النقل السري .. نشاط غير قانوني يضرب بقوة بمدينة فاس

ع محياوي – هبة بريس

لا يمر يوم بمدينة فاس بدون استنكار ساكنتها لما آلت إليه الأوضاع نتيجة استفحال ظاهرة النقل السري في معظم شوارعه انطلاقا من فوضى قطاع سيارات الأجرة الصغيرة مرورا بالخطافة وصولا إلى الفوضى التي ينتجها قطاع سيارات الأجرة الكبيرة التي هي الأخرى احتلت المدار الحضاري بفاس بشكل غير قانوني.

وبالرغم من خطورة نتائج هذه الفوضى التي أخدت ” منحنى خطيرا ” وتداعياتها على السلم الاجتماعي والأمن والاستقرار، فإنها تزداد تغولا واستفحالا بشكل مريب ومرعب حتى اضحى مشهورا بالتعاطي لهذا النوع من النقل غير التقليدي والمسمى احيانا “غير القانوني” وأحيانا اخرى ” السري”.

فالصنف الأول من سيارات الأجرة يؤكد أغلب المتتبعين والمراقبين أن هذا الصنف يعيش على إيقاع فوضى عارمة تتعدد أشكالها وتجلياتها وتداعياتها، من ضمنها أن المئات من مهني هذا القطاع لا يستعملون العداد ولا يشتغلون وفق رغبات الزبون ولا يحترمون الظهير والدوريات الولائية المنظمة لهذه المهنة ، بل يتصرفون على أساس أمزجتهم ، فمنهم من يعمل على مستوى محاور محددة بأسعار جزافية بدون استعمال العداد وحمله من ثلاثة إلى خمسة أشخاص في كل سفرة، وكل فرد ملزم بالأداء، ويلاحظ أن أغلب العاملين بأسلوب ” الريكولاج ” يعملون بشكل موازي لحافلات النقل الحضري بفاس على مستوى جميع المحاور التي تربط أحياء فاس بعضها ببعض، يضاف إليها أشكال أخرى من الفوضى تتمثل في وجود سيارات أجرة صغيرة مزدوجة ووجود سائقين دون توفرهم على رخصة الثقة التي تخول لهم العمل بمجال قطاع سيارات الأجرة الصغيرة كما يستغلون الظرف وتجدهم أحيانا ينقلون في كل رحلة 4 أشخاص في مقعد الوراء ببعض الأحياء الشعبية و وسط المدينة ، ليبقى النقل السري سيد الموقف على الرغم من عدم قانونيته بحكم القوانين الجاري بها العمل، و هذا لا يعني أن الأمن غير موجود بالمدينة بل هناك حملات تمشيطية يوميا تقوم بها الدوريات الأمنية للهيئة الحضرية، فيما المواطن الفاسي يرد المزيد من الجهود للقضاء على هذه الظاهرة.

أما الشق الثاني من مظاهر فوضى النقل السري تؤججه سيارات الأجرة الكبيرة التي تشتغل بالمدار الحضري في خرق سافر لكل القوانين ذات الصلة، حيث يزداد عدد عربات هذا القطاع بشكل يومي إلى درجة أنه أصبح مهيمنا على مختلف محاور مدينة فاس الرئيسية الرابطة بين أحيائها، وهو الأمر الذي يتسبب في اصطدامات شبه يومية مع مهنيي قطاع سيارات الأجرة الصغيرة وما يعقب ذلك من فوضى واختناق للطرقات والمسارات الرئيسية خصوصا في أوقات الذروة، وهذا التصادم بين مهنيي الصنفين يدفع المئات من مهنيي الصنف الأول إلى اختراق القانون وبطريقة تزيد الوضع تأزما وتأزيما.

ولا مجال للحديث هنا عن مظاهر وأشكال أخرى من النقل السري التي يمارسها الخطافة في سيارات من نوع “الكونغو” و” بيرلانغو” وسيارات من الحجم الصغير وفي التريبورتورات، والتي سنخصص لها ملفا خاصا بها في وقت لاحق.

وصلة بموضوع الصنف الأول من سيارات الأجرة، أسرى لنا بعض المهنيين في ردهم على سؤال الفوضى الممارسة من طرفهم، بأن قطاع سيارات الأجرة الصغيرة يعيش فعلا على إيقاع فوضى عارمة، وأن المئات من السائقين لا يحترمون ضوابط وأخلاقيات المهنة، ( الراكولاج ، وعدم احترام رغبات الزبون)، مشيرا إلى أن من يغذي هذه الفوضى وتغولها هو عدم تطبيق القانون وصمت الجهات المسؤولة وغض بصرها وتغول مالكي الاكراميات ” agréments ” الذين قالوا أنهم يشكلون لوبيا فيما بينهم ويشجعون على الفوضى بدافع الجشع والربح السريع ما يدفع السائق إلى القيام بمخالفات خصوصا في ظل تغول قطاع سيارات الأجرة الكبيرة داخل مدار اشتغالهم، وهو ما يضر بمصالحهم المادية .

كل هذا الحراك الفوضوي الذي يتم في إطار منظومة النقل السري واللاشرعي سعيا وراء الربح اللاشرعي يهدد النسيج الاجتماعي والاقتصادي ويضر بالمصالح المادية لقطاع النقل الحضري بواسطة الحافلات وتهديد مستخدميها بالتشرد، خصوصا وأن جميع محطات الحافلات طيلة مساراتها، تحتلها سيارات الأجرة الصغيرة وأحيانا تنضاف إليها سيارات الأجرة الكبيرة على مستوى العديد من المحاور، وعاجلا أم آجلا سينفجر الوضع الاجتماعي بالمدينة وسيصبح من الصعوبة بمكان التحكم في نتائجه أو احتوائه إذا لم تتحرك السلطات العمومية المعنية بهذا القطاع لأن السلم الاجتماعي في خطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى