من يتوقع فشل ” الاسلاميين ” في انتخابات 2021؟

ع اللطيف بركة : هبة بريس

هناك مثل يقول ” تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ” مقولة تسود في مجتمعاتنا تحمل دلالات عميقة خصوصا بعد رياح الربيع الديمقراطي الذي إجتاح عدد من البلدان العربية والمغاربية، وكان ما كان من تغييرات، ولعلى الوافد الجديد بعدها سار في اتجاه سيطرة الإسلاميين على الحكم عبر الانتخابات، وازداد حضورهم بالرغم من ” الجبهات” داخلية او خارجية، لكن الصفوف كانت متراصة تنظيميا، فتجاوز هؤلاء كل الصعاب وبقو متشبتين بالحكم من خلال شرعية صناديق الاقتراع.

وبالرغم ما يسود اليوم من أحكام أغلبها يتداول في العالم الافتراضي، من أن الاسلاميين قد فشلوا في تجربتهم، وعليهم التنحي وفتح الطريق لغيرهم، رغم قصر مدة حكمهم، أو عدم اكتمال تجربتهم أصلا، واخترع لإثبات ذلك “نظرية” جديدة هي شرعية الشارع لا شرعية الصندوق.

ولعل الاستحقاقات الماضية، زادت اليقين إن تجربة الإسلاميين في الحكم لم تنتهي بعد بالمعنى الحقيقي، وإذا كانت مدة حكمهم لم تتجاوز عقد من الزمن، كغيرهم من اليساريين الذين أخذوا عقودا من الزمن في الحكم قبل أن يُحكم على تجاربهم، ومازال بعضهم ” يتوسل” المنتخبين لاعادته الى الحكم مما زاد من إصرار المواطنين على دفن التجارب السابقة لأنها لم تعطي سوى الاخفاقات بسبب ” الطمع” في الكراسي عوض بناء مشروع مجتمعي محصن من كل الرجات التي تقع كل حين.

فتجربة الاسلاميين في بالمغرب، بعد إدماج المعتدلين منهم في النظام السياسي عبر مشاركة مقننة لتوفير الشرعية السياسية لهم ، بعد أن تمت هندسة حملة دولية وإقليمية لمحاربة المتطرفين، كان المشروع الامريكي ” مسموما” بعد أن اتبتث التجارب الان أن عدد من البلدان المغاربية لم تعد شعوبها او نخبها قادرة على خلق ” مشروع” متوافق بشأنه، مما جعل ” العسكر” يعود من أجل السيطرة من جديد على أي شرعية ممكن أن تفرزها انتخابات ديمقراطية.

من يريد فشل الاسلاميين؟؟؟

المتتبع للشأن السياسي المغربي ، قد يرتبك أحيانا في خلق تصور للقادم من الايام ، حول استمرار تجربة الاسلاميين من عدمها ، لكن التوغل ودراسة الواقع من كل جوانبه قد يمكنه من انتزاع حكم على أن الاسلاميين مستمرون في بناء مشروعهم او الحفاظ عليه في كل مرحلة ” تهديد ” وهذا لا يعني إطلاقاً أن الإسلاميين لم يخطئوا في فترة حكمهم القصيرة المدى، فقد أخطؤوا وأصابوا كما هو شأن غيرهم من القوى السياسية. ولكن اللافت أن أخطاء الإسلاميين تضخم عن عمد ويجري تحويلها في الآونة الأخيرة بشكل ممنهج إلى خطايا عظيمة، وتعمل جهات على شيطنتهم، وتجهر بالدعوة لاستئصالهم.

فالاشكال في عمقه ليس حكم الاسلاميين من عدمه، بل أن الوضع يتجاوز ذلك، لأن المواطن المغربي لم يعد بإستطاعته التفكير في أي مشروع يريد، بل أن تفكيره مقتصرا على حاجاته اليومية وملامسته لاصلاحات في محيطه الجغرافي أكثر من اصلاحات دستورية تهم مستقبل الاجيال القادمة.

فمن يريد فشل الاسلامييين بالمغرب، فهو يغرد خارج السرب، فتواجدهم كان عبر عقود من الزمن وعبر موجة اديولوجيات انبعتث من دول الشرق والخليج، وهبت عن المعمور، أما ” الواهمون” فهم قد يكونون أفراد وجماعات ينتظرون ” المهدي” لا مشروع لهم، بل قد تجدهم فاشلين حتى في اقناع أنفسهم.

– لماذا انتخب المغاربة الإسلاميين؟

جوبهت الظاهرة الإسلامية منذ نشأتها من الداخل والخارج بوسائل عديدة، واشتدت وتيرة استهدافها بعد وراثتها للتيارات السياسية التي سبقتها، وتسيدها للفضاء الثقافي في المنطقة بأسرها.

وفي محاولة لمواجهتها فقد نحت الغرب مصطلح “الإسلام السياسي” لعزل عناصر الظاهرة وروادها عن فضائهما الشعبي والثقافي. واستخدم تكتيك التفرقة بذكاء بارع لتفتيت الظاهرة إلى معتدلين ومتطرفين وتقليديين.

وجرى إدماج المعتدلين صورياً في النظام السياس عبر مشاركة مقننة في انتخابات 2003 لتوفير الشرعية السياسية للأخيرة، وتمت هندسة حملة لمحاربة المتطرفين منهم،
كما تم استخدامهم كفزاعة لتخويف الغرب من الإسلاميين، وفي نفس الوقت إجتهد الإعلام على شيطنتهم وتشويه مشروعهم الثقافي والسياسي لعزلهم عن قاعدتهم الشعبية.

وبرغم من السياسات التي انتهجتها الدولة للحد من انتشار الظاهرة الإسلامية، إلا أن الإسلاميين تقدموا بخطى واسعة واحتلوا الفضاء الثقافي بالمنطقة في نهاية المطاف، وعقب الربيع العربي اختارتهم الشعب لاعتلاء سدة الحكم لولايتين متتابعتين.

وفي تفسير سبب بقائهم وتجذرهم رغم قسوة الحملات التي واجهوها هو أن الاسلاميين المعتدلين، يقدمون تنازلات ولا يتجابهون مع النظام، بل أن هؤلاء أصبحوا أكثر طوعا من كل الاشكال السياسية التي سادت المغرب في السبعينيات والالفية.

بل أن مشروع هؤلاء الثقافي يتماهى مع هوية الشعب الذي أفلت مشروعه الحداثي مع اليساريين، فتدهور البنيات منها التعليم وتفشت الامية مما جعل فئات ” هشة” تحتفي بمشروعهم الثقافي والسياسي.

– هل فشل الإسلاميون في الحكم أم تم إفشالهم؟

رغم الترويج الواسع لمقولة فشل الإسلاميين في الحكم بالمغرب ، إلا أن مشكلة هذه الأطروحة أنها ضعيفة المصداقية من عدة وجوه.


أولا: لأن من يرددها هم خصوم الإسلاميين، وهي تأتي في إطار الصراع السياسي القائم بينهم وبين القوى الأخرى المناوئة لهم في فضاء المرحلة الانتقالية التي أعقبت الانتفاضات الثورية للربيع العربي.

بل يلاحظ أن اللهجة التي تتردد فيها الأطروحة توحي بأن المراد منها الإعلان أن مشروع الإسلاميين قد فشل، تمهيدا لطي صفحتهم بالكامل، وإزاحتهم من المشهد السياسي.

وثانيا: لأن تجربة الإسلاميين في الحكم لم تتوفر لها الشروط الموضوعية للنجاح أصلا، أكثر من ذلك، فقد تعرضوا وما يزالون لشبكة معقدة من الأفخاخ من قبل الدولة العميقة التي عمل دهاقنتها على إفشال تجربة الإسلاميين بالتنسيق مع كافة القوى السياسية المناهضة لهم في الداخل والخارج.

وثالثا: لأن الغرب بما له من تأثير طاغٍ على البيئة الإقليمية لم يكن جاداً بقبول الإسلاميين في الحكم، إنما قبل بهم مؤقتاً كمعطى فرضه الأمر الواقع، وما المرحلة السابقة سوى لحظة استيعاب لهم فقط، وبمثابة مصيدة لإفشالهم، من أجل إزاحتهم عن سدة الحكم بحجة الفشل.

أما الجانب الكبير في استمرار الاسلاميين في الحكم، هو أن كل الاحزاب الوطنية قد فشلت في استقطاب النخب والشباب، وأغلبها لم يعد له أي دور في المشهد، بل عبارة عن مقارات تحتضن اجتماعات ” صورية” فقط وبعيدة كل البعد عن المجتمع، ولعلى تدهور حالها دفع بالكثيرين للتساؤل حول تواجدها أصلا، كما أن تلك الاحزاب لازالت تتسلم أموال من الدولة دون قيامها بأي دور، وعلى أي مغربي اليوم بمدينته او قريته، أن يتفقد حال المقرات الحزبية ” المغلقة”، بل أن قيادات من تلك الاحزاب بدأو يظهرون في مواقع التواصل الاجتماعي ” افتراضيا” عوض الميدان والعمل ببرامج.

فمن يتوقعون فشل ” بيجيدي” هم واهمون ومغفلون، لأن كل التوقعات تقول أن الحزب الحاكم قد تقوى وكل هياكله مجندة، بل أن دهاء هؤلاء انكشف في صراعات القيادة ” العثماني وبنكيران” فقد أصبح الحزب برأسين، كل له مريدوه، وفي الانتخابات القادمة يجتمع الجميع لتجربة جديدة، لأن الحزب لازال محافظا على قواعده، رغم الرجات.

مقالات ذات صلة

‫10 تعليقات

  1. وماذا ربح الشعب المغربي من هؤلاء ( من تسمونهم اسلاميين و الاسلام بريء من أفعالهم براءة يوسف من دم الذئب) غير الزيادة و تردي الأوضاع الصحة و التعليم و التعاقد و التقاعد

  2. هذه دعاية وحملة انتخابية قبل الأوان لهؤلاء الذين افقروا المغرب وارجعوه إلى عصر الانحطاط
    لو كانت عندهم ذرة عزة نفس لقاموا بحل جماعتهم واراحونا من وجوههم البئيسة
    لكن لا حياة لمن تنادي

  3. الإسلاميون فقط تصدروا المشهد السياسي لكنهم ليسوا وحدهم من يحكم .لدينا حكومة مختلطة من مجموعة من الأحزاب إذن فمن نحاسب يجب إعادة النظر في منظومة الانتخابات يجب أن يحصل حزب واحد على الأغلبية المطلقة وإن اقتضى الحال حزبين على الأكثر كيف يعقل أن يدخل حزب ضعيف للحكومة ويحصل على رئاسة البرلمان كما هو الشأن بالنسبة للاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي

  4. هذه المداخلة هي فعلا تغريدة خارج السرب
    لان مضمونها هو في حد ذاته دعاية لحزب العدالة و التنمية الانتهازي ليتصدرمرة ثالثة المشهد السياسي

  5. إلى المدعو علي…………حقا كان المغرب من أرقى الدول المتقدمة بل من الدول الثمانية في العالم حتى تراجع كما تقول……..
    و سير توضا و نقي عقلك و حالتك…… هادو هما لي عتقوك و ما قدو لي سبقهوم يعالجو الملفات المعقدة حيث ما قدوش عليها باقي الاحزاب …و السياسة اصبحت علما ملموسا ماشي شعوذة كيضحكو بها على العقول الصغيرة و الجاهلة بحالك

  6. الملك هو من يحكم وخدام الدولة كما يسمون ، أما باقي الأحزاب فهي عبارة عن طعم من أجل الشعب لا أكثر، لا يستطيعون حتى تسيير حياتهم الشخصية .
    والحمد لله هناك ملك فوق كل ملوك الارض وسيأتي اليوم الذي سنسمع فيه : لمن الملك اليوم .

  7. أنهم المنافقون سيسجل التاريخ ان وقت حكمهم الناس احياء تمشي وينهشهم الدود . اين هذا الاسلام الذي يدعون ..

  8. ماكاين فرح لا في إسلاميين ولا غير إسلاميين،إلا أن الإسلاميين أشد ونفاقا وخزانهم الانتخابي قابل للاستغفال وهو الأغلبية المصوتة مع الأسف لأن الأغلبية الساحقة من المواطنين لا تصوت ومعها حق

  9. عن اي اسلاميين تتحدث، ظننا انهم سينصرون دين الله فاذا الدنيا اوخلاص، بل زاد العداء لدين الله في حقبتهم، ولم يحركوا ولو ساكنا لنصرته، زور وبهتان ان يسموا اسلاميين ،فالاسلامي هو من يريد تحكيم شرع الله وليس القوانين الشركية، رغم ذلك هم خير من جميع الاحزاب التي في الساحة والله المستعان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى