رثاء هاجر : هنيئا لك بالسجن هنيئا لهم بالحكم

محمد الشمسي -محامي بهيئة الدار البيضاء

تلاشت الكلمات واندثرت وتطايرت فلم أجد ما أرثي به حال عروس كانت تعد العدة ل”إكمال نصف الدين”،وترتدي فستان العرائس، فإذا بها تلتحف ثوب النزلاء في مركب سجني ، بتهمة مبتورة يكتنفها ضباب كثيف ، مع رياح قوية متقلبة ومتعاكسة ، هاهم يزفونك إلى سجنك سنة شمسية كبيسة أو بسيطة فلم يعد الفرق يجدي ، مثلما عجز العقل عن فك لغز تفكك المعادلات الرياضية ومعها التركيبات الكيماوية لقانون نراه يتألم وينزف ، في زمن يتم فيه تهريب القوانين وعجنها لصناعة المدونات والمجموعات القانونية .

ما كان عليك أن تتركيهم يضعون قضيتك في منجنيقهم ويقصفون بها خصومهم لتصفية حسابات قديمة وغابرة وصدئة .

ما كان عليك أن تفسحي المجال في قضيتك لراكبي الأمواج ، الذي تراهم لألواحهم يرمون وعليها يقفزون وكل موجة هم لها وعليها راكبون ، ولا يتبعهم أو يثق فيهم سوى الغاوون ، أولئك الذين يتصيدون الغرقى،وما اجتمعوا على غريق إلا و”غرقو ليه الشقف”.

كان عليك أن تلتزمي بقواعد لعبة القانون ، وأن تتقدمي الحشود لا أن تتواري إلى الخلف ولا أن تراهني على غيرك للدفاع عن حقك ، وأنت سليلة قوم اتخذوا من مقارعة الحجج مهنة ، ما كان عليك أن تنسحبي وتتركينهم يعزفون أنشودة التحدي على أوتار آلامك ، ويرقصون رقصة الرهان فوق ساحة همك ، هم الذين استنجدوا بالأمم المتحدة،وتاريخ المسماة الأمم المتحدة يشهد أنها حمولة زائدة ، في أفضل الحالات تصدر بلاغ استنكار أو تنديد أو تطالب بإطلاق سراح يبقى صرخة في فج عميق،كان عليك أن تُطِلي من غياهب سجنك ببيان في سطرين ، تشكرين فيه القوم على روح تضامنهم، وتطلبين منهم الاصطفاف خلفك لأنك أنت المعنية بالمعركة لا هم، وتواجهين مصيرك بشجاعة ليست غريبة عليك.

لعل شيفرة قضيتك تتكون من أرقام تختفي بين فصول القانون الجنائي ،وسلاحك في هذه الحالة كان يجب أن يتكون من صواريخ “قانون قانون”تنسفين بها المتابعات جنحة جنحة ، فلن ينفعك في ذلك بارود السياسة الذي يحترق ولا ينفجر ، وها أنت تدفعين ثمن استئمانك لهم على القضية التي نفخوها حد التشقق والتشهير ، ثم الانشطار فتطايرت الشظايا لتصيبك بسنة حبسية مقيتة رتيبة وأنت الفتاة الحالمة ببناء عش مثل حمامة مهاجرة ، كان عليك أن تتعظي من دروس من سبقوك في مضمار محاكمات تجمع بين الرغبة في الخنق والوسيلة في توظيف القانون ، لتنتقضي ضد الجوقة التي حجبت عنك شمس العدالة ورمتك في أحضان السجان.

انتهت جولتهم وحانت جولتك ، فانظري ماذا تفعلين ، واعلمي أنه ما حك لك خدك غير ظفرك، فلا تفرطي في القضية ، ولا تعولي على من لا يملك لكي يمنحك ما لا يقوى عليه .

فإن كان على عام من السجن فالأعمار تفقد السنوات في السجن وخارجه، وإن كان على الظلم فلا قيمة للعدل بدونه، لكن لا أدري لماذا أشعر أنك لم تقولي كل شيء، ولا أدري لماذا أجدك بريئة من المنسوب إليك، ولا أدري كيف أقنعك أن ما أصابك هو قدرك،ولا أعلم كيف أضعت خريطة القضية وانشغلت عنها ببيانات التضامن .

هنيئا لك بسجنك ، فأنت السجينة وهم الطلقاء ولا ندري أيكما في الضفة الأبهى ؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى