حكومة العثماني و محنة الاصلاح

د. رشيد لزرق

حكومة العثماني هي نتاج وضع سياسي مرتبك، يسودها التردد والتملص من المسؤولية السياسية، اتخذت من إسقاط الفساد شعارا انتخابيا، بدون إرادة جادة لتفعيله، من خلال طرح وزير فاشل ليست له المؤهلات الذاتية ولا الموضوعية القادرة على تنزيل خطط واقعية لمقاومة الفساد، الذي لا معنى له خارج إعادة تطبيق القانون.

فمطلب الاصلاح لا يكون بالنوايا، بل يمر لزوما من خلال إصلاح الإدارة العمومية كوسيلة لا غنى عنها لتأهيل مرافق الدولة على كل مستويات الادارة العمومية، وذلك من خلال إرساء أسس إدارة حديثة وفعالة ومسؤولة ومواطنة ونزيهة وقريبة من المواطن.

كما أن تطبيق التنزيل الفعلي لميثاق اللاتمركز الإداري، من أجل مواكبة ورش الجهوية المتقدمة الذي انخرط فيه المغرب، بات خيارا لا رجعة فيه، لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة التي تنشدها المملكة. وهو خيار يتطلب إرادة سياسية قوية من قِبَل المسؤولين في الحكومة المركزية، الذين يتعيّن عليهم أن يتخلّوا طوعاً عن بعض سلطاتهم، وأن يؤكدوا التزامهم بالحكامة التشاركية على المستوى الترابي.

وهذا يستدعي كذلك من المسؤولين المحليين، تشييد صرح الثقة مع قواعدهم الشعبية التي تقع على عاتقهم، وذلك بتوفير الفرص لانخراط المواطنين، ومنع إعادة إنتاج المؤسسات غير الفعّالة على المستوى المحلي.

سبب الارتباك في صياغة ميثاق اللاتمركز الإداري، ليس سوى الوزير المنتدب في الإدارة العمومية لتحل محله وزارة الداخلية؛ كما أن هذا الفشل لم يبق عند حدود صياغة الميثاق، بل تعداه إلى فشل كذلك في مقاربة التطلعات الشعبية، من خلال إحاطة المواطنين علماً بحيثيات انتقال الصلاحيات الإدارية والمالية. في إطار تنزيل حق الاطلاع على المعلومة كمكسب دستوري، يمكن من إتاحة فرص الحكامة ولتنزيل المقاربة التشاركية خارج الأطر المنصوص عليها في القانون، مثل إنشاء مجالس مواطنين أو إجراء استطلاعات دورية لمعرفة مواقفهم حيال السياسة العامة.. والتفاعل مع المجتمع المدني لتشجيع وترسيخ ثقافة الديمقراطية التشاركية، من خلال إطلاق حملة توعية في صفوف الرأي العام حول اللامركزية. هذا علاوة على أن حق الاطلاع على المعلومة هو في وسعه أن يساعد على وضع آليات الحكومة التشاركية في متناول المواطنين، وبلورة آليات لاستطلاع آرائهم وتفضيلاتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى