لزرق يكتب …سراب التنمية بدون الديمقراطية

يعتبر تحقيق التنمية شرطا حيويا لتجدير الديمقراطية وتمتين مرتكزات المواطنة ، وبلورة مدلول لدسترة الخيار الديمقراطي الذي لغاية الْيَوْمَ لم يواكبه بروز مشروع تنموي حزبي، بالنظر لكون الأحزاب السياسية اعتادت ممارسة السياسية ليس بالمشاريع الاقتصادية و مقارعة البدائل بل من خلال التكتيك السياسي و تقافة رفع الصوت و المزايدة، في خضم هذا المشهد السريالي، لم تواكب هذه الإصلاحات الدستورية، بروز كفاءات قادرة على ترجمة الإصلاحات الدستورية إلى ممارسة عملية مما جعل هذه الإصلاحات غير ذات اثر وتعرف بطيء التنفيذ، و في خضم هذا الوضع برزت أحداث اجتماعية في بعض أقاليم المملكة، جعلت بعض الأصوات تتجه إلى المناداة بإعطاء أسبقية التنمية الاقتصادية على تجدير الديمقراطية، وفق رؤية اختزالية تميل إلى تبني فصل تعسفي بين الديمقراطية والتنمية، والحال أن عدم بلوغ مرحلة التنمية وتحقيقها يعود أساسًا إلى تعثر في تجدير الديمقراطية، كحمولة وثقافة. و ليس فقط كصناديق للاقتراع زجاجية.

فما عرفه المغرب من موجة احتجاجات وتحركات شعبية كبيرة، بداية من حراك الريف، حيث تشهد مدن الشمال احتجاجات متواصلة للمطالبة بالتنمية ورفع التهميش ومحاربة الفساد، وصولًا إلى احتجاجات منطقة “جرادة” المطالبة هي الأخرى بالتنمية، مرورًا بـ”حراك العطش”، في مدينة زاكورة، للمطالبة بتوفير الماء الصالح للشرب في المنطقة التي تعاني منذ فصل الصيف نقصًا شديدًا في المياه، فضًلا عن الانقطاعات المتكررة.

صحيح هذا الوضع، يتطلب، تعجيل بضرورة بلوغ مرحلة التنمية، لكن بشكل متوازي مع مؤسسات ديمقراطية قوية، لأن التنمية المستدامة تمر لزوما من خلال تجدير الديمقراطية، و القول بالعكس بالمراهنة فقط على التنمية في

ظل غياب مؤسسات ديمقراطية قوية، يكون بلوغ مرحلة التنمية من قبيل الوهم، و هنا أجزم أن بلوغ مرحلة التنمية سيبقى مرهونًا بتجدير الخيار الديمقراطي، وتقوية الدولة الاجتماعية التي ترسخ المعايير والقوانين والسياسات الشفافة في جمع الموارد المالية وتوزيعها، وفي صياغة البرامج الاجتماعية ومراقبتها من أجل ضمان عدالة اجتماعية شاملة.

النموذج التنموي الجديد ، يستوجب بالضرورة صياغة مخطط تنموي يقوم على تقوية الدخل القومي وبلورة رؤية مستقبلية قوامها رفع تحديات العولمة واقتناص فرصها، يتطلبان توفير شروط كثيرة، تأتي في مقدمتها توفير مؤسسات ديمقراطية تمكن المواطنين من المشاركة في صياغة مستقبل وطنهم والاختيار الواعي والمسؤول بين الخيارات التنموية المتاحة وطرق ووسائل بلوغها، وبالتالي إجراء مفاضلة صحيحة بين التكاليف والمردودية المتوقعة لكل من هذه الخيارات.
فالنموذج التنموي المعتمد بالمغرب مند حكومة التناوب التوافقي، و القائم على تشجيع الاستهلاك الداخلي لم يعد قادرا على الإجابة على الحاجيات المجتمعية، في ظل التحولات المجتمعية و التغييرات السياسية ما بعد الأزمة الاقتصادية الدولية و بزوغ مرحلة النيولبرالية، اتجهت

الخيارات المغربية في الاندماج في الاقتصاد الإقليمي و الدولي، الذي يفرض نموذج تنموي يشجع الصادرات و يحقق التنافسية، و ما يفرضه هذا من حزمة من الإصلاحات، أولها تحمل المسؤولية السياسية في تنفيذ هده الإصلاحات، والتي تفرض رؤية واضحة لإصلاح الإدارة وتشجيع الاستثمار وتبسيط الإجراءات الإدارية، و تسريع لتصحيح الاختلالات. كلها يحتاج لحكومة مسؤولة سياسية و متضامنة في القرارات التي تتخذها، وذاك لضمان نجاح هذه الأوراش، كما ينبغي أن تكون لها مقاربة تشاركية، لضمان رقابة شعبية فعالة لمواطن غيور ومشارك في القرار، وحدها التي تستطيع القيام بمهمة الكشف عن جوانب القصور ومواطن الفساد والممارسات المنحرفة بفعالية، فآليات الرقابة، سواء البرلمانية أو الحكومية، على أهميتها تظل غير فعالة، بالنظر للمزايدات السياسية، والاتجاه إلى التسييس الدائم لكل الآليات، مما يجعلها تزيغ عن الحيادية والنزاهة.

فالعديد من المقصرين والمنتفعين من الفساد، لهم حماية سياسية، وهذا ما يجعل المؤسسات التمثيلية والتنفيذية غير قادرة على كشف الحقائق وإدانة المقصرين والمفسدين. أو كما تم في التعديل الحكومي الأخير الذي تم فيه تحيد الأثر السياسي لتعديل عبر تعديل شخص بشخص تكون أن تشمل المسؤولية السياسية أحزاب التي اقترحت وزارة موضوع التقصير.

أن بلوغ مرحلة التنمية، يظل مرهونًا بإرادة سياسية وقوانين واضحة ومؤسسات قوية ومؤسسة قضائية مستقلة ومجتمع مدني فاعل وإعلام قوي، لأن التنمية لا تختزل في زيادة المعدلات الحسابية وارتفاع الدخل القومي فقط، بل بمنظورها الشمولي، الذي يشمل الجوانب الاجتماعية والبيئية للتنمية، إضافة إلى الحقوق السياسية للمواطنين، وصولًا إلى الحرية والديمقراطية.

فهناك ضرورة اجتماع كل هذه المؤشرات حتى تتحقق التنمية المستدامة، فإن لم يتم إرفاق النمو الاقتصادي بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية والحفاظ على البيئة للأجيال القادمة وتأمين الحقوق المدنية للمواطنين وتمكينهم من تطبيق مبادئ الديمقراطية بما فيها حرية الاختيار وخضوع السلطة السياسة للمساءلة، فإن التنمية، بمعناها الشمولي، تعتبر تنمية ناقصة أو محدودة الجانب.

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. تحليل إنشائي يذكرني بفصول المدرسة الابتدائية معتمدا على الحشو والنقل والنسخ دون عمق .

  2. المجال لم يعد يسمح بكثرة الكلام والقيل والقال الوضع الان يقتضي العمل الفعل ااممارسة للخروج من هذا النفق باقل خساءر ممكنة والا سيخسر الجميع

  3. إن لم يبدأ التغيير بالمحاسبة والسجن لرؤوس آل ساد بحجم حقاءبهم سواء من الوزارات أو البرلمان أو الدولة العميقة .لن يكون هناك تغيير. استرجاع مال الشعب للشعب.وتطبيق من اين لك هدا. الكل سواسية.

  4. إن لم يبدأ التغيير بالمحاسبة والسجن لرؤوس آل ساد بحجم حقاءبهم سواء من الوزارات أو البرلمان أو الدولة العميقة .لن يكون هناك تغيير. استرجاع مال الشعب للشعب.وتطبيق من اين لك هدا. الكل سواسية.

  5. هل رأيتم أحدا يريد ان يقرأ كتابا و يفهمه يبحث لأجل ذلك على مكان تسود فيه الضوضاء و يعلو فيه الضجيج؟ هل رأيتم أحدا يريد أن يصنع شيئا يُعمل فيه يديه قبل أن تكون عنده فكرته و علمه؟ و هل يكون التفكر و التعلم حيث الصخب و ربما حيث يلعب الأطفال بمفرقعات عاشوراء, حيث الإزعاج و ربما الخوف و الفوضى و الهلع؟ أيها الشعب اسمع هذه من أخيك المذنب, تمعن في كل كلمة من هذا البلاغ ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) قُلْ إِنَّمَا يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ) الأنبياء, الكتب ؟ مثلٌ في وصف بداية الخلق البديع فتحُ الكتب ؟ وبماذا ترتبط الكتب ؟ هل بالفوضى ؟ هل بالتفلّت ؟ هل بالعشوائية ؟ هل بالجهل ؟ هل بالخوف ؟ هل بشظايا الإنفجار الكوني الخرافي الخزعبلاتي؟!! أم بالنظام و الإرادة و القصد و الترتيب و السيطرة و القدرة و العلم ؟ أ لا زلت لم تفهم القصد أيها الشعب ؟, فأجب بنفسك إذن و ارفع عينيك إلى صورة المقال و انظر إلى كل الثورات و الحراكات بماذا ترتبط صورها ؟ هل بالهدوء و السكينة ؟ هل بالرحمة و الطمأنينة ؟ هل بالعلم هل بالنظام ؟ هل بالسيطرة و التحكم ؟ و هل تنتظر أن يخرج منها شيء بديع و جيد ؟! ما يحتاجه الكل ليس نشر السلبيات و إفشاءها و لا الضجر و الضوضاء و لا الصخب و لا الخوف و لا الصراخ و لا الغضب و إنما السكينة و الهدوء و الطمأنينة و التفكر, ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) ۞ مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ) رعات نظرية الإنفجار الكوني و رعات نظرية التطور القردي و رعات الفساد اللامادي و المادي و رعات الثورات و الحِراكات و رعات صنوف الهرطقة و الدجل و الفوضى “الخلاقة” بطريقة أو بأخرى رجيم واحد.
    و يقولون يجب محاسبة رؤوس الفساد و إدخالهم السجن! و لماذا الرؤوس فقط ؟ هل تعلم لماذا ؟ لأنك لو تتبعت خيوطه و أسبابه, لم يسلم من المحاسبة و السجن أحد حتى من يقولون إلا الأطفال و العاجزون و ربما حفنة قليلة معهم, و ها أنت حصدت الرؤوس و جئت برؤوس فعلى أي شيء تقيمها, أما الطابق العلوي فجيد و أما السفلي و الأساسات فمن رمل يا صاحبي, ما أجمل هذا البناء و يرحم الله الساكنين.
    و يريدون قُفة من ذهب و يريد الفرات أن يحسر على جبل منه, و يريد الناس أن يتقاتلوا عليه حتى يبقى الواحد من المائة, أفتوا الشعب يا طالبي القفف الذهبية, بعد أخذ القفة هل يذهب هذا الشعب ليأخذ من ذلك الجبل ؟
    أيها الشعب حافظ بهدوئك على دولتك و لتلتف حولها غير هذا هو الهلاك.

  6. و الله أخويا الراجي ماكاتحشم لسانك طويل و ماضابط حتى لغتك آخر الزمان هذا, يبحث عن و ليس على و رعاة و ليس رعات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى