شواطئ البحر ….شتان بين هنا وهناك

محمد منفلوطي_هبة بريس

حتى لا نبخس الناس أشياءهم، هناك شواطئ ومدن أبهرت زوارها بنظافتها وكرم ساكنتها، ورونق جمال شوارعها وأزقتها الزاهية بأعمدة الإنارة العمومية، عمال نظافتها الأبطال الشرفاء يشتغلون ليل نهار، كلهم حزم وهمم وعزة نفس، رجال أمنها من البواسل المرابطين على الممرات والطرقات في عز موجة الحر ونكهة الصيف، تركوا عائلاتهم وصغارهم ومتعة العطلة معهم، واختاروا خدمتنا ليل نهار ساهرين على أمننا وسلامتنا، لمثل هؤلاء الشرفاء نقف وقفة احترام وتقدير.

هنا بمنطقة تطوان المضيق الفنيدق وبمختلف مدن الشمال، هنا الجمال يتغنى بألف معنى، ويرقص فرحا بقدوم الزوار من مختلف الديار، هنا شمال المغرب الزاهي يستهوي هواة السباحة والسياحة والغوص في أعماق المتوسط، وهناك شواطئ باتت نقمة على المسؤولين ووصمة عار على جبينهم، فتراهم يغضون الطرف عن معضلة الاحتلال العمومي وفوضى الباركينات وكراء المظلات وانتشار النفايات.

شتان بين هنا وهناك

هنا الرمال الذهبية ومياه المتوسط الزرقاء الصافية، هنا يتقاسم المواطنون المجالس لأخذ قسط من الراحة والاستجمام بمنظر المشاهد الخلابة حيث اختلط الجبل والرمال والغابة، مكونين معا لوحة فنية تستهوي عشاق البحر ونسيمه، هنا بشواطئ المضيق الخلابة، تغيب تلك المظاهر المشينة التي تعود الجميع على سماعها من سب وشتم وعراك وكلام نابي، وانتشار للمخدرات ومظاهر العربدة والصراعات، هنا الهدوء والسكينة وحسن الخلق…تحية للرجال الأمن البواسل…

هنا بمعظم الشواطئ تنعدم عباراة “البلاصة عامرة سير قلب على وحدة أخرى…” ، التي تعودنا سماعها بمعظم شواطئ الأطلسي، من أفواه شباب بوجوه عبوسة وأجسام تحمل أوشاما مخيفة احتلوا الرمال احتلالا أمام أعين الجهات الوصية، وصاروا يفرضون نوعا من حظر التجوال والجلوس تحت ذريعة ان المكان مخصص لكراء المظلات.

هنا بمنطقة الشمال، تكاد تختفي تلك المشاهد المقززة لمصطافين وهم مكدسون كعلب السردين ناهيك عن بعض المظاهر المشينة لشباب غايتهم ليس الاستجمام بل التحرش بالفتيات الى جانب تعاطي المخدرات وخلق نوع من الفوضى والعراك المجاني.

هنا بمنطقة الشمال، شتان بين هنا وهناك، هنا تتجسد مظاهر التدبير الحديث في تسيير المرافق العامة، عمال نظافة وأعوان الانعاش الوطني مرابطون بدون كلل ولا ملل، يسهرون الليالي حفاظا على جمالية المكان، واخراجه في أبهى حلة لمرتفقيه، هنا تكاد تنتفي مظاهر السيبة في احتلال الملك العمومي، والعربات المجرورة بالدواب، ومشاهد الكلاب الضالة، هنا الانارة العمومية في أبهى حلتها….هنا دوريات الأمن المتواصلة تجوب الشوارع العامة…شتان بين هنا وهناك.

هناك، يكثر الهرج والمرج، وسوء التدبير والتسيير وتغليب المصالح الشخصية الضيقة على المصالح العامة، وبالتالي تطفو على السطح مظاهر البداوة والعصور والوسطى، وتكثر النفايات والازبال والعربات والدواب الضالة في الشوارع.

هنا، يحق للجميع أن يشكر القائمين على تدبير شؤون البلاد والعباد من هيئات منتخبة وفعاليات جمعوية واعلامية، وأمنية وغيرها، للانخراطهم الجدي والمسؤول.

ليبقى السؤال ذاته معلقا مفاده: ما السر في هذا التميز بين المنطقتين؟ وهل الأمر يتعلق بعقلية مواطنيها أم حكمة مسييرها؟ أم هما معا؟ نتمنى أن تتقاسم التجارب والخبرات فيما بين الطبقتين لتعم الفائدة، ويأخذ مدبرو الشأن العام العبر والدروس، ويلتحقوا بركب الحضارة لطمس مظاهر البداوة بمدنهم وجماعاتهم لتسجيل نقط لصالحهم، مع تغليب المصالح العامة على مصالحهم الشخصية تماشيا وخطاب عاهل البلاد في أكثر من محطة، لأن التاريخ لايرحم .

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. لاينبغي ان نرجع ظاهرة ما إلى الإنسان وحده، فهو ابن بيئته، والمقارنة السابقة بين مدن الشمال غيرها حتى في تواجد الأمن، فهناك توفر العدد الكافي من الأمن بينما بعض المدن الشاطئية اغلقت فيها مراكز الشرطة واحتل بدلها الفراشة، اذن المسؤول الجهات المعنية،
    نفس الشيئ بالنسبة للنظافة، فينبغي مقارنة عدد السكان ونسبة النمو بالمدينة، وعدد الساهرين على النظافة والميزانية للشركة المسؤولة، ولا ننسى مر اقبة الجهات الوصية على الصفقات ومدى تطبيق دفتر التحملات.
    هناك إضافة أخرى وهي نسبة الهجرة القروية تكون مختلفة بين مدينة وأخرى،
    هناك عامل حاسم وهي ان المسؤولين الكبار يرون في الاهتمام بالشمال اكثر بسبب قربه من أوربا. الخ…
    واكرر ان الانسان ابن بيئته،

  2. فعلا شواطئ الشمال وخاصة المضيق الى الفنيدق غاية في الجمال و الروعة تشرف وجه المغرب فتحية الى كل مكونات المدينه من سلطات مجتمع مدني فعاليات مواطنة ساكنة متحظرة رجال الامن الاشاوس عاملات وعمال النظافة .اقضي منذ 8سنوات عطلتي في مدينة المضيق لم اندم قط وهذه السنة قضيت 13 يوم ومازلت احن الى المزيد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى