المغرب و التحولات الجيوسياسية بالشرق الاوسط والخليج الى أين ؟؟

ع اللطيف بركة : هبة بريس

تعتبر مستجدات القضية الفلسطينية و صفقة ” القرن ” بالشرق الاوسط ، واستمرار مقاطعه قطر الذي يشرف على السنتين من خامس يونيو 2017، وأزمة الغزو على اليمن والتطورات الاخيرة مع ايران، أهم الملفات التي هيمنت على الحياة السياسية العربية، مؤخرا، بعد مرحلة الربيع العربي.

تحولات يعتبر المغرب عنصرا أساسيا بها، بدأ بموقف المملكة الذي فاجأ الجميع، بعد الميل نسبيا الى أزمة دولة قطر مع جيرانها ” السعودية والإمارات” والتي حاول أن يلتزم المغرب الحياد، ولعب دور الوساطة بين الاشقاء الخليجين، غير أن الرياض وأبو ظبي لم تتحاوبا بشكل ايجابي مع موقف المغرب ، وبدأ التوتر الذي لم يتم تجاوزه حتى الآن.

أزمة الرياض وأبو ظبي مع قطر بالخصوص وحصارها، دفع بعدد من عواصم العالم الى التدخل في الملف من موسكو وبكين و لندن وباريس وواشنطن وبرلين وروما، حيث جرت مساع متعددة لإرساء الحوار بين الفرقاء الخليجيين بينما كانت تعمد في بعض الأحيان، وخاصة واشنطن، إلى الاستفادة من النزاع للتوقيع على مزيد من صفقات الأسلحة أو صفقات تجارية. في الوقت ذاته، تناسلت روايات كثيرة بما فيها التي نشرتها الصحافة الأمريكية تتحدث عن فرضية غزو سعودي-إماراتي لقطر، لكن أصحاب هذه الفرضية يتناسون عنصرا جيوسياسيا هاما وهو “لا يمكن لدولة حليفة للولايات المتحدة غزو دولة أخرى حيث توجد قاعدة أو قواعد عسكرية أمريكية”.

لقد حاولت الرياض تزعم الصف العربي وخاصة الأنظمة الملكية لتضييق الحصار على قطر بدءا من المقاطعة الدبلوماسية إلى التجارية والسياسية. وعمدت قبل 5 يونيو 2017 بأسبوع، تاريخ إعلان الحصار إلى الاتصال بعدد من العواصم العربية والأنظمة الملكية لتنخرط في الحصار، ومنها الرباط وعمان. وقبلت الأخيرة الانخراط في الحصار نسبيا من خلال إغلاق مكتب “الجزيرة” والتخفيض الدبلوماسي، بينما رفض الملك محمد السادس طلب السعودية بل وطالب الملك سلمان بن عبد العزيز التريث وعدم فتح ثغرة جديدة في الصف العربي المنهار أصلا. ويعود رفض المغرب إلى أسباب متعددة أبرزها ما يمكن اعتباره “العجرفة السعودية”، اعتبارا أن حصار قطر ماهي خطة في أجندة ولي العهد محمد بن سلمان ضمن مشروعه الجديد للتحكم في قرار العواصم العربية ومنها الأنظمة الملكية، حيث كان مبعوث الرياض إلى الرباط المكلف شرح ملف حصار قطر يتحدث باسم ولي العهد أكثر من الحديث باسم الملك سلمان.

وفي السياق نفسه، حاولت الرياض التعامل مع المغرب كدولة تابعة تتوصل بالأوامر للتطبيق وليس كدولة لديها رأيها وموقفها، إذ تناست الرياض عدم تناول المغرب في ملفات وقضايا معينة وإن تعلق الأمر بالولايات المتحدة كما حدث سنة 2013 عندما أقدمت الرباط على تجميد المناورات العسكرية الأمريكية-المغربية بعدما حاولت واشنطن فرض مراقبة حقوق الإنسان ضمن مهام قوات المينورسو في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية .

المغرب اعتبر أن حصار قطر هو خطأ جديدا مشابها لحرب اليمن. فقد اعتبرت الرباط أنها تورطت في حرب اليمن بعدما كانت الحسابات الأولى هي نهاية الحرب في أقصى مدة لن تتجاوز ثلاثة أشهر، لكن حدث العكس، وأصبح الرأي العام المغربي يندد بالمشاركة لاسيما بعد سقوط ربان مغربي وتسجيل جرائم وصلت إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية.

كما ان سياسة الرباط المتمثلة في الابتعاد عن المشاكل في الشرق الأوسط طالما الدول المشرقية تتناحر فيما بينها بشكل سلبي . وكانت الرباط تدرك معارضة الرأي العام المغربي لحصار قطر، من أجل مناهضة مخططات السعودية التي يعتبرونها وبالا على العالم العربي، وكذلك بسبب ان الرأي العام يحاول ان تبتعد المملكة عن مشاكل دول الخليج بعد عدم التجاوب مع وساطة الرباط .

فالمغاربة تمنوا موقف الرباط في إرسال المواد الغذائية لقطر بعدما كادت أن تنفد جراء الحصار المفاجئ، وهي خطوة رحب بها القطريون. في الوقت ذاته، رفع مستوى العلاقات مع القيادة القطرية سواء في التنسيق في الملفات أو رفع التمثيل الدبلوماسي. وعلاقة بالنقطة الأخيرة، بينما غادر السفير الإماراتي الرباط بطلب من المغرب بسبب خرق فظيع لأعراف الدبلوماسية وليس بقرار من أبو ظبي، قامت قطر بتعيين إبراهيم حمد المانع سفيرا فوق العادة مفوضا لدى المغرب.

لقد كان الكثير من الخبراء ينتظرون ردا قياسيا من الإمارات والسعودية على سياسة الرباط تجاه قطر. وعمليا، أقدم البلدان على إجراءات عقابية أهمها: تقليص الاستثمارات في المغرب وتقليص المساعدات المالية. لكن هذه الإجراءات بقيت بدون مفعول لأن المساعدات المالية من طرف البلدين ضئيلة للغاية ودون ما التزمت به دول الخليج إبان الربيع العربي عندما قرر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز مساعدة كل من المغرب والأردن لمواجهة رياح الربيع العربي. وتبقى هذه المساعدات دون الأوروبية بكثير. في الوقت ذاته، الاستثمارات الإماراتية والسعودية تراجعت منذ سنوات بل الاستثمارات الإماراتية خلقت للمغرب مشاكل بسبب انسحابها من مشاريع واضطرت الرباط تولي مسؤولية تلك المشاريع.

وفي ظل عدم تأثير العقوبات الاقتصادية، انتقلت السعودية والإمارات إلى معارضة استضافة المغرب كأس العالم، وصوتت للولايات المتحدة، مما تولد عنه غضب شديد تجاه الأمير محمد بن سلمان وأصبحت السعودية محط انتقاد لم يحدث من قبل في الصحافة المغربية. وتتالت الخطوات الانتقامية، ووصلت إلى ملف الصحراء، حيث حاول البلدان تقديم رؤية منحازة لجبهة البوليساريو في إعلامهما. وكانت هذه هي النقطة التي أفاضت الكأس، حيث عمدت دبلوماسية الرباط ولأول مرة إلى توجيه انتقادات علنية إلى أبو ظبي والرياض بسبب ما اعتبرته “صبيانيات الدبلوماسية” واستدعت السفيرين للتشاور.

ورغم وجود تناقض شبه دائم بين الرأي العام المغربي والسلطات في القضايا الخارجية، أصبح الجميع ضد الإمارات والسعودية.

لقد تسبب حصار قطر في سابقة في تاريخ الدبلوماسية المغربية وهو تخليها عن دعم العربية السعودية والتزام مسافة من قضايا الشرق الأوسط والخليج.

غير أن الملف الايراني في قمة ” مكة” جمع شمل الدول العربية من جديد، وحضره المغرب وكذلك قطر، مما يسير في اتجاه وجود انفراج دبلوماسي خصوصا مع قطر، بينما المغرب لازال كل قنواته الدبلوماسية مفتوحة مع الخليج.

لكن رؤية الملفات العربية، جعل الرباط تصطف الى جانب الاردن وقطر، خصوصا في الملف الفلسطيني، مع انتهاج سياسة موحدة تجاه مخططات واشنطن واسرائيل وبعض زعماء دول عربية حول ما اطلق عليها ب ” صفقة القرن” .

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. المغرب اتخد موقفا حكيما في قضايا الخليج ولا سيما بعد سحب قواته العسكرية من حرب اليمن.

  2. الشرق الاوسط لا يأتي منه خير.علينا مراجعة دستورنا من ناحية الهوية اللغوية والثقافية والدينية.والعمل على تنزيل مقتضياته.باعتبار اللغة العربية لغة اجنبية واعتماد الصينية او الانجليزية او الروسية كلغة رسمية.😅.واجتثات فكرة الدين من العقول بصفة تامة .وطمس كل هذا الموروث العفن المرتبط بالعربية والدين .😅 دير هدشي كااامل وشووف واش تهنا من مكائد قريش ولا محاال 😅.هذا رأي متطرف قدمته من باب التنكيت 😅

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى