سطات تستقبل جثامين ضحايا القصف الجوي لطائرات حفتر

محمد منفلوطي_هبة بريس

هنا بجماعة بني يكرين غير بعيد عن عاصمة الشاوية، وعلى طول الطريق التي تربط مدينة سطات ومنطقة البروج، مرورا بمركز قيصر، هناك تمتد مجموعة من الدواوير يمينا على شكل تجمعات سكنية في اتجاه ضريح بويا ازويتنة، منطقة فلاحية بامتياز مواطنوها من البسطاء الكرماء من ذوي عزة النفس والتطلع إلى غد أفضل لتحسين ظروفهم المعيشية، غالبيتهم يمتهنون الفلاحة والزراعة البورية وحتى السقوية منها وخاصة زراعة الجزر والنعناع، شبابها يملؤهم شغف المغامرة وقصد الوجهة الأخرى من المتوسط لتحقيق أحلامهم وآمالهم، خدمة لوطنهم ولقبيلتهم وأسرهم وذويهم.

أصل الحكاية هنا، هي قصة ثلاثة شبان ترعرعوا وشبوا وعشقوا تربة الأرض ونسيم جوها العليل الذي يغطي المنطقة مع كل مساء، ثلاثة شبان كانوا حتى الأمس القريب من بين تلامذتنا الأعزاء الذين بادلونا المحبة وبادلناهم الشأن ذاته، كانوا ضمن مجموعة من تلاميذ آخرين من أقرناهم ، منهم من ظل ملتصقا بمقاعد المدرسة تعلما وبحثا عن تطوير كفاءاته العلمية ومواصلة مشواره التعليم حتى الجامعي منه، ومنهم من اختار سبيل مساعدة الأب في مجاله الفلاحي اختيارا لا محيد عنه، ومنهم قرر مغادرة البلاد إلى الضفة الأخرى من الديار الاوروبية بحثا عن لقمة العيش.

إنها قصة ثلاثة شبان تحولت أسماؤهم وصورهم إلى مادة دسمة للنقاش وتبادل التعازي والمواساة من قبل شباب غيورين عن منطقهم الذين أسسوا صفحات فايسبوكية للتعريف بالمنطقة ومناقشة مشاكلها، ليتحول خبر اختفاء الفتية الثلاثة إلى عناوين بارزة يؤثت المشهد على منصات التواصل الاجتماعي قبل أن يتأكد نبأ وفاتهم بقصف جويّ لطائرات لقوات حفتر لمركز الهجرة غير النظامية بليبيا لم يذر ولم يبق لهم أملا في الحياة من جديد، لتعود جثامينهم إلى أرضهم وأرض أجدادهم في صناديق خشبية ليدفنوا هناك اتباعا بمقابر جماعة بني يكرين وسط حشود من المواطنين.

إنهم ضحايا لقمة العيش، من الشباب الذي هاجروا بحثا عنها بالضفة الأخرى، شباب تركوا بصمات قوية بنكهة الحزن والأسى والألم في نفوس شباب المنطقة ورجالاتها، الذين سارعوا إلى استقبال ونقل نعوشهم على أكتافهم بعد ترحيلها من هناك بعد مشاورات ماراطونية قادتها القنصلية العامة للمملكة المغربية بتونس بتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، عبر ثلاث لاسيما وأن القصف الجوي ذاته أسفر عن وقوع ضحايا مغاربة آخرين ينحدرون من مدن أخرى.

هناك بمحيط مطار محمد الخامس الدولي بالبيضاء، اصطفت حشود المواسين والمعزين وهم ينتظرون عودة ضحايا القصف الذي طال مركز الهجرة غير النظامية بليبيا من قبل طائرات حفتر، لينقلوا على متن سيارات نقل الأموات، إلى مسقط رؤوسهم بجماعة بني يكرين ويتعلق الأمر بجثمان الشاب”ر، م” و جثمان “س، ح” والضحية الثالث “م، ج”، وهو متزوج له ابن، لتطوى بذلك مسيرتهم التي رسموها سلفا لتحسين ظروفهم المعيشية على غرار باقي شباب بني جلدتهم من مختلف المناطق المحيطة بهم كمنطقة كيسر وبني مسكين وكيسر وأولاد سيدي بن داود وقلعة السراغنة والفقيه بن صالح وغيرها…بدورنا نتقدم بأحر التعازي والمواساة لأسر واقارب الضحايا ولشباب المنطقة وساكنتها الشرفاء

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى