خبير دستوري : الممارسة الحزبية ببلادنا تعيق التحول لنظام الملكية البرلمانية ‎

رضى لكبير - هبة بريس

يحتفل المغاربة يوم غد الثلاثاء بالذكرى العشرين لتربع الملك محمد السادس على كرسي العرش، خلال ظرفية عرفت تحقيق إنجازات كبرى لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد أو سودوي، انطلاقا من تطوير لشبكة الطرق السيارة وخطوط السكك الحديدية وبناية الموانئ واستقطاب المستثمرين من الخارج إلخ …، بينما لا تزال مطالب أخرى تراوح مكانها إلى حين تحقيقها ومن بينها فك العزلة عن القرى البعيدة والجبلية والتقليص من نسبة الفقر والبطالة والرفع من نسبة ”محو الأمية“.

وفي هذا الخصوص قال المستشار الملكي عبد اللطيف المنوني في حوار مع وكالة الأنباء الفرنسية أنه في عقدين من حكم الملك محمد السادس “تحققت عدة أشياء. وعلى صعيد الإصلاحات الديموقراطية أنجز الأهم، ما يزال مطلوبا ترسيخ هذه المنجزات”.مضيفا بالقول : “الدستور الجديد يتيح للأحزاب السياسية إمكانيات أكبر لتفرض نفسها مقارنة مع الماضي، لكن التطور المنتظر على هذا الصعيد لم يتحقق بعد في الواقع. ربما يلزمه وقت”.

وكشف المنوني في ذات التصريح أن نظام الحكم بالمغرب يسيير نحو ملكية برلمانية مع تجويد بعض المقتضيات التي يجب تجريدها، حيث قال “نحن على طريق ملكية برلمانية (…) لكن بطبيعة الحال ما تزال ثمة ربما بعض المقتضيات التي يلزم تجويدها”.

وعلاقة بالموضوع كشف رشيد لزرق خبير القانون الدستوري والشؤون البرلمانية بأن الإختيار الديمقراطي هو اتجاه نحو تكريس مؤسسات تمثل الإدارة الشعبية ، ويقصد به الانتقال بالتدرج عبر استثمار التراكمات و ثتبيث ثقافة ديمقراطية، والمغرب يعد نمودجا خرق القاعدة، حيث أن وعلى صعيد الدولة الإقليمية، عمل على جعل الخيار الديمقراطي خيارا لا رجعة فيه، و هذا المسار لم يكن وليد ما يسمي بالانتفاضات العربية، بل أن هذه الانتفاضات اظهرت مناعة التجربة .

واسترسل لزرق أن الخيار الديمقراطي أسس له عن طريق التفاهم والاتفاق بين الملك الراحل والمعارضة السياسية التي نجحت في إثبات وجودها خلال الفترة الماضية، وكان الدافع الرئيسي هو بناء تراكم ايجابي في الحياة السياسية و وسيلة لتجنب الانحدار نحو مواجهة حتمية مليئة بالمخاطر.

وأضاف ذات المتحدث على ”أن المغرب على خلاف باقي الدول العربية، الملكية فيه متعدد المشروعيات، منها التاريخي و الدينية و الديمقراطية و تعدد وظائفه كونه رئيسا للدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة. إضافة إلى أن الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة، ويمارس الملك هذه المهام، بمقتضى ظهائر، من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور“.

واسترسل لزرق أن هذا ما يجعل التجربة المغربية، وإن كانت تجسد التعددية الحزبية و عدم مشرعية الحزب الوحيد، على اعتبار أن طبيعة الديمغرافية المغربية لا تقبل هيمنة اتجاه بعينه وهنا لعب الطابع الديني للملكية، في دفعها العير مباشر نحو الديقراطية. غير أنه يضييف لزرق ولحدود الأن لم تترجم التعددية الحزبية الي تعددية سياسية بصراع البدائل عوض صراع الأفراد ، الذي يبقى من معوقات الاتجاه نحو الملكية البرلمانية”.

وأضاف ذات المتحدث أن المغرب اختار ترسيخ الديمقراطية، ”كخيار استراتيجي رغم التحديّات الاقتصادية والتنموية التي تعرفها البلاد ورغم التعقيدات التي يعرفها الوضع الإقليمي والدولي . وهو خيار لا تراجع عنه من أجل إقامة دولة ديمقراطية ترتكز على مؤسسات ديمقراطية وتحترم الحقوق وتضمن الحريات والمساواة لجميع المواطنين. وهو المسار الذي يجب أن يساير الجهود المبذولة للنهوض بالاقتصاد وتحقيق التنمية الشاملة والاستقرار الاجتماعي“.

واعتبر لزرق بأنه وجب الاعتراف، بكوننا قطعنا أشواطا كبرى خلال العشرين سنة في مسارها الديمقراطي وتمكّنها من تخطّي العديد من الصعوبات الداخلية والخارجية، معتبرا أن هذا الوضع يبنغي استثماره، و السير بكل ثقة نحو المستقبل، خصوصا وأن بلادنا باتت نموذجا بالمنطقة و في خانة الدول التي تتوفر لها كل شروط النجاح لبلوغ مصاف الدول الصاعد. و لعل هذا ما يعكس الاهتمام الكبير الذي وصل اليه بين الديمقراطيات الناشئة بالنظر لتجربة المتميّزة في المنطقة، و التزامه الطبقة السياسية بمواصلة مواكبة هذه التجربة من خلال دعم قدرات المؤسسات والمنظومة الحزبية في مجال الممارسة الديمقراطية خاصة في المرحلة المقبلة التي ستشهد فيها البلاد تنظيم انتخابات تشريعية و الجماعات الترابية .

وأشار لزرق إلى أن التراكم الذي حققه المغرب تم التنصيص عليه في التعاقد الدستوري ، و اطره خطاب 9 مارس، لمرتكزات دستور 2011 وفق سبعة مرتكزات حددها الملك في خطاب تاريخي أسس لتحول الممارسة المغربية في المبنى و المعنى، عبر تعيين رئيس الحكومة على اساس نتائج انتخابات مجلس النواب.

وأوضح لزرق أنه وضمن هذا السياق كان ضروريا أن يواكب النصوص الدستورية تغير في العقليات الحزبية من خلال منظومة حزبية تتصارع وفق البرامج الحزبية و مشاريع تكرس لبدائل تقوية المنافسية الحزبية، و تعمل على تطوير أسالِيبِهَا التأطيرية بُغْيَةَ تكريس الاختيار الديمقراطي الذي لا رجعة فيه، وفق ضمانة المؤسسة الملكية باعتبارها حكماً أسمى بين المؤسسات و ضامنا للتأويل الديمقراطي لأحكام الدستور. لكن واقع الحالي يشير إلى أن الممارسة الحزبية، لازالت تعاني بأعطابها عن مجارات المكسب الدستوري و استعاب دلالاته، من خلال ترجمة الادارة الشعبية بشكل عقلاني.

ما رأيك؟
المجموع 7 آراء
0

هل أعجبك الموضوع !

+ = Verify Human or Spambot ?

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. راه عيينا من التقارير و الدراسات والتحاليل والتجارب وووو. وبزاف مضيعة الوقت و المال ديال لبلاد .بغينا نزلو لارض الواقع منبقاوش نتكلمو من الابراج .الحلول واضحة .المسؤولية مع المحاسبة الى كنتو تبغيو بلادكم واوالد بلادكم.الامن والقضاء.ولا هوادة. والخوف من الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
close button
إغلاق