قراءة في مستقبل علاقة المغرب ببعض دول أمريكا اللاتينية التي عين سفرائها من قنصليات إسبانيا‎

يسير الإيحيائي _ مكتب مدريد

لا شك أن التعيينات الأخيرة في صفوف القناصلة العامون بأسبانيا والتي بموجبها تمت ترقيتهم من منصب “قنصل عام ” إلى”سفير” باقتراح من الحكومة (وزارة الخارحية والتعاون الدولي) وتعيين من عاهل البلاد صاحب الجلالة محمد السادس حسب ما ينص عليه دستور المملكة المغربية،(التعيينات الأخيرة) بصمت على مسار مهني حافل بالإنجازات وخلفت ردود أفعال متباينة لدى شريحة مهمة من أبناء الوطن في الجارة الشمالية.

وحيث أن البعثات القنصلية بإسبانيا نالت حصة الأسد فيما يتعلق بتعيين السفراء الجدد (3 سفراء) بدول أمريكا اللاتينية(الأرجنتين،البيرو،المكسيك) والذين لا زالوا يمارسون مهامهم حتى هذه اللحظة كقناصلة عامون في كل من (برشلونة،مدريد،الجزيرة الخضراء) ،فلا بأس من باب الأمانة فقط أن نسلط الضوء الكاشف من زاوية إعلامية محاولين تقييم فترة هؤلاء بسلبياتها وإيجابياتها ومدى إستجابتهم للخطابات الملكية السامية وتطلعات الجالية بعد حقبة تعتبر من الماضي الأليم الذي لا ينسى لدى الجيلين الأول والثاني.
القنصلية العامة ببرشلونة وعلى رأسها السيد ( ياسر فارس).

من أقدم القنصليات على مستوى “كاتالونيا” وأسوءها على مستوى البنيات التحتية، سميت بالعلبة السوداء لعلاقاتها المتذبذبة مع وسائل الإعلام ، وتميزت بكثرة الإحتجاجات في عهد القنصلين( غلام،فارس) بسبب الدونية وسوء الخدمات ما جعل أنظار وزارة الخارجية تتجه إليها في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه خاصة بعد توالي المظاهرات الإحتجاجية المطالبة بالإصلاح، لا بل توالت في عهد القنصل الجديد ( ياسر فارس) الذي أعابت عليه عدة فعاليات جمعوية الإنحياز إلى فئة دون أخرى الشيئ الذي أجج الوضع من جديد وأسال أقلام وسائل الإعلام الوطنية والإسبانية التي إستهدفت ذات القنصلية إبان ما سمي “أسبوع الغضب”في فبراير 2015 ،ولم تقف الإتهامات عند هذا الحد بل تجاوزتها إلى حملة” إسقاط الفساد والمفسدين” _ حسب المنشورات التي وزعت على أفراد الجالية المغربية هناك _.

ومع إنتهاء (4 سنوات) حيث كانت جالية برشلونة تنتظر بفارغ الصبر تعيين قنصل آخر يعوض السيد ( ياسر فارس) ويعيد للمهاجر كرامته، كان لوزارة الخارحية رأي آخر أبقت خلاله على نفس المسؤول لأسباب لا تعلمها الا هي وقامت بتمديد مدته سنة أخرى لينتهي المشوار بتعيينه سفيرا للمغرب في دولة الأرجنتين.
هذا التعيين الذي خلق جدلا واسعا في أوساط المهاجرين المغاربة ببرشلونة خاصة الجمعيات دفعهم الى التساؤل بصيغة الإستغراب عن القيمة المضافة التي يمكن أن يضيفها القنصل العام المعني وهو على هرم الديبلوماسية المغربية في الأرجنتين بعد عجزه لأزيد من خمس سنوات في التواصل مع الجمعيات والوقوف على مسافة واحدة من الجميع،خاصة إذا علمنا أن نشاطاته القنصلية جد محدودة إن لم نقل منعدمة إلا إذا تعلق الأمر بالأعياد الوطنية ذات الطابع الرسمي كعيد العرش المجيد والمسيرة الخضراء…،أما ما دون ذلك يعتقد أن الرجل “يستعين على قضاء الحوائج بالسر والكتمان”،وهذا طبعا من حقه الطبيعي تفاديا لضربات وإنتقاذات جديدة طالته منذ تعيينه إلى غاية اليوم.
يشهد التاريخ والوقائع أن العلاقات المغربية_ الأرجنتينية كانت ولا تزال محط إشادة من مسؤولي كلا البلدين سواء تعلق الأمر بموقف الإيجابي الثابت للأخيرة من قضية وحدتنا الترابية أو على مستوى العلاقات الإقتصادية والتباذل التجاري.

فإن كانت العلاقات الآنية لا تحتاج إلى كثير من الجهد كونها متجدرة منذ القدم و مبنية على أسس متينة سيما وأن دولة الأرحنتين كانت من بين الأوائل الذين إعترفوا باستقلال المغرب فهذا لا يعني أن” الوافد الجديد” من حقه أن يسلك نفس النهج الذي نهجه في برشلونة لسببين رئيسيين لا ثالث لهما،الأول يكمن في أن عمل السفير ذو طابع ديبلوماسي وسياسي،وعمل القنصل يتعلق بكل ما هو إداري، هذا من جهة،أما من ناحية أخرى يجب أن نستحضر المثل الشعبي المصري السائد ( الرزق يحب الخفية) وأقصد ب “الخفية” “الخفة” وليس” الححب والإخفاء عن الأنظار”.

القنصلية العامة بمدريد وعلى رأسها السيد( أمين الشودري).

للحديث عن قنصلية مدريد ومن باب الإنصاف يجب أن نستحضر واحدا من أهم القناصلة الذين إشتغلوا بها حتى صيف 2016 ونخص بالذكر السيد “طارق اللوجري” الذي نصب سفيرا لصاحب الجلالة في “غواتيمالا” ،ذاك الرجل الذي نزل خبر إنتهاء مهامه من مدريد ممزوجا بالفرح والحزن،الفرح بالثقة المولوية ومشوار لا زال حافلا بالعطاء ( منصب سفير) ،الحزن لفقدان رجل قلما تراه في مكتبه الخاص حيث لا يهدأ له بال سوى بوجوده بين الموظفين في مختلف المصالح، يتنقل بين المكاتب باستمرار لمعالجة الحالات الشاذة التي لا يمكن أن يبث فيها الموظفون الصغار، وصف ب”رجل المرحلة” سيما وأن تلك الفترة كانت بمثابة الصرخة الأولى التي أطلقها مغاربة العالم ضد القنصليات خاصة في أوروبا لتليها بعد ذلك مباشرة حملة الإعفاءات وقطع الرؤوس.

عين السيد “أمين الشودري” قنصلا عاما على مدريد وضواحيها عوض “طارق اللوجري” في إطار إعادة الإنتشار قادما من قنصلية “فالينسيا”،إذ إنفتح على الفعاليات الجمعوية كسابقه،كما كان له الفضل الكبير في تسوية ملفات أسر مغربية بأكملها حين قامت شركة الكهرباء بقطع الربط عن منازلها بسبب مشاكل كانت تتعلق بالملكية،وذلك في إطار جهود فردية مع مسؤولين إسبان أسفرت عن تسوية كاملة لملفات بلغ عددها (80 حالة)،إضافة إلى ذلك نسق مجموعة من اللقاءات مع عمداء البلدات التابعة لنفوذه القنصلي في إطار زيارات المجاملات التي تقوم بها مختلف البعثات القنصلية المغربية لتوطيد علاقاتها مع كل المصالح الإسبانية وإعتماد وثائق إدارية جديدة تتماشى ومتطلبات تلك الإدارات(إستمرار الزوجية،ووثائق أخرى تتعلق بطلب الجنسية الإسبانية ….).

وكما هو معلوم عين السيد “أمين الشودري” سفيرا لصاحب الجلالة بدولة البيرو التي إعترفت بالجبهة الوهمية سنة 1984 وسحبت إعترافها سنة 1996،مما سيسهل مأمورية السفير الجديد سيما وأن العلاقات المغربية _ البيروفية توصف ب”الدافئة” ولا تبعث على القلق في ظل الخروقات التي قامت بها الجبهة ولا تزال تجاه المحتجزين في المخيمات وما إلى ذلك من تلاعبات تطال المساعدات الإنسانية الموجهة لهم.

القنصلية العامة للجزيرة وعلى رأسها السيد” عبد الفتاح اللبار”.

السيد “عبد الفتاح اللبار” المعين حديثا لدى دولة المكسيك،يشغل حاليا منصب القنصل العام للجزيرة الخضراء،رجل ربط علاقات كثيرة على مستوى السياسيين الاسبان في كل من ( الجزيرة الخضراء،مالقا،قادس) ،يسميه متتبعي الشأن القنصلي ب” مصلح القنصليات” إذ هو صاحب الفضل في إنجاز أوراش مهمة في ثلاث قنصليات عمل بها كقنصل عام(بالما دي مايوركا،تاراغونا،الجزيرة الخضراء) طبعا تلك الأوراش تمولها وزارة الخارجية من مالية الدولة غير أن “اللبار” ساهم فيها بشكل مباشر.

ولقنصلية الجزيرة الخضراء إعتبار خاص كونها ممرا رئيسيا لمغاربة العالم القادمين من جميع الدول الأوروبية ونقطة مهمة لعملية “مرحبا” التي تتم بتنسيق كامل بين السلطات الإسبانية والقنصلية المغربية،إضافة إلى وجودها قرب الميناء حيث يناط بها عملية رعاية المهاجرين المغاربة في كل مناسبة توقفت فيها حركة الملاحة البحرية بسبب سوء الأحوال الجوية.

“عبد الفتاح اللبار” ذو الحضور القوي في مختلف المناسبات التي تتعلق بالمغرب سواء كانت ذا طابع سياسي أو ثقافي تجده في الواجهة بمعية المسؤولين الإسبان الذين عبروا في أكثر من مرة ل”موقع هبة بريس” عن تقييمهم الإيجابي لمساهمات الرجل،كما كان له الفضل الكبير في نقل القنصلية العامة من بناية آيلة للسقوط إلى بناية حديثة تتوفر على مرافق تناسب مكانة المغرب في الخارج، أشرف على أربع عمليات العبور “مرحبا” كللت جميعها بالنجاح وتركت إستحسانا كبيرا لدى أفراد الجالية والسلطات الإسبانية، “هبة بريس” واكبت حضوره الفعلي في أكثر من مناسبة داخل ميناء الجزيرة الخضراء إما بسبب الإكتظاظ أو سوء الأحوال الجوية أذ تجده مداوما حتى ساعات متأخرة من الليل.

تعيينه سفيرا لدى المكسيك ليس بالمهمة اليسيرة كون هذه الدولة اللاتينية ما تزال تعترف بالكيان الوهمي،لكن الأمل قائم في تعيين مثل هؤلاء الديبلوماسيين الذين أبلوا البلاء الحسن في توطيد العلاقات بين المغرب وإسبانيا ولو على مستوى السياسيين(العمداء) وكانوا موضع فخر واعتزاز بالخدمات التي قدموها للوطن ونذكر منها إنجاح “أسبوع الداخلة” الذي إحتضنته بلدة”طوريمولينوس” رغم كل المحاولات التي قامت بها الجبهة لنسفه.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. بالنسبة لتعيين ثلاث قناصل باسبانيا سفراء بدول امريكا اللاتينية فيه منطق و دلالة منها اللغة و الثقافة اللاتينية المتداولة باسبانيا .

  2. لم يتحدث احد عن السيد بضوض القنصل الجديد ببرشلونةً المشهود له بالكفاءة و المعاملة الحسنة و علو كعبه السياسي و الإداري. رجل مواقف و ملفات في غاية الحساسية
    اختيار موفق. لانه رجل التوافق و التوازن و الاتزان
    احسن قنصل زاول بتولوز و ترك سمعة طيبة و اثرا وازنا لدى الجالية و السلطات و حتى لدى الجالية المغاربية
    برشلونة سوف تتغير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى