والي أمن تطوان … مسار مهني حافل لأمني يستحق مليون تكريم

يسير الإيحيائي _ هبة بريس _
يستحيل الحديث عن مدينة تطوان دون ذكر أعلامها ورجالاتها الصناديد الذين أعطوا الكثير في شتى المجالات، سواء أولائك الذين قاوموا الإستعمار الإسباني وأجبروه على جر ذيول الخيبة عائدا من حيث أتى، أو أولائك الذين نوروا العقول باجتهاداتهم الدينية في وقت كان العالم يفتقر فيه إلى منصات التواصل والإعلام بمختلف مكوناته،حتى صاروا جزءا لا يتجزأ من ذاكرة المدينة وحضارتها لدرجة أن شوارع كبرى سميت بأسمائهم إعترافا لهم بمساهماتهم الفعلية ولو أنهم أموات يرقدون تحت الثراب.
فانطلاقا من أن الشعور بالأمن والطمأنينة هما أحدا أهم ركائز التطور والتنمية الإقتصادية في كافة دول العالم لا بأس أن نسلط الضوء على خصوصيات هذه المدينة السياحية الجميلة،ونحاول ربط ماضيها بحاضرها مستذلين ببعض الوقائع والظواهر الإجرامية التي عاشتها قبل العشرية الأخيرة في أحياء صنفت ” نقطا سوداء” من طرف المواطنين قبل السلطات،ومدى تفاعل الجهات الأمنية وتعاطيها مع هذا الملف بغية إستثباب الأمن وردع المخالفين،لا بل والضرب بيد من حديد على مرتكبيها وتقديمهم للعدالة واحدا تلو الآخر باعتبار تلك المظاهر الإجرامية تصنف ضمن خانة تهديد سلامة المواطنين والترويج للفوضى وغياب الأمن في دولة القانون والمؤسسات وهو الأمر الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال السكوت عنه ولا القبول به مهما كلف من تضحيات جسام وعمليات محفوفة بالمخاطر قد يتعرض لها رجل الأمن أو رجال الأمن بمختلف رتبهم أثناء تدخلاتهم لإلقاء القبض على هؤلاء الجانحين.
ليس من محض الصدفة أن تنعم مدينة الحمامة البيضاء بالأمن والطمأنينة خلال السنوات الماضية وإلى غاية اليوم لولا وجود رجال أكفاء يعملون في الخفاء،ساهرون على تتبع كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالشأن الأمني، وما أدراك ما الشأن الأمني لمدينة محاذية لثغر سليب،ساهم على طول عقود من الزمن في إدخال كل أصناف الممنوعات نحو التراب الوطني كالخمور والمخدرات الصلبة والأقراص المهلوسة، شأنه شأن المعابر الحدودية الأخرى المتاخمة لدولة إسبانيا التي نعتبرها نحن المغاربة أكبر خطر يهدد الإقتصاد الوطني وسلامة عقول الشباب خاصة، رغم إجراءات البحث الصارمة التي تباشرها مختلف الأجهزة الأمنية للحيلولة دون إدخال السموم إلى الجانب المغربي،وفعلا نجحت في ذلك إلى حد بعيد حيث لا يكاد يمر يوم إلا وتصدر بلاغات الإطاحة بمهربي تلك السموم وتقديمهم إلى النيابة العامة المختصة.
حملات التطهير المختلفة جعلت من “الأماكن السوداء” التي كانت بالأمس القريب هاجسا لدى الساكنة التطوانية بسبب التخوف الكبير من ظاهرة “التشرميل” و”قطاع الطرق ” أحياء أمن وأمان تنتشر فيها العناصر الأمنية الراكبة منها والراجلة،إذ صار من المستحيل فيها تنفيذ العمليات الإجرامية ولو في وقت متأخر من الليل، وهذا ما تتفق عليه ساكنة المدينة بالإجماع لدرجة أنها إنتفضت في وجه حملات عدائية إستهدفت السيد “محمد لوليدي” في وقت سابق وأعلنت تضامنها اللامشروط معه ضد الحرب التي شنها على كبار تجار ومروجي المخدرات في كل من المدن التابعة لنفوذه،حيث لا يكتفي الرجل بإعطاء التعليمات من مكتبه لتوقيف هذا أو ذاك، بل تجاوز ذلك بالحضور الفعلي في الميدان ومشاركة عناصره في جل العمليات الأمنية سيما تلك التي تستهدف تجار الكوكايين في الغابة الشهيرة بصعوبة مسالكها وتضاريسها “غابة بينيا” التي كانت تعتبر ملاذا آمنا لكل المجرمين.
وإيمانا من الرجل أن أولوية الإصلاح تنطلق من المحيط الداخلي كان لزاما عليه أن يجري تنقيلات واسعة في صفوف عدد من المسؤولين الذين ثبت في حقهم التقصير تجاه واجبهم المهني وتغييرهم بآخرين يراهم أكفاء تنفيذا لتعليمات المديرية العامة للأمن الوطني التي شملت إصلاحاتها جميع الهياكل مباشرة بعد تنصيب السيد ” عبد اللطيف الحموشي” ووصفه رجلا للمرحلة بامتياز،كونه من أعاد للأمن هيبته وعززه بما يلزم من التجهيزات الضرورية حرصا على سلامة أفراده وسلامة المواطنين.
فمن لا يشكر الخلق لا يشكر الخالق، وعليه يستحق والي أمن تطوان مليون تكريم بشهادة الجميع,ولعل مبادرة “جمعية تمودة الثقافات” التي كرمت بالأمس السيد “محمد لوليدي” هي إعتراف وتنويه كان لا بد منه ليكتب بماء من ذهب حول مسار رجل تعترف له المدينة بالجميل وتصنفه أحد أهم رجالاتها لما أبان عنه من تفان ونكران للذات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى