تعيش المناصب .. وليذهب الشعب إلى الجحيم !

تعيش المناصب .. وليذهب الشعب إلى الجحيم !

رحم الله ضحايا ملعب تارودانت .. ورحمنا معهم جميعاً !

“خليه يموت” ليست فقط مجرد عبارة يمكن أن تضع حداً لحياة أي مغربي بسيط في الشمال أو في الجنوب، في الشرق أو في الغرب. بل هي عبارة تختصر أسلوب تدبير يتعامل به بعض المسؤولين في هذا البلد مع هذا الشعب منذ عقود.

“خليه يموت” عبارة تختصر نظرة الاحتقار التي يرى بها بعض المسؤولين هذا الشعب، من خلف تلك الستارات التي تغطي نوافذ سيارات الدولة الفارهة، وخلف تلك الأبواب الموصدة التي تعزلهم داخل المكاتب المكيفة، وخلف تلك الأسوار التي تفصل بين فيلاتهم الفاخرة وسكن البسطاء العشوائي.

“خليه يموت” هي ببساطة “خلص عاد شكي” و “سير حتى تجي” و ” دهن السير يسير” و “معارفش راسك معامن كاتدوي” و غيرها الكثير من العبارات التي ألف المغاربة سماعها في كل مكان

“خليه يموت” عبارة لا يسمعها المغاربة فقط، بل يحسونها عند كل دخول مدرسي عندما يرون أطفالهم مكدسين في أقسام مثل زنازين السجون. ويحسونها عند زيارتهم لأقرب مستشفى حاملين بطاقات تثبت ضعفهم ليحجزوا موعداً بعد ستة أشهر أو سنة أو ربما أكثر. ويحسونها عند دخولهم لأقرب إدارة للبحث عن وثيقة قد تكلفهم قوت عيالهم رشوة للحصول عليها. ويحسونها عند كل موعد انتخابي بعدما يتذكر أغنياء القوم أن هناك شعباً يصلح كقنطرةً للوصول للأجور السمينة والامتيازات المتينة. ويحسونها عند كل عيد أضحى عندما يضطرون للجوء إلى مؤسسات القروض الصغرى لرسم بسمة على أوجه أطفالهم. ويحسونها عند وقوفهم للتزود ببعض الليترات من البنزين الذي لا ينزل ثمنه في بلدهم مهما نزلت أثمنته في العالم. ويحسونها عندما تتهاطل الأمطار والثلوج فيجدون أنفسهم قتلى أو معزولين عن العالم، هناك حيث لا يسمع نداء الحوامل سوى رب كريم …

“خليه يموت” لا تلخص فقط مأساة شباب يحب كرة القدم وسط قرى المغرب السحيق، بل تلخص مأساة شعب يريدونه في خدمتهم فقط ويستكثرون عليه حتى الصراخ.

بينما عبارة “خليه يموت” لا تمثل عند المسؤولين سوى مجرد إشاعة يريد العدميون الركوب عليها لخلق الفوضى، لأنهم ببساطة يمسكون اليوم بزمام الأمور ويجلسون فوق الكراسي المريحة. وبما أن الضحية لم يكن يوما عضوا في الجماعة، فلا داعي للتحرك لأن الشعب يصلح للتجارة فقط في فترة الانتخابات.

“خليه يموت”هو ذلك الوجه البشع للبلد الذي نحاول إخفاءه بمساحيق التجميل. هو ذلك الوجه البشع الذي فضحته التكنولوجيا الحديثة. هو ذلك الوجه البشع الذي يكتشفه البعض بيننا للمرة الأولى. هو ذلك الوجه البشع الذي لم تعد تنفع معه مساحيق التجميل ويحتاج عملية حقيقية للتجميل.

رحم الله ضحايا ملعب تارودانت .. ورحمنا معهم جميعاً.

مقالات ذات صلة

‫8 تعليقات

  1. دولة الوقواق دولة شمولية تبنى على السمع والطاعة شعبها المسحوق يفكر فقط في الكاميلة وأن تحقق وسائل المواصلات لفرح سنوات طوال وأن وجد راميد فرح فرحة العروس وأن وجد سكن ستأتيه السكتة القلبية ولن يجد لا كفن ولا قبر يحتضنه لأن أراضي دولة وثرواتها قسمت في سنة 1960

  2. لو انك فقدت أخاك او والدك أو أحدا من المقربين لديك، لا أظن أنك ستقول نفس الكلام. حادث عرضي ! ما هذا يا هذا

  3. تيقنا أن المواطن البسيط لايحس بآلامه إلا إخوانه البسطاء أبناء الشعب النبلاء والدليل على ذلك استمرار القناة الأولى في بث السهرة الغنائية غير مبالية بواقعة دوار تارودانت وضحاياه…صار من الضروري اليوم المطالبة بإحداث قنوات حرة بالمغرب تتابع مشاكل الشعب وتتحدث بلسانه فقنوات السهرات الغنائية والمسلسلات التركية لاتحس بنا ولا تعرف بهمومنا نحن في واد وهي في واد.

  4. الانتقاد والتحقيق واجب . ولكن الفيضانات تقع في كل مكان . مع الاسف كانوا في الزمان والوقت الغير مناسب . الله يرحمهم وهادي هي الدنيا والحوادث بدون تسييس الامور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى