بعد قضية “بوعشرين” أما آن الأوان لإخراج قاضي التواصل لحيز الوجود؟ ‎

رغم مضي حقبة من الزمن على خروج ميثاق إصلاح منظومة العدالة لحيز الوجود , وتنزيل البعد الحقيقي من إستقلالية النيابة العامة عن الوزارة , وتولي هرم من أهرامات القضاء الواقف على رأسها ” عبد النباوي ” , وتولي وزير للعدل قادم من أغوار الصحافة والعمل الحقوقي ” محمد أوجار ” ورغم ماحظي موضوع إصلاح القضاء من أهمية بالغة سواء لدى ملك البلاد أو الشعب قاطبة ليكتسي ثقافة قضائية جديدة تستوعب كل القيم وتعطي للأحكام الفاصلة في النزاعات المعروضة على المحاكم أبعادها المستمدة من مصدرين أساسيين : الإطار الدستوري والإرادة الملكية لتعزيز ضمانات إستقلال القضاء وتحديث المنظومة القانونية , وتأهيل الهياكل القضائية والبشرية والرفع من النجاعة القضائية وترسيخ التخليق , فإن الجانب التواصلي الإعلامي لازال لحدالساعة غائبا , وغير متداول بالشكل الذي تم تصوره إبان مناقشته بأشغال الهيئة الوطنية العليا لإصلاح القضاء, عدا مايصدره الوكلاء من بلاغات ,لاتشفي الغليل إن لم نقل تثير المزيد من التساؤلات , سيما في الشق المتعلق بانتداب قاضي التواصل لدى المحاكم المغربية , وتفعيل ما يتعلق بالأجواء الصحية لعمل الصحافي أثناء متابعته وتغطيته للقضايا المعروضة , فقد سبق للوزير السابق في العدل والحريات مصطفى الرميد , أن تعهد بإصدار مذكرة تراعي فيها مهام الصحافيين وتسهيل الحصول على المعلومة , بل وتهييئ مكان جلوسهم بقاعة المحاكمات وراء الأماكن المخصصة للمحامين بعد وضعهم لشارة تميزهم عن باقي العموم , غير أن شيئا من ذلك لم يطبق لحد الساعة .

مناسبة هذا التذكير , وماجرنا إليه , هو السجال الدائر على أشده منذ إعتقال الصحافي توفيق بوعشرين , والتناقضات الصارخة في التعليق والمصطلحات المستعملة بين الإعتقال والتوقيف والحراسة النظرية وتحليل طريقة التوقيف وتمديد مدة الحراسة النظرية , وإستدعاءات الشرطة لعدد آخر للإستماع إليهم بصدد القضية , وسرد وقائع الشكايات , ومعرفة مكامن التحفظ من عدمها , والهمز واللمز ضد النيابة العامة تارة , وتارة أخرى ضد التوجه العام لحقوق الإنسان بالمغرب , حيث إتضح الآن جليا أهمية تفعيل قاضي التواصل بغية توحيد مصدر المعلومة , وتبسيط سبل بحث الزملاء الصحافيين عن الخبر لصياغته بشكل لايضيع على الرأي العام النبأ اليقين , ولاتشتت الأفكارلتفتح أبواب التأويلات السلبية .

ولايمكن هنا , أن نغض الطرف عن تجربة محكمة النقض في هذا الإتجاه , حيث كانت سباقة لتكريس دور مؤسسة قاضي التواصل بعد ان عينت كلا من القاضيين الخضراوي وإيمان المالكي , حيث وجد فيهما الإعلاميون النافذة اليتيمة الوحيدة للتفاعل ليس مع القضايا المعروضة فحسب , بل حتى على مستوى الانشطة الهامة التي تبرمجها محكمة النقض سواء منها الوطنية أو الدولية.

وبناءا عليه , أصبحت الحاجة ملحة اليوم قبل الغد لتنزيل آلية قضاة التواصل عبر دوائر محاكم الإستئناف على الاقل للحد من نزيف الأغلاط الصحافية وردود الفعل السلبية للرأي العام اتجاه ماينشر , والتي تستغلها الجهات المعادية للوحدة المغربية لتثمين تقاريرها الدولية التي تصنف المغرب في ذيل القوائم في مجال حقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى