يونس لوليدي: قراءة مغايرة في التراث الإسلامي ومعيقات الحوار

اختتمت برحاب قاعة المديرية الجهوية للثقافة بفاس سلسلة ندوات للدكتور يونس لوليدي وإدارة الدكتور ادريس البوعباني و من تقرير الدكتور محمد الزهر الزموري، محاضرات يونس لوليدي جاءت في إطار الأنشطة الثقافية الإشعاعية التي تعرفها مدينة فاس، بشراكة مع جمعية أصدقاء المدينة للثقافة والفن ومع كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز فاس، وبتعاون مع المديرية الجهوية للثقافة بجهة فاس مكناس.

وقد حضر هذه المحاضرات نخبة من الفعاليات السياسية والدينية والعلمية. وكان موضوع المحاضرة الأولى ليوم 11 ماي ، “التراث الإسلامي: قراءة مغايرة” حيث تطرق المحاضر إلى تحديد المفاهيم و توضيح الفرق بين التراث الإسلامي كإنتاجات فكرية لمسلمين تهم مختلف التخصصات الدينية من فقه وسيرة نبوية وعذاب قبر وما جاورها، وبين الإسلام كدين يحدده القرآن الكريم وما صح من السنة النبوية، مؤكدا ومسطرا على قوله “ما صح” من السنة النبوية، مرورا بمختلف الفرق والمجموعات الإسلامية وكذا مختلف المذاهب, مشيرا إلى خطورة هذه التفرقة المذهبية وما تؤدي إليه من انقسامات وصراعات، مبينا أن هاته التقسيمات تخالف أوامر الله سبحانه وقوله تعالى في سورة الأنعام: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)، كما عرف يوم السبت 25 ماي محاضرة لدكتور يونس لوليدي بعنوان” حوار بين الأديان أم حوار ديني ” حيث نبه المحاضر إلى بعض العتقادات الخاطئة لدى السواد الأعظم من المسلمين والتي ترتبط بمفاهيم بالقرآن الكريم، مشيرا إلى مجموعة من الأدلة المستخرجة من القرآن الكريم من أجل تبيين ألا وجود لمصطلح “ديانات” وإنما يوجد دين واحد هو “الإسلام”، حيث يعتبر الإسلام هو رسالة الله إلى العباد منذ إبراهيم ونوح إلى آخر الرسل وخاتمهم، محمد صلى الله عليه وسلم، كما عرج على سورة الفاتحة موضحا أن مجموعة من التفاسير التقليدية لمفسرين معتمدين من أهل السنة والجماعة، اللذين فسروا قوله تعالى “المغضوب عليهم” بكونهم اليهود وحدهم وقوله تعالى “الضالين” بكونهم النصارى وحدهم.

مشيرا إلى أن هذا التفسير هو أكبر عائق أمام حوار الديانات أو الحوار الديني، ومن أجل دحض ما ذهب إليه المفسرون، عمد الدكتور يونس لوليدي إلى استخراج كل الآيات التي ورد فيها قوله تعالى: “الصراط المستقيم” و”المنعم عليهم” و”المغضوب عليهم” و”الضالين”.

مؤكدا على أن شروط الطريق المستقيم تسعة ، عدم الشرك، والإحسان بالوالدين وعدم قتل الأولاد خشية الفقر وعدم الاقتراب من الفواحش وعدم قتل النفس إلا بالحق وعدم الاقتراب من مال اليتيم وعدم الغش في الكيل والميزان والعدل عند القول والوفاء بعهد الله، وأن أن نعمة الله لا تنحصر في أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقط وإنما عامة على كل من اتبع أوامر الله ومن أراد الله له ذلك، أن المغضوب عليهم لا تخص اليهود حيث أن ذكر بني إسرائيل يأتي كمسألة عرقية وليست دينية –اليهود- كما أن الغضب على بني إسرائيل يأتي كجزء من الغضب الموجه إلى عدد من العباد المختلفين وليس على بني إسرائيل حصرا. حيث يكون الإنسان مغضوب عليه إن اقترف ما يغضب الله، بغض النظر عن ملته أو شريعته أو منهاجه، ويدخل في هذا الإطار: المنافقون، والكافرون، ومن قتل مؤمنا متعمدا والكافر بنعمة الله، و أن الضالين كل من كفر بعد إيمانه، كل البشر قبل أن يهديهم الله، كل من قتل نفسا، كل من كان يعبد الأصنام، كل من كان فاسقا، كل امرأة لم تأت بالشهادة على حقها، كل من أشرك بالله، كل من كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، كل من قنط من رحمة الله، قوم فرعون وقوم موسى. ثم انتقل المحاضر وحدانية الدين عند الله وأن الأمر يتعلق بدين واحد وليس عدة أديان، وبالعودة إلى الآيات القرآنية وإلى روح الدين الإسلامي بين أن منطق الواحد الأحد الفرد” يقتضي دينا واحدا لان سوى ذلك سيؤدي إلى تعدد صور الإله في عقول متبعي الديانات.و أن الله لم يسم دينه لا نصرانية ولا يهودية بل هم من سموا أنفسهم بذلك، ثم دين الإسلام محكوم بأربع قواعد هي: كون الدين عند الله الإسلام، التصديق بالسابق والتبشير باللاحق، كون الرسل يخاطبون أقوامهم الخطاب نفسه، تصديق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لمن سبقه الأنبياء والكتب، مؤكدا أن ذكر “أهل الكتاب” في القرآن لم تأت تمييزا للدين وإنما هي تمييز بين من كان كتابه تاما ومن كان كتابه غير تام، وذلك لأن القرآن في تلك الفترة لم يكن قد اكتمل بعد وكان الوحي ما فتئ ينزل على النبي، وأن الإسلام دين رحمة ودين تعايش وحوار، وألا وجود لحوار بين الأديان بقدر ما يتعلق الأمر بحوار ديني داخلي، حيث الدين واحد، والإله واحد.وقد انتهت هذه السلسة العلمية بموضوع” عوائق الحوار الديني” حيث استعرض المحاضر ضرورة الحوار الديني وأهميته في الحد والقضاء على ظاهرة التطرف والإرهاب والتفرقة بين الأديان ومعتنقيها، إلا أن بعض العلماء والدعاة المسلمين- مثل بكر بن عبد الله أبو زيد و د.محمد عمارة- يعارضون فتح الحوار مع غير المسلمين بالرغم من أن ألفاظ”أهل الكتاب، وبني إسرائيل، والنصارى، واليهود” قد وردت واحدا وثمانين مرة في القرآن الكريم، كما أن الله قد طلب من موسى أن يذهب إلى فرعون ليقول له “قولا لينا”، لذلك يبدو من غير المنطقي أن يقوم عالم أو داعية مسلم برفض ما يدعو الله أنبياءه إليه، وبالمقابل نجد أئمة مسلمين آمنوا بالحوار ومنهم ابن القيم الذي أكد على إقامة الحجة والبرهان عند فتح باب الحوار مع الآخر، هذا الحوار الذي تحدثت عنه العديد من الآيات القرآنية، موضحا أن هناك مجموعة من العوائق التي تقف في وجه الحوار الديني، مشيرا أن هناك من المسلمين من يعترض على الحوار مع الآخر لأن دينه قد تفرق إلى مذاهب وطوائف، لكن هؤلاء ربما لم ينتبهوا إلى أن المسلمين أنفسهم قد تفرقوا إلى مذاهب وطوائف مثل: السنة، الشيعة، المالكية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى