فليسمع العالم أجمع، ولتستمعوا أيها السادة. فمقاربة “الضمانات الاجتماعية والمهنية للقاضيات الإفريقيات”، ليست اختياراً اعتباطيا، ولكنها إرادة النساء القاضيات، لبلوغ المناصفة الاجتماعية، وإدراك المستوى المهني المساوي لزملائهن من القضاة الرجال، بفضل جهودهن في العمل، ودورهن في تحقيق العدالة“.

وأضاف بالقول :”وفي اعتقادي أن اختيار المغرب لمناقشة هذا الموضوع، صادف الصواب لسببين على الأقل. يتجلى الأول في المكانة الدستورية التي حققتها المرأة في المملكة، ويرتبط السبب الثاني بالدور التنموي للمغرب في إفريقيا.ففيما يتعلق بالمكانة التي بلغتها المرأة المغربية في المجال القضائي. كان المغرب من الدول الأولى في المنطقة العربية الإفريقية التي سمحت للمرأة بممارسة القضاء منذ سنة 1961، لتقتحم القاضية المغربية بعد ذلك مجالات قضائية متعددة ظلت حكراً على الرجل لعدة قرون. وتمثل النساء القاضيات حالياً حوالي 25% من نسبة قضاة المملكة. كما أن نسبة النساء بين قضاة النيابة العامة تتجاوز 16%. ونتيجة لمقتضى دستوري رائع، ولجت ثلاث قاضيات المجلس الأعلى للسلطة القضائية. وهي أول مرة تتمكن فيها القاضية المغربية من ولوج المركز الأعلى للقرار. بالإضافة إلى قيامها ببعض مهام المسؤولية القضائية في أعلى مراتبها كرئيسة غرفة بمحكمة النقض ورئيسات محاكم استئناف ومحاكم ابتدائية ووكيلة عامة للملك أو وكيلة الملك بمختلف المحاكم. وذلك فضلاً عن ممارسة النشاط الجمعوي، الذي كانت إحدى ثماره هذا الاجتماع الموفق“.

وزاد قائلاً :”وأما ارتباط المغرب بإفريقيا، فيوضحه ما جاء في خطاب جلالة الملك أمام القمة الإفريقية، أن : “المغرب اليوم في حاجة إلى إفريقيا، وإفريقيا بحاجة إلى المغرب … إن منظورنا للتعاون جنوب – جنوب واضح وثابت، فبلدي يتقاسم ما لديه، دون مباهاة أو تفاخر …”. وقد أكد جلالة الملك في هذا الخطاب رؤية وتوجهات المغرب الحديث، الذي أصبح يؤمن أن مستقبل ازدهاره رهين بمستقبل وازدهار إفريقيا. وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بالتعاون بين دولها وبتقاسم خبرات أبنائها وبناتها. ولا يسعنا نحن القضاة والقاضيات إلا الاصطفاف وراء هذه الإرادة، والعمل سوياً لتحقيق استقلال القضاء، وبناء أنظمة قوية، فعالة ونزيهة للعدالة ببلداننا، تكون قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحامياً للاستثمار، وضامنا للسلم الاجتماعي والأمن في بلداننا. ونعتقد أن تطوير أساليب التعاون القضائي جنوب – جنوب، سيُساعد على نقل التجارب الناجحة بين بلداننا الإفريقية. ونؤكد اليوم، من هذا المنبر اهتداءً بالسياسة الرشيدة لجلالة الملك، أن مغرب اليوم جعل من بيته الإفريقي، فضاء للتعاون مع أشقائه الأفارقة على جميع الأصعدة. ويعد نظام العدالة من أهم الأوراش الكبرى التي يجب العمل سوية على تطويرها. فهو قاطرة مهمة للدفع بعجلة التنمية بقارتنا، كما أن تحقيق العدل هو السبيل والضمان الأمثل لإحلال السلام في قارة أنهكتها الحروب وعدم الاستقرار.
وفي هذا السياق عملت رئاسة النيابة العامة رغم حداثتها كمؤسسة، على مواكبة انفتاح المملكة المغربية على عمقها الإفريقي، من خلال السعي لتوقيع مجموعة من اتفاقيات التعاون مع النيابات العامة الإفريقية. كما أنها حاضرة في الشبكات القضائية الإفريقية، حيث انتخبت رئاسة النيابة العامة بالمغرب، في أول مشاركة لها على الصعيد الإفريقي، عضواً في المكتب التنفيذي لجمعية المدعين العامين الأفارقة، ونائبا لرئيسها، وذلك على هامش المؤتمر 13 لجمعية المدعين العامين بإفريقيا. إلى جانب احتضان المملكة لاجتماعات ولقاءات تعنى بالشأن القضائي الإفريقي. ونحن نستعد لاستقبال عدد من السادة المدعين العامين الأفارقة في مؤتمر العدالة الثاني بعد أيام بمدينة مراكش، وستوقع اتفاقيات ثنائية مع بعض النيابات العامة الإفريقية“.

وصرح عبد النباوي، بالقول :”أتمت النيابة العامة المغربية، منذ ثلاثة أيام، السنة الثانية من إحداثها كمؤسسة قضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية. ذلك أنه تنفيذاً للدستور، تم نقل السلطة على قضاة النيابة العامة من وزير العدل المنتمي للسلطة التنفيذية، إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية. هذه السلطة التي منحها الدستور الاستقلال عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وجعل جلالة الملك ضامنا لاستقلالها، تضم قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة”.

وكشف عبد النباوي على أن رئاسة النيابة العامة تعتز بالأداء المتميز لقاضياتها وكافة الموظفات العاملات بالنيابات العامة بمحاكم المملكة، والذي يتم في انسجام وتكامل مع زملائهن من القضاة والموظفين الرجال. ويكبر هذا الاعتزاز بمساهمة باقي المنتميات لجسم العدالة، وفي مقدمتهن المحاميات والموثقات والعدلات والخبيرات والمترجمات والمفوضات القضائيات وضابطات الشرطة القضائية. وتعتبر إسهاماتهن في إقامة العدل خطوات جبارة على الطريق القويم نحو تحقيق المساواة بين الجنسين والوصول إلى المناصفة الفعلية.

وختم عبد النباوي بتوجيه الشكر للرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والسيدات رئيسة وعضوات جمعية اتحاد قاضيات المغرب على استضافة هذا المؤتمر، منوها بالتنظيم الجيد والمتقن، ومشيداً بكافة المنظمين والمنظمات.

هذا وتتوزع أشغال هذا المؤتمر إلى أربع جلسات، ستناقش خلالها أكثر من 500 مشاركة ينتمين ل 30 دولة إفريقية مواضيع هامة ذات بعد مهني وحقوقي واجتماعي وهي:

مقاربة النوع بالأنظمة القضائية الإفريقية، القاضيات الإفريقيات والحكامة القضائية، تبادل وتقاسم التجارب والممارسات الفضلى بين القاضيات الإفريقيات، الإكراهات العائلية والالتزامات المهنية، موازنة صعبة.

ويشكل هذا اللقاء مناسبة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية لاستعراض النموذج المغربي في سبيل النهوض بالوضعية المهنية والاجتماعية للمرأة القاضية واستحضار المنجزات المهمة والخطوات الجبارة التيقطعتها بلادنا لتكريس قيم المجتمع الحداثي القائم على المساواة والمناصفة والحرية والكرامة كما سيخول إبراز دور المغرب كفاعل أساسي في تعاون جنوب جنوب وتنمية الرأسمال اللامادي بإفريقيا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى