إسبانيا: قناصلة بين مطرقة وزارة الخارجية وسندان المهاجرين المغاربة‎

لم يعد من المنطقي أن يتقبل المهاجر المغربي المتعطش لمواقف رسمية يحس خلالها بالأمن والأمان وسط غابة أصبح الضبع فيها يرتدي زي الساهر على الأمن وخدمة المواطنين، ولم يعد من المقبول أيضا أن تقابل حالات الإعتداءات العنصرية المتكررة ضد مواطنينا بهذا الصمت المخزي من طرف وزارة الخارجية والتعاون الدولي ومعها تلك المكلفة بشؤون الهجرة والمهاجرين.

الفيديو الذي إنتشر بسرعة البرق لشرطي إسباني وهو يعتدي بالركل والرفس على مهاجر مغربي ملقى على الأرض دون الدخول في حيثياته ما هو إلا واقع معاش جاء ليعري من جديد واقع بعض الوزارات المكلفة بشريحة من أبناء الوطن، هاجروا لكسب لقمة العيش وأصبحوا لقمة سائغة للآلة العنصرية الأمنية التي تنتقي ضحاياها بعناية فائقة ، هاجروا طلبا في الرزق ليصيروا الرزق عينه، يسقطون واحدا تلو الآخر ، يدركون أنهم أكلوا يوم أكل الثور الأبيض دون حسيب ولا رقيب، منهم من قتل برصاصات في رأسه(طريق ڤالينسيا) ، منهم من قتل بآلة صعق كهربائي (ألميرية) ، وآخرون داخل مراكز الشرطة (واد الحجارة)(بالما دي مايوركا) ، كلها حالات متباعدة من حيث المكان ومتقاربة في الزمان ، كلها حالات لم تستأثر بإهتمام الجهات المعنية ولم يصدر بشأنها بلاغ خجول ولا شديد اللهجة اللهم بعض التحركات المحدودة التي يقوم بها القناصلة كل حسب دائرته القنصلية لحفظ ماء الوجه وإمتصاص الغضب.

ليس دفاعا عن القناصلة،ولسنا معنيين بهذه المهمة النبيلة، فهول الإعتداءات العنصرية من طرف الشرطة الإسبانية ومهمة الدفاع عن ضحاياها تفوق بكثير صلاحية هؤلاء ، وتضعهم في موقف حرج أمام الكثير من المغاربة ، لا بل هي فوق سلطة السفير نفسه لأن الجرم أصبح متعمدا وليس حالة شاذة لا يعتد بها، فليست العبرة في وضع رابطات العنق فوق القميص والتوجه نحو العاصمة مدريد لحضور لقاء أو ذاك ، وليست العبرة أن نشيد بالتعاون الأمني الكبير في وسائل الإعلام الرسمية ونستغله كنجاح حقق الأهداف، بل العبرة أن نستفيذ من أخطاء الماضي ونفرض وجودنا باعتبارنا أكبر وأقدم جالية في إسبانيا لها حقوق وعليها واجبات ، ورائها وزراء وسياسيون يجيدون إصدار بلاغات التنذيذ كبلاغات المجاملات، معنيون بشؤون مواطنيهم في الشدة كما في التطبيل والتزمير لعملية العبور والحرص على تقديم القارورت الصغيرة للمياه المعدنية أمام الكاميرات.

المهاجر المغربي أصبح يعيش في خوف دائم ، والسيل وصل الزبى، وصار موضوع الإعتداءات حديث المقاهي والشوارع ، لطخت سمعة القنصليات التي لا حول لها ولا قوة في هذه الحالات ، وصار الإسباني في بلادنا يضرب له ألف حساب وحساب، وصرنا نحن الحائط القصير الذي يقفز عليه من هب ودب دون متابعة ولا عقاب سوى جملة “كان يعاني من مضاعفات نفسية”.

فهل أنتم معنيون يا سادة بهذه الإعتداءات العنصرية؟ أم أن كرامتنا أستبيحت لهذه الدرجة في حين تبقى كرامة الإسباني في بلادنا فوق كل إعتبار ؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى