تحليل شخصية حسن أوريد في كتابه “رَواء مكة”

رَواء مكة أم خيانة مكة؟ (الجزء الأول)

قبل تقديم تحليل كتاب “رَواء مكة” في جزئه الأول، يجب أن أوضح أنه لا يمكنني بأي حال من الأحوال تحليل شخصية الكاتب الذي أحترمه بشدة ولديَّ ذكريات رائعة عندما كان والي مكناس وكل جهوده في مشاريع ضخمة لتجميل هذه المدينة وإيلاء المزيد من الاهتمام للآثار التاريخية والمساحات الخضراء. كما يؤسفني رحيله من مكناس لأن كل هذه المشاريع توقفت وعادت المدينة على ما كانت عليه من قبل.
أقوم بتحليل الكاتب داخل “رَواء مكة” لأن الكاتب يستخدم خياله الذي لا يعبر على حقيقة شخصية الكاتب بالضبط. لكن عن طريق الكتابة، يخون اللاوعي الكاتب ويسمح بالتسلل بين السطور بعض الحقائق اللاواعية وهذا هو ما يهمني وهذا ما يقفز في عيني كمحلل نفسي عندما أقرأ أي كتابة كانت.
من الواضح أن كل ما أقوم بتحليله هو افتراضي ولا يمكن أن يُؤخذ بأي شكل من الأشكال كحقيقة وواقع.

1- مكة رمز الأنوثة المخيالية

لاحظت في الكتاب غيابًا كبيرًا لتمثيلات ذكورية ووجود قصة العديد من النساء والقليل جدا بخصوص الأم.
تمثل مكة أم البشرية جمعاء والتي يتجه إليها الجميع ويحاولون الاقتراب منها للشعور بالبركة والعاطفة والطمأنينة.
قام الكاتب بهذه الرحلة بدون مرافقته بتمثيل أنثوي مهم في حياة أي رجل “الأم”. بالضبط أراد الكاتب أن يكون وحيدا للقاء وجها لوجه مع أقوى تمثيل أنثوي “مكة” من أجل المصالحة ربما مع نفسه في علاقته مع التمثيلات الأنثوية والأمومية؟

2- مكة رمز النزاع مع التمثيل الأبوي الذكوري

في التاريخ أو الماضي الذي نُشر في الكتاب لم يكن للأب مكان يذكر بشكل قوي. أثناء زيارته لمكة يكتشف الكاتب العديد من الرجال ويصفهم بالطيبين والعطوفين. ألا يحاول الكاتب أن يتصالح مع غياب التمثيلات الذكورية والأبوية في حياته؟
علاوة على ذلك هل يحاول الكاتب تجديد علاقة وثيقة من زيارته لمكة مع الرجل النبي الذي مجد مكة؟ هل الأب لم يمجد الأم؟ هل أبويه كانا بعيدين، احدهما حاضر والآخر غائب؟
من خلال تجاربه مع الرجال في رحلته كان الكاتب وكأنه يتصالح مع التمثيلات الذكورية ولكن دون نجاح، لأن النبي تمثيل للأب كان غائبا ولم يعد هناك. ولكن على عكس هذا فإن تمثيل الأنوثة والأمومة “مكة” حاضرة دائمًا ويأتي جميع أبنائها من كل جهات العالم لزيارتها. أليست هذه الرحلة بحثًا عن المصالحة مع تمثيل الأم أكثر من المصالحة مع الشكل الذكوري؟

3- مكة رمز الماضي

في الصفحة 17 يحاول الكاتب أن يتصالح مع ماضيه لأنه بزيارة مكة يجد نفسه يواجه ماضيه الذي حاول الهرب منه. ليس من خلال زيارة مكة أن كل الماضي سوف يتلاشى ويندثر والكاتب يدرك ذلك جيدًا. لكن الرحلة إلى مكة ليست سوى رحلة إلى ماضيه وتاريخه. إنه جهد كبير للتوقف والعودة إلى الماضي للتصالح معه، أما المصالحة مع الإسلام (صفحة 17) هي مجرد بحث عن المصالحة مع الماضي.

4- مكة حل لخيبة الأمل وللشعور بالذنب

لقاء مكة رمز الأنوثة والأمومة والماضي، هو البحث عن عفو الماضي ولكن أيضا عن مغفرة الذات لذاته. لماذا؟
يدرك الكاتب جيدًا أن الرحلة نفسها لا يمكن أن تمحو الماضي، ولكن يبحث بشكل جبار لكي يعفو عنه الماضي وتعفو عنه التمثيلات الرئيسية في حياته. وأيضا يُجبر نفسه لتقبل ذاته كما هو، من أجل الحصول على المصالحة ليس مع الإسلام ولكن مع ما كان عليه قبل وأثناء لقاء مكة.

5- مكة والمسجد وحواء

يرمز المسجد إلى رحم الأنثى الذي يحضن الجنين (المؤمنون) في حضنه وبمجرد تغذيته وتكوينه جيدًا، فإنه يلقي به إلى الخارج. لقد دخل الكاتب في صراع مع المسجد تمثيلا لرحم الأنثى الذي أنجب قبل اتمام التكوين بشكل كافٍ، مريضا نفسياً وغير قادر على أن يكون مستقلاً عقليا. كان المسجد فارغًا لاقيا بأخيه الى الخارج وضاعت حياته (صفحة 20). ألا يتعارض الكاتب مع الأم التي أنجبت أخًا مريضًا؟
مكة رمز الأنوثة (على عكس المسجد رمز الرحم) لا تسمح لأي من أبنائها بالدخول الى رحمها ولم تلد أحدا منهم. ونجد من المفارقات أن كل زائر يبحث عنها ويحاول الاقتراب منها ولمسها بيديه وجسده وتقبيلها على أمل أن تمنحه حبها ورضاها وتسمح له بولادة جديدة.
إذا قام الكاتب بهذه الرحلة إلى مكة لأنها في التاريخ هي التي أنجبت المسجد رمز تمثيل الرحم الذي بدوره يولد الإنسان خمس مرات في اليوم.
مكة رمز لِ حواء، المرأة التي أنجبت جميع النساء. إذن جاء الكاتب للقاء أم كل الأمهات للتصالح مع تمثيلات الأنثى والأمومة في آن واحد.

6- مكة والأخ المريض

الماضي مؤلم ومشحون بالإحساس بالذنب. لماذا أنقذتني هذه الأم من المرض وليس أخي؟ غضب شديد مستحيل التعبير عنه. الأخ تائه ويتيه ويختفي. هل يهرب من الأم أو من المسجد أو كلاهما، أم طُرد من داخل الرحم إلى الخارج بدون حماية وتتخلى عنه تمثيلات الرحم (المسجد والأم)؟
الألم والصراع مع التمثيلات الأنثوية والأمومية بما في ذلك الإسلام والإله؟ ظلم هذا! لماذا هو الذي وُلدَ بالمرض النفسي الخطير وليس أنا؟ يتساءل ربما الكاتب دون أي إجابة. هل مثل الأخ، يهرب الكاتب هو الآخر من الماضي و من التمثيلات الأنثوية والدينية؟
هل الذهاب إلى مكة هو البحث عن الهارب، الأخ الذي كان يمكن أن يكون في محل الكاتب، الذهاب إلى لقاء أم الأمهات لكي تهديه ولادة جديدة؟
ربما كانت هذه الرحلة فقط متخفية بواجب ديني وكان الدافع عن وعي أم لا، هو فقط خداع أم الأمهات كما خُدع في الماضي من التمثيلات الأنوثوية؟ هل هي مصالحة أم انتقام مُقنَّع بالخيانة؟

الدكتور جواد مبروكي، خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. هل لابد ان بكون كل طبيب نفسي مريضا نفسيا، لان صاحبنا يعاني انفصاما وهوسا عضالا، بل وجنونا حادا، فهو يجرح في كل ما له ارتباط بالاسلام، في كل مناسبة وغير مناسبة بطريقة اشبه بالقصص العرجاء التي لا ترقى للقصة، فما بالك بالتحليل النفسي او النقاش العلميي. أستغرب بمجرد كتاباته كيف له ان أصبح طبيبا نفسيا، فاتذكر انه لا شيء من هذا يصعب على اصحاب المال في البلدان المتخلفة، حتى ان سلوكه في الكتابة يدل على انه مصاب بسواس قهري, وهذا التفكير الغبي ليس غريبا على شخص يصدق خرافات البهائية.
    لكن المشكل الكبير ان هبة بريس بدات تفقد مصداقيتها، واصبحت تمرر خطابات بعض المهرطقين. الا يكفيهم كثرة الجرائد الالحادية الممولة من الداخل والخارج التي تفرح بمقالاتهم العفنة؟ ام ان كل من يضع رجليه في بركة الصحافة، ينجر الى مستنقع السياسة والتضليل.
    احذروا مما تنشرونه ان كنتم حقا مسلمين، فالكثير ينجر وراء ضلالتهم والكل مسؤول غدا .

  2. صدق جون جلك روسو حين قال ” كل مربي محتاج للتربية ” أنت تصرح بأنك محلل نفسي وتسرد علينا هذه الخرافات التي لا ترويها حتى عجائز مئة سنة ، والله عندما أقرأ أو أستمع لمثل هؤلاء أصاب بخيبة أمل كبيرة وأتألم لحال بلادي التي ذهب منها الرجال وبقي أشباههم . كما يحز في نفسي حال صحافتنا اليتيمة التي لا تجد ما تملأ به البياض سوى الخرافات وهي تعلم أنها تساهم في ضياع المتلقي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى